سياسة

محمد العربي زيتوت يملك عشرات الشركات في بريطانيا بين الحقيقة و حملات التظليل

يتعرّض الناشط السياسي و الدبلوماسي السابق محمد العربي زيتوت لحملة اتهامات امتدت لعدة سنوات تركّزت حول تلقيه وحركة رشاد التي شارك في تأسيسها عام 2007 – تمويلاً خارجياً مرّة من قطر وتونس، مرة من تركيا و أحياناً حتى من الموساد و إسرائيل.

لكن مع ارتفاع وتيرة نشاط سي محمد على مواقع التواصل الاجتماعي التي تقاطعت مع انطلاق الحراك الشعبي في الجزائر، ثمّ الهجمات الإعلامية الكثيرة التي أصبح هو وحركة رشاد هدفاً لها من مختلف بيادق النظام العسكراتي في الجزائر بما في ذلك حثالات رئاسة الجمهورية و مخربشي مجلة الجيش التابعة لوزارة الدفاع و قطيع كبير من البق الكتبة المأجورين في صحف الإقتتات على المال باسم الإشهار، وصولاً إلى الفاشل الساقط السعيد بن سديرة.

بالإضافة إلى النباح بخسّة و محاولة الإبتزاز اليائسة، يمارس بن سديرة مناورة مضحكة لعملية تظليل الرأي العام، ورغم أنّها لم تنطل على الأغلبية الغالبة من المعلقين إلاّ أنّ حق الصحبة و الأخوة التي تشرفت أن أكون أحد متقلديها، فرضت عليّ أن أكتب هذه الأسطر مساهمة قليلة في الذّب عن شرف واحد من أبطال الجزائر في ذاكرتها القائمة.

فهل حقاً يملك سي محمد وإخوانه كل هذه الشركات؟

 تمهيد:

عندما تخلّى سي محمد العربي عن منصبه الدبلوماسي المرموق في خريف 1995 و لجأ إلى بريطانيا كان يعي جيّداً ثقل تضحيته بجملة من الامتيازات المادية الكبيرة من أجل مبادئ سامية آمن بها، فقد رمى بالخدم و الحشم و السائق و العُطل المريحة وجواز السفر الدبلوماسي و الأجر الكبير. عندما أخذت حياته مساراً جديداً في بريطانيا كان عليه أن يتدبّر مستقبل حياته وحياة عائلته مثل أي مهاجر عادي، فحق اللجوء لا يعني أبداً أن تنام وتستيقظ على قطف الأوراق النقدية من أشجار لندن الكثيرة، وإذا كان حق اللجوء يضمن الإقامة و سهولة الإجراءات الإدارية لصاحبه مع حد أدنى من تكاليف المعيشة، فإنّه مجرّد فرصة خاصة حتى يقف المهاجر على نفسه و ينطلق لينجح بمهاراته بنفسه في أرض المهجر الجديدة.

فهكذا كان أمام سي محمد إماّ البحث عن منصب عمل جديد عند هيئة حكومية أوخاصة أو مؤسسة أو جامعة بأجر شهري، أو يجتهد مع أصدقائه و أفراد عائلته في نشاطات تجارية حرّة؛ ولا شكّ أنّ طبيعة الحُر الشهم سي محمد لن تسمح له أن يمسي موظّفاً لدى جهة ما قد تملي عليه توجيهاً مُعيّناً حتى ولو في ما يخص طبيعة العمل…ناهيك عن أنّه كان قد عقد العزم على مواصلة الطريق التي انطلق فيها بمقارعة العسكر وأذنابهم، فكان بحثه عن الإستقلال المادي ذاتياً بعيداً عن أي وصاية هو عين المنطق.

تلاقت حماسة سي محمد من أجل الإستقلال المادّي بنفسه مع مرونة القوانين التي تُنظم الأعمال الحرة في بريطانيا، حيث تكاد تنعدم الموانع البيروقراطية في فتح وتسيير وغلق الشركات، ولهذا عمل سي محمد وإخوانه في ظروف بالغة الصعوبة في مخبزتهم الأولى التي احترقت فيها أذرعه؛ لكنها كانت أروع صورة للثبات على المبادئ و امتثال القيم كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأن يحتطب أحدكم حزمة على ظهره خير له من أن يسأل أحدًا فيعطيه أو يمنعه.

