قناة ᐩ

26 منارة تزين طول الساحل الجزائري

مقصد عشاق البحر، التاريخ والعمران القديم…

المنارات… مبتغى عشاق البحر والتاريخ و العمران من الطراز القديم، فهي الوحيدة التي اجتمع في عشقها الكثيرون على اختلاف سبب ولعهم بها، وعلى اختلاف موقعها سواء وهي تعلو الجبال أو تربو على سفوحها أو تتوسط الجزر.. وكل هذه المنارات وجدت على طول الساحل الجزائري.

سنسير بين المنارات البحرية في الجزائر في ربورتاج هذا العدد ونكتشف المنارات الجزائرية في الجهتين الشرقية والغربية، علما أن أقدم هذه المنارات موجود في الجهة الغربية، بينما الجهة الشرقية جميع مناراتها بنيت مع بداية القرن العشرين، وفي كل الأحوال فإن هذه المنارات جميعها تعتبر إرثا تاريخيا وحضاريا ينبغي المحافظة عليه واستغلاله سياحيا، كيف لا وأغلبها يبلغ عمرها بين قرن وأكثر من قرن ونصف، كما يوجد من بينها ما هو مصنف كمعلم ثقافي وطني.

26 منارة في مواجهة أمواج البحر

تحصي السواحل الجزائرية 26 منارة ما تزال شامخة في مواجهة أمواج البحر العاتية، بعد أن لعبت دورا كبيرا في إدارة الملاحة البحرية وساهمت في تطور العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والتجارية بين الجزائر وشركائها الأجانب، وشاركت بطريقة غير مباشرة في تدعيم الانتقال من الاقتصاد الموجه إلى الاقتصاد الليبرالي الجزائري ومحاولة محاكاتها لآثار العولمة بالرغم من تراجع دورها في وقتنا الراهن، بسبب الإعتماد على التكنولوجيات الجديدة والتطور السريع الذي عرفته أنظمة الملاحة البحرية.

مساعٍ لتحديث التسيير

ولإعادة الاعتبار لهذا النوع من المنارات لاسيما تلك الموروثة عن حقب سابقة والتي يشرف عليها الديوان الوطني للإشارة البحرية التابع لوزارة الأشغال العمومية، لابد من جعلها في تناغم مع التطورات التي تعرفها الملاحة البحرية من خلال امتثالها للمعايير والأنظمة الدولية، وأن تكون مسيرة بأدوات الإدارة الحديثة، لتكون مكسبا فاعلا يتماشى وآفاق التنمية عبر تدابير البرمجة القابلة للتجسيد على المدى القصير والمتوسط في إطار عقلاني.

مزيج بين الإرث السياحي والثقافي

تمثل هذه المنارات إرثا ثقافيا وسياحيا بل ذاكرة الملاحة البحرية، التي كان فيها للجزائر صيت عال فيما مضى بعدما كان لها اليد الطولى في أعالي البحار وتسيطر على أهم الممرات البحرية التجارية، ما يستدعي إعادة الاعتبار لها من خلال الحفاظ عليها وتهيئتها وإعادة الاعتبار لوظيفة حارس المنارة الذي لا يجب أن يعامل على حد قوله كحارس عادي أو عون أمن. وفي هذا الإطار كشف عبود عن اتصالات ومحاولات مع الوظيف العمومي لإعادة الاعتبار لحارس المنارة لما يمثله من تراث حافظ لتاريخ وهوية المنارة بحد ذاتها، فهو يمثل كتابا سياحيا بحد ذاته وذاكرة حية للمكان لابد من تثمينها بشكل يمكن من الاستفادة منه ومن خبرته ودرايته بالمكان ووظيفته لاسيما في الملاحة البحرية حتى يمكن أن يلعب دور الدليل السياحي.

.. ومنارات مغلقة تنتظر الإلتفاتة

هناك الكثير من المنارات المغلقة والمهملة والتي بالإمكان الاستفادة منها من خلال تهيئتها وإعادة الاعتبار لها من خلال فتحها أمام المواطنين، وهناك من هي أصلا صالحة لاحتضان نشاط سياحي يستقطب المواطن على غرار منارة “باينام” بعين البنيان التي تتميز بمنظر خلاّب وحديقة ساحرة، و”رأس سيغلي” ببجاية، وهي نماذج من المنارات التي تعانق البحر وتزين السواحل الجزائرية. وحول سبب بقائها مغلقة في وجه المواطن، برّر جحا أن الهاجس الأمني وما مرت به الجزائر من أحداث خلال العشرية السوداء كان أحد الأسباب الهامة لبقائها على هذه الحالة غير مستغلة خارج إطار الملاحة، وعدم استعداد الجهات المسؤولة خاصة الموارد البشرية التي تسيرها لإدارتها كموقع سياحي، لاسيما فيما تعلق بالتحكم في الأحداث المحتمل وقوعها، وقد تم تسجيل عدة أحداث في وقت سابق بسبب عدم الإلتزام بالإجراءات الوقائية. وفي المقابل أشار المدير الفرعي لمديرية الهياكل البحرية الأساسية على مستوى وزارة الأشغال العمومية، إلى بقاء إمكانية فتحها مستقبلا أمرا واردا وهو ما يعول عليه حتى يكون لها مردود مالي من خلال فرض مبلغ رمزي على روادها، يستغل فيما بعد في تهيئتها وتزيين المساحة المحيطة به التي في غالب الأمر تكون محاطة بحدائق تخلق منظرا خلابا يخطف الأنظار ويريح زواره. ولعل هذا التصور للجهات المسؤولة اتجاه هذه المنارات وتحديدا الديوان الوطني للإشارة البحرية يندرج في إطار إدراك أهمية هذه البنى الهيكلية لما تمثله من إرث تاريخي وحضاري يستدعي المحافظة عليه واستغلاله سياحيا مستقبلا، خاصة وأن أغلبها يبلغ من العمر ما بين قرن ونصف قرن وفيها ما هو مصنف كمعلم ثقافي، مع العلم أن أقدم المنارات متواجدة في الجهة الغربية، أما الجهة الشرقية فجميعها بنيت مع بداية القرن العشرين لكن تبقى معلما يؤرّخ للملاحة البحرية الجزائرية. ويظهر هذا الاهتمام جليا في المشاريع المسطرة في مخطط العمل للتكفل بها من خلال بناء 09 دعامات أضواء وتدعيم الموانئ بمنارات جديدة بكل من ستورا بسكيكدة / 02، جميلة بالجزائر العاصمة / 02، كريستل بوهران / 02، قوراية بتيبازة / 02، وشرشال بتيبازة / 01، ناهيك عن أربع دعامات معدنية للأضواء المؤقتة، وإعادة تأهيل الهندسة المدنية للمنارات: رأس الكربون ورأس سيغلي ببجاية وجزيرة أرزيو بوهران، إلى جانب مشاريع أخرى تتعلق بتهيئة الموانئ وتعزيزها بدعامات الأضواء.

الموعد اليومي

شارك بالتعليق

إضغط هنا للمشاركة بالتعليق