مقالات

قفة رمضان.. وثقافة التسول :حميد روابا

قفة رمضان.. وثقافة التسول
يحل رمضان وتتذكر الحكومة الجزائرية فجأة الفقراء والمعوزين، الذي لا يقدرون على توفير لقمة العيش. وتغشى رجالها رأفة ورهبانية مبتذلة، سمجة، وهم يتحدثون عن التراحم والتعاون والإحسان وإطعام المسكين وغيرها من قيم الدين الإسلامي، الذي يرفسونه في كل حين.
فهم لا يعرفون الدين الإسلامي إلى في زياراتهم للزوايا وعندما يأمرون أئمة المساجد بصلاة الاستسقاء والدعوة على الأيادي الخارجية التي تتربص بنا.
ويعرفونه أيضا في رمضان، عندما يستيقظ فيهم الورع والشفقة، على حين غرة، وتنهض فيهم روح الإنفاق والصدقات على الفقراء والمساكين، من أموال الشعب، ومقدراته.
ومن بين اختراعات رجال الحكم في الجزائر وإنجازاتهم العظيمة، ومن الأعمال التي يداومون عليها، في شهر الصيام هي قفة رمضان.
مهرجان قفة رمضان فرصة ذهبية للنظام يشحن فيه بطاريات الإلهاء والتنويم المغناطيسي الذي يمارسه على الشعب المسكين والتائه، فيشغله في “شهر الأكل” بصفائح الزيت وعلب السكر والمعكرونة، التي يوزعها أمام الكاميرات على المسحوقين والمقهورين في عيشهم.
وأغرب ما في هذه الظاهرة أن المسؤولين يفتخرون كل عام بتزايد عدد قفف رمضان التي وزعوها على الجزائريين المحتاجين للزيت والسكر والمعكرونة، كأن تزايد عدد القفف ليس دليلا على توسع الفقر والعوز في بلاد المليارات المنهوبة والمهربة والمهدرة.
والعارفون بخبايا كرنفال قفة رمضان يؤكدون أن أغلب هذه المواد البائسة لا تصل إلى المحتاجين والمعوزين فعلا، بل تتخطفها أيادي المتسلقين والنهابين الذين يرقصون لرجال الحكم وأعوانهم، فيأخذونها دون الحاجة إليها لأن الجوع أصيل فيه، حتى إن شبعوا.
الحكومة ليس دورها توزيع قفة رمضان والجزائريون ليسوا لاجئين في بلادهم.
العمل الخيري والاهتمام بالفقراء والمحتاجين في كل العالم وظيفة الجمعيات الخيرية ورجال الخير والتطوع الإنساني، هم الذين يأخذون من أموالهم ويعطون الناس ردا لجميل المجتمع فيهم وخدمة للإنسانية وعملا بقيمها، وبقيم الأديان التي يؤمنون بها.
الحكومات مهمتها توفير العمل لمواطنيها والرعاية للضعفاء منهم، ليس من باب الصدقة أو في مهرجانات، وإنما هو نظام اجتماعي وواجب تضطلع به الحكومات وتحاسب عليه، من الناخبين.
عندما يرتفع عدد الفقراء في العالم الأول تسقط الحكومات، وعلى رجال الحكم أن يعرفوا أن مهرجان قفة رمضان لا فخر فيه ولا مجد. وإنما هو نشر لثقافة التسول ومد اليد بين الناس.

https://www.facebook.com/hamid.rouaba?fref=nf

كلمات مفتاحية