“طيحة ونوضة” كذا وكذا كما يقولون، وكما قال عزّ من قائل: “وأن ليس للإنسان إلاّ ما سعى، وأنّ سعيه سوف يُرى، ثم يُجزاه الجزاء الأوفى”

كانت تجربة بحلوها ومرّها، وكانت أفضل بكثير من جلوس كثير من المتسكعين المستيقظين على الإعانات الحكومية؛ تجربة تواكبت مع مواصلة مقارعة الظالمين القاهرين للشعب.

في مرحلة تالية قرر سي محمد التنازل عن حصته في التجارة بثمن متواضع و التوقف عن العمل و التفرّغ الكامل للشأن الجزائري مستذكراً قول ابن خلدون: “إذا اشتغل الحاكم في التجارة ضاع الحكم وضاعت التجارة” وكانت حالته: “إذا اشتغل السياسي بالتجارة ضاعت السياسة وضاعت التجارة”، لكن الحال لم يدم كثيراً و أعاد سي محمد لخوض تجارب مشاريع هنا وهناك منها ما نجح نسبياً ومنها ما فشل و أدّى إلى خسائر مازالت آثارها لم تُمحى إلى اليوم.

عندما يخوض الإنسان مثل هذه التجارب التجارية في بريطانيا و يحرص على تنفيذها قانونياً سيكون متقيّداً بفتح مؤسسة أو تقلّد مسؤولية إدارية فيها كل مرّة وذلك لدفع الضرائب و تسجيل الموظفين و التأمين وغيرها، لكن بمجرّد وقوف النشاط لا توجد هنالك أي مصلحة لبقاء تلك الشركات مسجّلة في دار المؤسسات لأنّ بقائها يعني نزيف كبير من التكاليف المادية التي تضرّ أكثر مما تنفع، لذلك فقد كان سي محمد يحاول دائماً أن يُنفّذ مشاريعه بطرق قانونية وكل مرّة وصل إلى نهاية تجربة طوى صفحة المشروع وأنهاها قانونياً، لذلك أي شركة يكون قد ارتبط بها إسمه في السابق فهي شركة تمّ حلها حسبما تشير إليه سجلات دار المؤسسات في بريطانيا.

في حقيقة الأمر لا يوجد عدد معتبر لشركات مسجّلة بإسم سي محمّد بإسمه كما يُحاول كلب زنادقة العسكر إيهام الرأي العام؛ الواقع تعدّد هذه الشركات حتى وإن كان أغلبها لم يُكتب لها النجاح، لكنه يدلُّ على أنّ الرجل لم يهدأ له بال في الحرص من أجل تحقيق استقلاليته ماليا، ولم يُعط أبداً الدنية في دينه و رزقه، لم يقبل أن تدفع له شركة ما أجرة شهرية ينتظرها كما يفعل الأغلبية – وهم معذورون على كل حال – ولعلّ التصاق سي محمد الوثيق بمفاهيم الحرية جعله مؤمناً أشدّ الإيمان بما وصف به عباس محمود العقاد الأجرة الشهرية بأنّها مظهر واضح من مظاهر العبودية في القرن العشرين.

ودحضاً لغباء بن سديرة؛ فإنّه يمكن لأي شخص في العالم أن يدخل على موقع دار المؤسسات في بريطانيا  companies house ويبحث فيها باسم zitout ولن يتفاجأ أنّ غالبية هذه  المؤسسات قد تمّ حلها dissolved منذ وقت طويل أو أنّ سي محمد أو إخوانه قد استقالوا  resignedمن أي مسؤولية فيها منذ مدّة، ونظراً لشفافية المعاملات التجارية يمكن إيجاد جميع المعلومات في هذا الموقع من يوم تسجيل الشركة و أسماء من أداروها أو ملكوا فيها أسهماً و كذا تاريخ تسجيلهم ثم استقالتهم وغلق الشركة و الحسابات و الضرائب التي دفعتها على مدار مدة وجودها. تفاصيل كلها متاحة لأي شخص في العالم أجمع ولا تحتاج أي ذكاء أو مزاعم باكتشاف أسرار، وهذا واحد من مظاهر الدّولة المدنية – ماشي عسكرية – التي تُعدّ بريطانيا رائدة الدّول فيها.

