سياسة

ضحايا الحرب القذرة: الشاهد الغائب “خارج النص”! بقلم سے المحترم.

عرضت قناة الجزيرة مساء الأحد 20 نوفمبر 2016 حلقة جديدة من برنامج “خارج النّص” تناولت فيه كتاب “الحرب القذرة” للملازم في القوات الخاصة حبيب سوايدية، الكتاب الذي أحدث صدوره في عام 2001 زلزالا في أركان نظام الجنرالات الذي بقي ينخر جسد الجزائر طوال عشرية كامل دون رادع أو حسيب.
حلقة “خارج النّص” حول الحرب القذرة والتي كانت من إنتاج مؤسسة نون التي يقوم عليها إعلاميون جزائريون وغير جزائريين في بريطانيا، أخلّت بالتوازن الذي تقتضيه الحيادية في هذا الموضوع الحسّاس، و سواءاً أكان ذلك بقصد أو بغير قصد انحازت الحلقة إلى الجلاّد بدل أن تكون صوتاً للضحية الغائبة المغيّبة.
اصطفّ الجنرال عبد العزيز مجاهد – المعروف بتاريخه الدموي في منطقة الأخضرية إبّان سنوات الحرب القذرة، والذي كان مثل أي إرهابي يقاتل بـ” القشابية” والكلاشنكوف؛ بجانب محي الدّين عميمور وهو وجه من الديناصورات القديمة الملتصقة بجلد منظومة الحكم منذ فجر هذا النظام كما يلتصق البقّ بجلد الكلب؛ إلى جانبهم الضابط السابق المدعو أنور مالك وإسمه الحقيقة نوار عبد المالك الذي كان أول ظهوره للإعلام بقصة مفبركة عنوانها:
الضابط الجزائري الفار نوار عبدالمالك لـ (وطن): لن أبرئ الإسلاميين من دماء الجزائريين أبدا !! حاوره حاوره بباريس: أنور مالك
أنور مالك الذي سجنه النظام بسبب انتحاله لهوية ناطق باسم الجماعات الإرهابية وتحرير البيانات ورسائل الإبتزاز باسمها، زعم في فترة من الفترات أنّه هو مؤلّف الكتاب و أن سوايدية قد سرقه منه.
nouar-malek
إلى جانبهم وبحدّة أقل كان سعد بوعقبة و إن كانت مواقفه أفضل إلاّ أنّه اعتاد على مسك العصا من الوسط محافظا على موقعه من عصابة الحكم من أيام الحزب الواحد.

في الجهة المقابلة وقف المؤلّف حبيب سوايدية وحده – إذا اسثنينا الثواني التي مُنحت للمحامي سعد جبار لإبداء مواقفه الشجاعة ضد مجرمي الطغمة العسكرية الدموية -، وكأنّ البرنامج أراد محاكمة سوايدية مجددا بعد خمسة عشر عاماً من صدوره بمحلّفين وقضاة و شهود وخصوم جميعهم من داخل النظام على قضية خصومة بطلها النظام كما قال المتنبي: فيك الخصام وأنت الخصمُ و الحَكَمُ.

البرنامج أخفق في منح المشاهد فرصة أفضل للحكم على صدق الكاتب، لأنّه لم يستضف شهوداً مباشرين على الأحداث التي ضربت مدينة الأخضرية من الربيع إلى الخريف عام 1994، ولا تزال جراحها لم تندمل بحكم أنّ أغلب أقارب الضحايا مازالو على قيد الحياة، ويعرفون أسماء الضباط الذين خطفوا أبناءهم وإخوانهم في جنح الظلام أو من نقاط التفتيش.

بالنسبة لي كواحد من سكان الأخضرية في تلك المرحلة المريرة كانت القضية بسيطة وغاية في البساطة؛ النظام لغّم الأوضاع وجلب مزيدا من وحدات العسكر و الشرطة والدرك و مارس سياسة قمعية رهيبة ذهب ضحيتها المئات من الشباب كان كثيرا منها بأدنى اشتباه أو “تبليغ” كاذب من بعض “البياعين” “الحركى” المتعاونين مع العسكر. من قتل الأبرياء من المعتقلين فهم “العسكر” بكل بساطة…في بعض الحالات كانت قوات الشرطة والدرك تمارس عمليات الاعتقال ثم توزّع المعتقلين على مراكز الجيش في الرادار أو في فيلا ماري أو غيرها، ولسنا هنا بصدد الحديث عن الضحايا الذين قتلتهم الجماعات المسلّحة الأخرى، فعملياتهم كانت تتم في وضح النهار أمام الملأ ولم تكن تعتمد – إلا نادرا – على الإختطاف ثم القتل و الرمي في المزابل و الطرقات.

