مذكرات

كتاب مذكرات الحاج أحمد الشريف الزهار

تغطي هذه المذكرات الفترة من 1754 إلى 1830، أي من بداية عهد الداي علي باشا بوصباع، إلى سقوط مدينة الجزائر واستسلام الداي حسين وحاشيته

“وفي يوم السبت الحادي والعشرين من ذي الحجة سنة 1245، ظهرت عمارة الفرنسيين. ويوم الأحد، نزل عسكرهم بسيدي فرج، أعاد الله علينا من بركاته.

وفي الحقيقة ظهرت العمارة عشية الجمعة، يوم العشرين في الشهر، وقدم الرايس بالجي وكيل ضريح سيدي فرج في الليل وأخبر الباشا بظهور بعض العمارة، فقالوا له: إن ذلك سحاب ظهر في الأفق، ومن الغد رأينا كامل العمارة.

ومع هذا كله، والباشا نائم، كأنه لم يكن عنده عدو، حتى ان العساكر الذين عنده خرجوا في محلة الشرق، وغير جميع النوبة التي في كل البلاد، وكتب له البايات ليستنفروا له العسكر الذي عندهم، والقوم، فأجابهم بأن لا يستنفروا أحدا للجزائر، إنما يستنفرون الناس، من أجل حراسة السواحل التي تليهم.
وفي يوم الأحد الذي نزل فيه العدو بسيدي فرج، أمر بخروج الآغا فخرج ومعه نحو السبعين فارسا، فذهب لغرب سيدي فرج، للحصن الذي بناه يحي آغا ،وضرب الناس بعض الطلقات من المكاحل والمدافع من ذلك الحصن، وهو يقول لهم: لا تضربوا اتركوه ينزل، ونبعث للقبائل ونقوم عليه، عند ذلك بعث للقبائل يستقدمهم للجهاد، وخرجت محلة من مدينة الجزائر ببقية العسكر، أي نحو ألفي جندي، وهذه مبالغة، والله اعلم ان الذين خرجوا في اليوم الأول نحو الألف لاغير.
اما الألف الأخرى فقد إجتمعت بعد اليوم شيئا فشيئا، وابتدأ العرب يلتقطون للجهاد اهل متيجة وأهل القليعة والبليدة….

وقدم باي التيطري كذلك لاجل الدنوش، فأمره الباشا بأن يذهب إلى سيدي فرج واعطى الباشا امره لكامل الجيش بأن لا يقاتل إلا يوم السبت. فلما كان السبت بعد صلاة الصبح ركب الآغا لناحية، وركب البايات كل واحد ناحيته، وتقدمت جيوش المسلمين للقتال، والنصارى ينتظرون قدومهم، وابتدؤا القتال، والصناجق مرفوعة وهجموا الى ان وصلوا الى المتارز، وقيل ان اهل الصناديق وبعض الجيش قد دخل المتارز، ،فانقلب عليهم النصارى وأخرجوا الشنضاض من المتارز، وقوي القتال بينهم.
ولم يكن إلا قليلا حتى نظر المسلمون لكثرة الشنضاض وقد أحاطوا بهم من كل ناحية، وهم من كل حدب ينسلون، ورأوا أنهم أصبحوا في وسط النصارى كاللمعة.
فعند ذلك انهزموا، واسودت الوجوه في ذلك اليوم ولا أحد لحق الآخر فلما وصلوا لمكان المحلة، وجدوا الآغا قد هرب وترك ماعنده في المحلة، وصار الأعيان من الناس يربصون الجند المنهزم، والجند لا يزيد إلا فرار، فلما رأى النصارى هروب الناس وضعفهم هاجموا المحلة واستولوا على ما فيها، فأما العرب فكل واحد رجع الى موضعه، وأهل البلد رجعوا للبلد، ومن الغد اشتغل النصارى بخدمة المتارز، ولو شاؤوا لدخلوا مدينة ذلك اليوم، لكنهم يقرؤون العواقب…”

للقراءة والحفظ مذكرات الحاج احمد الشريف الزهار، نقيب اشراف الجزائر، تحقيق احمد توفيق المدني

كلمات مفتاحية

شارك بالتعليق

إضغط هنا للمشاركة بالتعليق