سياسة مقالات

وإذا الجزائر سُئلت..بقلم عبد اللطيف بلقايم

سجناء فلسطين في إسرائيل أشرف من سجناء الرأي في سجون بوتفليقة..

سيكتب التاريخ أن سجناء الرأي الجزائريون هم فقط ، الذين يموتون في السجون مضربين عن الطعام، في وقت لم يعد يموت حتى الفلسطينيون إضرابا عن الطعام في سجون الاحتلال اليهودي الاسرائيلي برغم البطش والتنكيل!!
بينما كان الإبراهيمي بالأمس، يُبيّض صورة بوتفليقة لحقوق الانسان في الجزائر، كان الكاتب الصحفي محمد تامالت في السجن يسلم روحه لبارئها رحمه الله بعدإضراب مفتوح عن الطعام، دفاعا عن نفسه ومواقفه من النظام السياسي في الجزائر..
مات تامالت أيضا، غداة اليوم العالمي لحقوق الانسان، ومات أيضا ليلة المولد النبوي الشريف، ومات أيضا ليلة ذكرى مظاهرات 11 ديسمبر الرافضة للظلم والطغيان والسيطرة والهيمنة الاستعمارية..تماما مثل الاستعمار المكرر في نسخته الجديدة الذي نرزح تحته اليوم..
مات محمد تامالت اليوم دفاعا عن الجزائر من غول الفساد واخطبوط مافياوي جاثم على صدر الجزائر والجزائريين..نعم لقد كان محمد تامات متطرفا في أسلوب دفاعه عن الجزائر..لكنه كان أكثر وطنية وحبّا للجزائر من الذين خطفوا البلد باسم الوطنية وخدمة الشعب والشعارات الجوفاء لجبهة “الاستعمار” الوطني وليس التحرير الوطني..جبهة طليبة وجميعي..جبهة الشكارة ..جبهة الفساد..أليسوا هم من اعترفوا بذلك !!
تامالت وإن مات فلم يمت بغصة في قلبه، بل أراد أن يُظهر لنا تفانيه حتى الموت في حبه للجزائر، وحرصه عليها من المافيا..
رحل تامالت إلى عالم النقاء والصفاء..إلى جوار ربه إلى جوار ليس كمثله جوار..وترك لنا جيران النتن والفساد !!
لقد سبق وطلب ستة صحفيين من خيرة صحفيي البلد مقابلة الوزير الأول بتاريخ 25 أكتوبر وقدموا طلبا رسميا، أشّروا فيه على أنها مقابلة ذات طابع انساني ترفع انشغالا للسلطات العليا في قضية محمد تامالت وإمكانية العفو عنه ضمن صلاحيات الرئيس، بما أن زمن الرسالة كان عشية الفاتح نوفمبر..نوفمبر الثورة المظفرة..لكن الإجابة جاءت سريعة جدا ..ليس من الوزير الأول بل من رب سلال ومحمد تامالت..توفي تامات وهو ينتظرأيضا ماذا سترد الحكومة على طلب زملائه..مات ولم يحظ حتى “بشرف” الرد..ربما كان يرفض في غيبوبته حتى ما كنّا نفعله من أجله وهومسجون..
رئيس يملك صلاحيات العفو، لكنه لا يعفو إلا على المافيا والسراق وأصحاب السوابق العدلية الذين أصبحوا يؤرخون لدخولهم وخروجهم من السجون استنادا للعفو الرئاسي..
رئيس يعفو عن المافيا ولا يعفو عن أصحاب الرأي!!..حكومته تريد مسح ديون تسيير كارثي للمؤسسات وتعفو عن سوء إدارة، ولا تقدر على العفو عن قائل رأي!!هذا هو بوتفليقة ..الرجل الذي يسميه الناس “رجل المصالحة”..
عجبا لأمركم !! من له القدرة على الصفح والعفو ثم لا يعفو ولا يصفح، فإن قلبه حاقد ومغلول ..فالعفو والصفح، شجاعة وجرأة ومروءة وشرف وشهامة قبل أن يكون صفحا وعفوا..فما أبعدكم
عن كل ذلك..
لقد مات تامالت مسجونا ومضربا عن الطعام، ووصف محاميه أمين سيدهم مساعي زيارته مؤخرا لموكله بالدرامية من حيث الغلق والمنع، وهذا وحده يستدعي تحقيقا عميقا في الظروف التي مات فيها تامالت..
اللهم ارحم محمد تامالت برحمتك للناس يوم أخرجت محمدا رسول الله بمولده في الدنيا..اللهم هذا محمد تامالت عبدك ابن عبدك وابن أمتك ناصيته بيدك ..أن العافي عن الناس الذين لا يعفونعن الناس..فاعفُ عنه يا رب..اللهم هذا محمد تامالت لم يرحمه في الأرض بوتفليقة ولا الطيب لوح ولا عبد المالك سلال بقوانين وضعية، فارحمه برحمتك التي وسعت قوانينهم وكل شيء ..
اللهم تقبله عندك من الصادقين في أحسن ما قال وما كتب وتجاوز عنه في أسوأ ما قال وما كتب..اللهم لا يضيق عند الضيق فأوسع له في قبره واغسله بالماء والثلج والبرد!!

تعليق واحد

إضغط هنا للمشاركة بالتعليق

  • من أبدجيات رؤساء العالم أن يخاطب الرئيس شعبه حين يمر البلد بأزمة تتطلب توضيح وأجوبة على التساؤلات حتى لا يترك الأمر للمزايدات والتأويلات الخاطئة إلا في الجزائر عدم خروج الرئيس في خطاب متلفز للشعب رغم أزمات عديدة أصبح جزء من المشكلة, لقد فقد الشعب ثقته في وزراء يهربون من الأسئلة تارة بلغة ركيكة وتارة بتحذير خفي من مصير دول الجيران وتارة بسنفونية المؤامرة على الجزائر. الشعب أوعى بكل هذا وهو حريص على الوحدة الوطنية والترابية والسلم الإجتماعى أكثر من الحكومة نفسها لكن الحكومة تستفزه بمردودها الهزيل وتزويرها للحقائق وغياب الصراحة وفقدان الفعالية وغياب الحس وضبابية الرؤية وشيخوخة أعظاءها . الحل في المصارحة وإشراك الشعب في إيجاد الحلول وبناء الوطن وفتح الفضاء السياسي والإقتصادي والإجتماعي والإعلامي فزمن الإحتكاروالوصاية والبيروقراطية قد ولى والعقل من إتعظ بمن حوله. توبة الحكومة والإعتراف بأخطاءها والسعي لتصحيح المسار في مدة قصيرة لزرع الأمل شرط أساسي ولابد منه إن صدقت النيات.