كان على البرنامج أن يحقق ويصور داخل مدينة الأخضرية ومع سكانها الذين لاشك كانوا سيؤكدون ما ذهب إليه حبيب سوايدية، وإن كان بعضهم لديه ما يلوم به سوايدية على تصرفات قام بها في تلك الفترة إلاّ أنّها في رأيي كانت جزءا من الحالة العامة من الفساد التي سادت السواد الأعظم من عناصر العسكر ذلك الوقت، ويكفي حبيب سوايدية شرفا يُنصفه أنّه انتقل من صفوف الجلاّد واصطفّ مع الضحية ودافع عنها في اللحظة التاريخية المناسبة.

الكتاب عند ظهوره زعزع كثيرا من أركان الطغمة حينها، وجاء هذا البرنامج الذي رغم سلبياته ليزعزع البيادق من بقايا الطغمة، و أعاد النقاش إلى الواجهة مخرجاً للمشاهد عددا من ثعابين المجرمين من جحورهم، مثل المخبر الإرهابي سعيد بن سديرة، الإعلامي الذي لم يمارس في حياته إلاّ إعلام مرؤوسيه من المخابرات من مراكز التعذيب التي كان يتردد عليها خلال فترة الحرب القذرة أو من عُمان التي أقام فيها بعد ذلك لينتقل إلى بريطانيا للبحث عن عظمة أخرى يلتقمها.

بن سديرة وفي تسجيل على فيسبوك ردا على البرنامج؛ نفث بعضا من سمومه بالتركيز على النيل من حبيب سوايدية وكال المديح لـ “أبطال” مكافحة الإرهاب المزعومين، الذين لن يبقوا في المخيال العام للجزائريين إلاّ قتلة مأجورين من أجل بقاء نظام طال بقاءه من شرب دماء الشعب البريء.

و في الأخير، واستدراكا على ما أغفله البرنامج، هذه شهادة من شكان الأخضرية تركها البرنامج “خارج النص”:

هذه شهادة مختصرة من المواطن ك.ك أحد سكان مدينة الأخضرية:
والله حركت في مشاعري ذكريات مؤلمة كم أرقت نومي لسنين كيف و أنا إبن المدينة و أعرف أغلب الضحايا إن لم أقل كلهم بدون مبالغة حيث يومها كنت متجها الى عملي كمحاسب كنت أعمل عند الحاج طابتي المدعو بوتشاكا الله يرحمه أو إن تبين أمره لاحقا ذاك ما نأمل لأنّه هو أيضا كان من المختطفين لاحقا!!! قبل ان أتطرق الى شهادتي أريد أن أشهد شهادة حق في حق هذا الأخير حيث كان الرجل صالحا ذاكرا ورعا محافظا على الصلوات و الشيء المميز فيه أنه كان يزكي أمواله كان؛ له دفتر مملوء بأسماء الفقراء و المحتاجين و كلما حال الحول يضع مبلغ من المال في كل ظرف باسم العائلة حسب عدد أفرادها يكون المبلغ و الأعداد كانت بالمئات و هذا بشهادتي كانت أموال معتبره رحمك الله يا حاج عامر حيا او ميتا! نعود الى موضوعنا كنت متجه الى العمل فاوقفني شخص لا أذكر اسمه وهو معنا في فيسبوك ربما سيقرأ ما أكتب فقال لي انه لتوه قد رأى أمام المحطة جثة فريد ڤادي المدعو ڤيطوط و الثاني فاتح عزرڤي لم أكد أن أصدق رجعت الى البيت فإذا بأحد الجيران يقول أنّ هناك جثث أخرى مرمية هنا وهناك ذهبت الى عين المكان و عند واد يسر قريبا من قرية ڤرڤور مقابل مقهى سعيود كان معي ءآنذاك شخص ننادي عليه بلقب المكسيك و هو على كرسي متحرك الآن شفاه الله رأيت على ما أذكر 4 جثث أعرف ثلاثة منهم معرفة جيدة فهم أبناء المدينة عمر برانين و محمد سعودي المدعو موح العقيدة و علي زمالي، الجثث كلها بدون ملابس إلا اللّباس الداخلي شهادة لله الجثث كانت بدأت في التعفن لأنّها رميت في الليل و تركت حتى إلى بعد الظهر و الجو حار جدا، أواخر ماي ومطلع جوان.
الذي لاحظته في الجثث كانت مصابة بطلقات نارية و الغريب في الأمر لم تكن هناك دماء حولها! هذا يدل على انها ماتت في أقبية التعذيب و الدّليل الآخر أين الملابس فالإرهابي لا يكون عاريا أو ربما كانو يستحمون في الواد؟! ربما يفندون!
كذلك يعرف القاصي و الداني كيف أخذ كل واحد منهم من بيته أو من الشارع بشهادة الناس أذكر كذلك علي زمالي عليه رحمة الله كان إصبع سبابته يشير بالتشهد، علي كان من رواد المساجد و صلاة الفجر من الثمانينات. الذي لا أستطيع ان ان أنساه هو التشوه الذي رأيته في الجثث لا أريد أن أزعج أهل الضحايا أكثر، لم تكن آنذاك عندنا مصورة أو هاتف ذكي و إلا كنا صورنا بعضها. كانت مجموعة أخرى في مفترق الطرق أمام الصينيين الآن في هذه المجموعه كان براهيم لعويسي كما قيل لي لم أرى بعيني، كان معلق على إشارة للطرق. كذلك أذكر محفوظ ڤلاتي…آخر مرة التقيته تحدثنا ثم افترقنا على الكلام عن كاس العالم كان محبا للفريق الايطالي بعدها بدقائق دق باب بيته و أخذ لم يرى لحد الآن.
هذه شهادتي و لا أخاف لومة لائم. اذا لم يحاسب الفاعل في الدنيا فهناك القصاص يوم لا ينفع لا منصب و لا مال. أاول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء كما قال الرسول صلى الله عليه و سلم.

