سياسة

رئيس الحكومة الأسبق، سيد أحمد غزالي لـ”الخبر” طالبت المكتب السياسي للحزب بمحاسبة الإبراهيمي على كلامه

Ghozali30juin2007

كذبوا على الشاذلي وأوهموه أن بومدين ترك الجزائر غارقة في الديون /المشارب الثقافية ليست معيارا لتصنيف الوطنيين من غيرهم في الجيش
يعود رئيس الحكومة الأسبق، سيد أحمد غزالي، إلى إفرازات التصريحات الأخيرة للوزير الأول الأسبق عبد الحميد الإبراهيمي. وتحدث غزالي أيضا في هذا الحوار مع ”الخبر” جرى بمقر إقامته، عما أثاره الإبراهيمي من خلافاته مع ضباط الجيش ممن بدأوا مسارهم العسكري في الجيش الفرنسي، ونصيب مرحلتي بومدين والشاذلي في الأزمة التي عاشتها البلاد نهاية الثمانينات.
عودة إلى تصريحات الإبراهيمي الأخيرة، هل تعتقد بوجود صراع إيديولوجي بين ضباط الجيش بسبب اختلاف المشارب الثقافية واللغوية، بين من مروا عبر المدارس العسكرية الفرنسية وضباط جيش التحرير ممن تكونوا في مدارس عربية أو شرقية؟
أنا بحكم المسؤوليات التي شغلتها في كثير من مؤسسات الدولة الهامة كنت قريبا من السلطة في مختلف مراحلها خلال العقود الأولى التي أعقبت الاستقلال، ومن خلال هذه التجربة يمكنني أن أقول أنه من المؤكد أن التباينات في الميزات الثقافية أو الشخصية أو الاجتماعية قد تكون في أي مؤسسة، بما فيها الجيش، سببا في وجود حساسيات بين المنتسبين إلى هذه المؤسسة أو تلك، هذا ينطبق حتى على مؤسسة تربوية أو مصلحة إدارية، خاصة عندما يتعلق بمكاسب وامتيازات وظيفية حتى لو كانت مشروعة، يمكن أن يحصل عليها هذا أو ذاك. كما أنه من غير المستبعد أن فرنسا غرست بعض رجالها في الجيش كما في أغلب مؤسسات الدولة الأخرى، لكن القول أن هذه التباينات الثقافية هي المقياس الذي نصنف من خلاله الوطنيين من غيرهم بين مسؤولي الدولة، فأعتقد أن هذا الكلام يجانب الحقيقة، ولو تحدثنا عن الجيش تحديدا، فهل ننسى أن أكبر عروبي وقومي عرفته السلطة الجزائرية وهو بومدين، هو من فتح الباب واسعا لمنح مناصب المسؤولية في المؤسسة العسكرية لضباط جيش التحرير الذين بدأوا مسارهم العسكري في الجيش الفرنسي، لأسباب لم يخفها منها اقتناعه بأن بناء الجيش في حاجة إلى خبرة واحترافية هؤلاء، أعتقد أن الصراع الحقيقي في السلطة بكل مؤسساتها هو ما بين الكفاءة من جهة والعجز من جهة ثانية، قبل أي تصنيفات أخرى.
الإبراهيمي الوحيد من رموز السلطة الذي تحدث بوضوح عن الفساد، وقال إن ما لا يقل عن 26 مليار دولار فقدتها خزينة الدولة في شكل عمولات ورشاوى؟
أنا لا أريد أن أجعل من هذا الحوار محاسبة لأي طرف، فالتاريخ كفيل بذلك، ولكن ما تقوله هو قمة المسخرة، عندما يتحدث الإبراهيمي عن الفساد والرشوة والعمولات التي قبضها من سيّروا ومنحوا الصفقات العمومية والمشاريع الكبرى، فهو يتحدث عن المرحلة التي كان هو المسيّر الأساسي فيها، يعني يتحدث عن حصيلته. لقد كنت الوحيد في المكتب السياسي للحزب الذي قال عندما سمع هذا الكلام أنه يجب فتح دعوى عمومية في القضاء فورا لمحاكمة صاحبه إذا كان كاذبا، ومطالبته بالدليل إن كان صادقا، لكن من سخرية الأحداث أن الجميع تقبل ذلك ببساطة وكأنه لا يعنيه.
في وقت الشاذلي كانت كل الصلاحيات الاقتصادية مركزة في يد الإبراهيمي ولم يكن باستطاعة آخر أن يناقشه أو يعترض على قراره، لأن الشاذلي وضع فيه كل الثقة. شخصيا لا أعرف أي مسؤول آخر في تاريخ البلاد منذ الاستقلال إلى الآن، كانت له نفس الصلاحيات الاقتصادية التي كانت للإبراهيمي.
بمن فيهم حمروش الذي يقال إن الشاذلي كان يحضّره لخلافته؟
أكيد، أولا حمروش لم يبق في الحكومة سوى سنتين تقريبا، عكس الإبراهيمي الذي شغل تقريبا طوال فترة الثمانينات ما قبل أحداث أكتوبر، وثانيا عمل حمروش انصب على تهيئة الأرضية السياسية والتشريعية لتمرير التدابير التي كانت السلطة تحضرها لمرافقة التعددية في بدايتها، حمروش كانت له صلاحيات سياسية أساسا.
لكن الكثيرين لا يختزلون مسببات تلك الأزمة الاقتصادية في مرحلة الثمانينات لوحدها، ويشيرون إلى مخلفات مرحلة التسيير الاشتراكي في عهد بومدين؟
هذا ما أرادوا أن يوهموا الرئيس الشاذلي به عندما جاء للحكم، كانوا يقولون له إن بومدين ترك الجزائر تتخبط في ديون كبيرة، لهدف واحد هو تسويد بومدين وفترته، بالرغم من أن خدمة الديون الخارجية كما تركها بومدين لم تكن تتجاوز 16 بالمائة من إيرادات الدولة. لكن للأسف أصبحت الأرقام والمواقف الرسمية المعلنة للحكومة بدون أي معنى حتى ولو كانت موثقة ومحفوظة في الأرشيف القريب يمكن لأي كان أن يعود إليها، وحتى لو فرضنا وهو ما لم يكن، أن بومدين تركنا غارقين في الديون للعنق، لا يجب أن ننسى أن الوزير الأول قال بصريح العبارة سنة 1984 في خطاب رسمي أمام البرلمان أن الحكومة دفعت بشكل مسبق كل ديون الجزائر الخارجية ولم يعد لأي كان دولار واحد في رقبتنا، هذه واحدة. الثانية عند زيارته لفرنسا في نفس الفترة قال الوزير الأول أن الجزائر مستعدة لمساعدة فرنسا على تصحيح ميزانها التجاري الذي كان يعاني من عجز واضح حينها، إذن من ترك الجزائر تتخبط في ديون قريبة من 20 مليار دولار بعد 5 أو 6 سنوات فقط من بعد، وبقية القصة معروفة للجميع. ربما ارتكب بومدين بعض الأخطاء، لكن كانت له ميزتان لم تتوفرا فيمن قبله أو بعده، كانت خدمة الشعب والتكفل بمطالبه الاجتماعية والاقتصادية هي شغله الشاغل إن لم يكن الوحيد، وكان واضحا شفافا في كلامه وفعله لم يكذب على الشعب.

المصدر :الجزائر: عبد النور بوخمخم
2009-10-28

http://www.elkhabar.com/quotidien/?ida=180189&idc=67

كلمات مفتاحية