سياسة مقالات

حول وفاة محمد تامالت. بقلم محمد العربي زيتوت

تأكد قبل قليل خبر وفاة محمد تمالت
رحمه الله…

محمد تمالت صحفي في منتصف الأربعينات من العمر، إشتهر بنقده اللاذع لكبار القوم وحياة البذخ والفساد التي يحيونها هم وأسرهم…
وقد كان موقعه الخاص ،”السياق العربي”، منبرا لكشف فضائح المسؤولين الجزائريين، عسكرا ومدنيين على حد سواء، ممن نهبوا أموال الشعب الجزائري وعبثوا بها في الداخل والخارج…
كان محمد تمالت مقيما في بريطانيا، التي قدم إليها قبل حوالي خمسة عشر عاما…
إلى أن قرر العودة للجزائر في 18 يونيو-جوان الماضي بعد أن تلقى ضمانات بأن لا يلاحق بسبب كتاباته التي هزت أركان العصابات المتحكمة في الجزائر…
لكنه أعتقل يومين بعد وصوله للجزائر ووجهت له تهمتي “اهانة هيئات نظامية والإساءة لرئيس الجمهورية” وحكم عليه، إضافة لغرامة بمائتي ألف دينار، بسنتين سجنا نافذا وأودع سجن الحراش.

في السجن، وحسب شهادات شقيقه و محاميه، تعرض لتعذيب شديد فقرر الإضراب عن الطعام…
ورغم تحذيرات اسرته ومحاميه من خطورة وضعه الصحي الذي كان يزداد تدهورا يوم بعد يوم، إلا أن الجماعة قررت الإبقاء عليه معتقلا ومهانا…
ليسلم روحه لخالقه هذا الصباح 11 ديسمبر 2016 بمستشفى الأمين دباغين بباب الوادي الجزائر العاصمة …
بدأ محمد تمالت كتاباته وفيديواته بالتهجم الشديد على بعض معارضي النظام…
إلا أنه غيّر إتجاهه في السنوات الأخيرة وليتخصص في مهاجمة الطبقة الحاكمة في الجزائر…

مما لا شك فيه، أن هناك من نأى بنفسه عن طريقة محمد تمالت في فضحه لعصابات الحكم وقد يعترض على بعض كتاباته وأقواله، وشخصيا كنت أرى أن أسلوبه في الإعتراض والنقد لم يكن دائما موفقا بل كان ينحو أحيانا للإتهام والتشهير دون دليل مقنع…أقول أحيانا فقط…
إلا أن سجنه وتعذيبه وإهانته…
والإبقاء عليه معتقلا و هو في حالة غيبوبة، جريمة يرتكبها حكام الجزائر الذين يتصرفون مع الجزائريين المخالفين لفسادهم وعبثهم، في كثير من الأحيان، أبشع مما يتصرف به الصهاينة مع الفلسطنيين.
فكثيرا ما يطلق حكام “إسرائيل” مناضلي الحرية من الفلسطنيين عندما يضربون عن الطعام وتتدهور حالتهم الصحية في المعتقل…
إنها جريمة أخرى تضاف لسجل جماعات مجرمة أهلكت البلاد والعباد وعبثت بالروح البشرية دون إعتبار للشرائع الإهية و لا قوانين أرضية…

يجب أن لا تمر هذه الجريمة بردا وسلاما على سفهاء الجزائر… وقد شاءت الأقدار أن تتوافق مع حدثين هامين،
الأول، إستذكار الجزائريين لإنتفاضة 11 ديسمبر 1960 التي هزت أركان الإستدمار الفرنسي ومهدت الطريق لتحرير الجزائر…
والثاني، إحتفال العالم بالذكرى 59 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان…
وفي قلب هذه الحقوق، الحق في التعبير عن الرأي بلا تجريم و لاتضييق…

رحم الله محمد تمالت وكل من مات مظلوما في جزائر العصابات…

شارك بالتعليق

إضغط هنا للمشاركة بالتعليق