قائمة ببعض أسماء ضحايا إرهاب العسكر في الأخضرية:
في موجة مجازر صيف 1994 شهري ماي وجوان
– الحميدي براهيتي واخوه من حي المحطة – تجار
– جمال مخازني – طالب
– ابراهيم لعويسي
– الوناس برانين وأخوه عمر
– محفوظ ڤلاتي
– محمّد سليك
– الشيخ محمد متاجر – متقاعد
– علي الزمالي
– عبد الوهاب بوجمعة
– فاتح عزرڤي
– فريد ڤادي المدعو الڤيطوط – تاجر
– محمد سعودي المدعو موح العقيدة
– محمّد عباس
– أحمد علواش وإبنه محمد
– الأخوين بعيري من حي حمانة
ضحايا آخروة
– الشيخ محمد اليابوش رئيس بلدية الأخضرية وأخوه فاتح
– بوصوفة الرسام وأخوه
– رابح ڤطيش – موظف
– مجيد بوجمعة موظف في البريد و المواصلات
– أحمد حميطوش بن رابح مصطفى
– عبد القادر الهاشمي – نجار
– عبد النور عليوات – طالب
– براهيم بلعربي طالب و لاعب كرة
– الشيخ اعمر طابتي تاجر
– مصطفى تلمساني المدعو طرينيطا – معوق و بدون وظيفة
– رابح مخلوفي
– حسين ڤايلي – موظف
– فاتح لعويسي (أخ إبراهيم لعويسي الذي اغتيل في الصيف) – قيّم المقبرة

وكتبه سے المحترم

2 تعليقاً

إضغط هنا للمشاركة بالتعليق

  • مات فدال كاسترو بعد أكثر من نصف قرن من حكمه لكوبا , لقد تميز حكمه بالشمولية والإشتركية في صيغة ثورة الفقراء والإنتصار الذي حققه في بناء مدارس ومصانع ومستشفيات للشعب الكوبي أبهرت خصومه وحال دون أن يزداد الغني غنا والفقير فقرا وكان ذلك شعاره في الحكم. لقد نجح في بناء بنية تحتية ووفر فرص عمل لشعبه على حساب بعض الحريات وحقوق الإنسان, في حين أن الدول العربية التي حملت نفس الشعار أخفقت فلا هي أمنت لقمة العيش لمواطنيها ولا بنت مصانع وبنية تحتية صلبة ولا بسطت من الحريات والعدالة لشعبها بل خسرت كل معارك النمو والإستقرار المادي والمعنوي وهاهي مصر خير دليل حيث أصبحت تمد يدها وتتسول درهم من هنا وقرش من هناك ومستعدة لبيع مبادئها وقرارها لمن يدفع أكثر غير عابئة بمنزلتها التاريخية ووزنها الإقليمي ودورها الريادي وحجمها الإسلامي والعربي وكذلك كل الدول العربية التي سارت على نهجها فهي تسير نحو حتفها من حفرة الى حفرة أعمق ومن أزمة الى أزمة أدق وهذا جزاء من يتبع السراب ويهيم كالغراب.

  • لقد أعييت الحماقة من يداويها. رئيس يبيد شعبه بيد أعدائه وينفذ أجندة عدوه في هدم بنيانه وتشريد عوائل وترميل نساء وتيتيم أطفال وتجويع مجتمع وتهجير شباب ثم يعلن إنتصاره متفاخرا بما أنجزه . لقد حيكت فكرة محاربة الإرهاب بدهاء كبير وسوقت الى الدول العربية بمكر شديد والغريب أن هذا الإرهاب من صنيع هذه الأنظمة مباشرة أو نتيجة للكبت السياسي الذي سيطر على المنطقة بأكملها لعشرات السنين وإنفرد الدكتاتور وعائلته وزمرته في إذلال الشعب وغلق منافذ الحرية وسد أبواب الوصول الى الحكم عن طريق آليات الديمقراطية والإنتخاب الحر فحلت الكارثة وعلق الجرس على الإرهاب , هذه الكلمة المطاطة التي يتهم بها كل من تسول له نفسه إعطاء رأي معارض لما قرره صاحب الجلالة وحامي الحمى والرئيس الملهم وملك الملوك وسلطان العلماء وأمير المؤمنين. بإختصار ثقافة الإستبداد أنتجت الإرهاب ثم تعانق المستبد والإرهابي لتدمير البلاد والعباد وذلك كله من هندسة العدو.