إعلام

أزمة النفط تخنق الصحف الخاصة في الجزائر

يعيش قطاع الصحافة في الجزائر على وقع أزمة خانقة بسبب تراجع أسعار النفط وتداعيات ذلك على الإعلانات التي تمثل مصدر تمويل مهم بالنسبة إلى الصحافة المكتوبة التي تعاني أيضا من تضييق سياسي خاصة على الصحف المستقلة وغير الموالية للنظام القائم.

العرب – الحرية خلف القضبان

الجزائر – حذرت منظمات مستقلة من أن الأزمة النفطية في الجزائر باتت تهدد وجود العشرات من الصحف، بسبب تراجع سوق الإعلانات. وتزامنت هذه التحذيرات مع ما يُسمى اليوم الوطني للصحافة بالجزائر أو “عيد الصحافة” يوم السبت.

و22 أكتوبر هو يوم يرمز لذكرى صدور أول صحيفة تسمى جريدة المقاومة الجزائرية في عام 1955‎، كناطقة باسم الثوار ضد الاستعمار الفرنسي.

وأكدت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان (مستقلة) أن “أغلب المؤسسات الإعلامية أصبحت تعيش في الآونة الأخيرة وضعية مالية صعبة، جراء الأزمة المالية التي تعيشها الجزائر بسبب تراجع عائدات النفط”.

وتابعت في بيان لها “هذا الوضع حتّم على ملاك ومدراء المؤسسات الإعلامية إجراءات للتكيف من خلال تسريح الصحافيين والصحفيات، أو مراجعة أجورهم في أحسن الأحوال”.

وتابعت “بعض الصحف لم تستطع الصمود، وقررت التوقف عن الصدور بشكل نهائي، وتستعد العشرات من الصحف لغلق مقراتها في الأسابيع القادمة” دون تقديم أرقام عن ذلك.

وتعيش الجزائر أزمة اقتصادية بسبب تراجع أسعار النفط في السوق الدولية قبل عامين، حيث تمثل عائداته ما نسبته 97 بالمئة من دخل البلاد من العملة الأجنبية و60 بالمئة من موارد الموازنة العامة، وتقول السلطات إن البلاد فقدت 50 بالمئة من مواردها جراء هذا الوضع.

وسبق أن أكد وزير الاتصال الجزائري حميد قرين، أن “سوق الإعلانات التي تأتي من مؤسسات الدولة تراجعت بنسبة 65 بالمئة خلال سنتي 2015 و2016، بسبب تراجع مداخيل النفط”.

وتبلغ سوق الإعلانات في الجزائر بين الدولة والخاص قرابة 200 مليون دولار سنويا، وفق أرقام لوزارة الإعلام نشرت سنة 2015.

وترى رابطة حقوق الإنسان أن تراجع الإعلانات “هو استهداف من السلطة الحاكمة للصحف المستقلة للتحكم في الساحة، والضغط على الخط الافتتاحي للصحف وابتزاز الناشرين، مقابل تغيير الخط الافتتاحي لهم”.

ودعم رياض بوخدشة، المنسق العام للمبادرة من أجل كرامة الصحافي (تنظيم نقابي مستقل) هذه التحذيرات التي أطلقتها رابطة حقوق الإنسان، حيث قال، في تصريحات صحافية، إنه “في عام 2016 فقط، أغلقت 6 صحف أبوابها بسبب الأزمة المالية، وتم تسريح 150 عاملا في قطاع الإعلام بين صحافيين وتقنيين”.

ويوجد في الجزائر أكثر من 100 صحيفة يومية، أغلبها خاصة، إلى جانب 3000 صحافي حسب أرقام لوزارة الإعلام.

ووفق بوخدشة، “نصف هذه الصحف رغم أنها يومية فهي تصدر بشكل متقطع أي بين مرة ومرتين في الأسبوع لأن طباعتها مرتبطة بوجود إعلانات ولكم أن تتصوروا وضعية من يشتغلون بها من صحافيين وعمال آخرين”.

ووجه الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، رسالة لأسرة الإعلام بمناسبة “عيد الصحافة”، وجاء في كلمته “أهيب بكم أيضا أن تجعلوا نصب أعينكم الجزائر كوطن ودولة وشعب، ومصالحه، وليس السلطة أو أي تيار سياسي كان”.

وتابع “من هذا المنطلق وهذا الاتجاه وهذه الضوابط والحدود ستجدونني على الدوام إلى جانبكم، مؤازرا لكم ومدافعا عن حقوقكم، وداعيا ساعيا إلى ترقية مهنتكم وتيسير ازدهارها”.

وتطرق الرئيس الجزائري في رسالته إلى الإعلام الإلكتروني الذي اعتبر أنه أصبح يشكل تحديا جوهريا للإعلام الوطني وللجزائر برمتها من خلال “زرع أفكار هدامة أو حتى للتهجم الصريح على شعبنا وعلى بلادنا”.

وقال “إنه تحد للإعلام الوطني وللصحافة المكتوبة منه بالدرجة الأولى كونه يقلص من سوقها على سبيل المثال”، مشيرا إلى أن هذا النوع من الصحافة أصبح يشكل تحديا للجزائر برمتها “من حيث أنه يأتي، في أغلب الأحيان، من بلدان أجنبية ويمكن من التعبير تلميحا إما للشتم والتجريح وإما لزرع أفكار هدامة أو حتى للتهجم الصريح على شعبنا وعلى بلادنا دون تورع”.

ودعا الرئيس الجزائري، السلطات العامة المعنية وأسرة الصحافة المكتوبة إلى التعجيل بتأسيس سلطة ضبط خاصة بالإعلام الإلكتروني، معربا عن أمله في أن تكون هذه الهيئة “فضاء لإضفاء المزيد من التفاهم بين السلطة والصحافة المكتوبة من جهة ولمساعدة الصحافة الجزائرية على الارتقاء بأدائها لا في مجالات حرية الرأي وتنوع الأفكار والقناعات فحسب، بل وحتى في ترسيخ الإيمان بأننا شعب واحد موحد وبأن بلدنا بلد واحد لا بديل لنا عنه كانت ما كانت القناعات

والاتجاهات”.

وحلت الجزائر في المرتبة الـ119 عالميا في مؤشر حرية التعبير لسنة 2015 (من بين 180 بلدا) الذي نشرته منظمة “مراسلون بلا حدود”، مؤكدة أن “هناك مناخا صعبا لممارسة مهنة الصحافة في الجزائر بفعل التهديدات”.

www.alarab.co.uk/article/ميديا-واونلاين/93011/أزمة-النفط-تخنق-الصحف-المستقلة-في-الجزائر