وهذا إن دلّ على شيء كما أشرنا سابقاً فإنّما يدلّ على حرص الرجل على صيانة كرامته واستقلاليته في إطار القانون و الشفافية معتمداً على نفسه فقط، ولم يجد أي حرج في بيع الخبز وتوزيعه بيده مع إخوانه، بل و حضّر القهوة و الأكل لزبائنه بكل تواضع وأنفة واعتزاز بالنفس، وليس بدعاً أن يعمل الرواد ولا يقبلون أن يمنّ عليهم بشر من بني آدم بقيد أنملة.

مع نهاية العام الماضي وباقتراح من بعض أصدقائه أطلق سي محمد مشروعاً آخر لنشاطاته، و هي عبارة عن مؤسسة نشر ذات غير ربحية تُعنى بجمع ونشر محتوى نشاطه السياسي و الأدبي و تراثه الفكري الذي امتدّ لأكثر من عقدين، وهذه هي المؤسسة الوحيدة التي سجلها بإسمه الخاص ويشرف عليها و أسماها ألجيريوم وهي كلمة تعني “الجزائر” باللغة اللاتينية القديمة.

وبما أنّ مؤسسة ألجيريوم للنشر لم تتجاوز عامها الأول فهي ماتزال مجرّد إسم ورقم تسلسلي مثلها مثل أي شركة لم تقم بعد بنشاط كبير، وليست مطالبة قانونيا بعد بأي حسابات، و  نتمنى أن تنجح هذه المؤسسة الواعدة هذه المرة خاصة مع نية الكثير من الأحرار المخلصين بالوقوف معها، خاصّة أنّها تسعى لتدوين جزء مهم من ذاكرة النضال المتواصل على مدى ربع قرن من تاريخ الجزائر المعاصرة، بالإضافة إلى العناية بتوثيق التطورات السياسية و الثقافية في الجزائر.

لم يهدأ بال أزلام الطغمة المافياوية القابضة على الجزائر و هي ترى سي محمّد قوياً مستقلاً وهي التي اعتادت على التعامل مع أشباه معارضة تتسوّل هنا وهناك على أبواب البعثات و السفارات لعلّها تنتفع بدينارٍ وصحن حساء.

كان مناظلو الحركة الوطنية الأوائل كلّهم يزاولون في مهن معيّنة، منهم الصيدلي و المُحاسب و التاجر و المُدرّس، والمحظوط منهم من تعاقد لإدارة النظام في الحزب فكان يتلقّى أجرته من الإشتراكات التي كان يدفعها المناظلون المنخرطون في التنظيمات الوطنية آنذاك.

واليوم يحث سي محمد العربي الخطى على درب الأبطال السالفين الذين بومضات تضحياتهم نحيا اليوم، أمّا الذين تشرّبوا الذل و غطسوا فيه حدّ الثمالة أمثال المدعو بن سديرة فإنّ أبصارهم تعمى عن رؤية التضحيات التي لا تقدّر بثمن.

وإذ كتبت هذه الأسطر فإنّي أحرص على التذكير أن أخي وصديقي سي محمّد حرّ في أن يكسب مايشاء من مال الله الحلال أسأل الله الذي له ميراث السموات والأرض أن يكفيه بحلاله عن حرامه ويغنه بفضله عمّن سواه؛ كما أُذكّر أنّه ليس مديناً لمحاسبة كائناً من كان…”بصحتو” مثلما نقول و يستأهل أن يكون غنياً مستكفياً حتى يتفرّغ كلّية للبذل في المجال الذي يجيده وهو مجال الفكر و الحرّية.

وقبل الختام لابد أن أشهد أن سي محمد هو من بين الشخصيات السياسية القليلة في العالم التي تظهر في وسائل الإعلام العالمية دون أي مقابل، بل وحتى عندما يُفرض عليه نفقات تغطية وقته فإنّه يتصدّق بها مباشرة للمظلومين؛ وكلّما انطلق في تنفيذ مشروع ما إلاّ وكان نصب عينيه كيف يمكن للمظلومين المقهورين أن يستفيدوا منه كذلك.

وكتبه في لندن 10 أوت 2020

بن محمد

المصدر: يتنحاو ڤاع

2 تعليقاً

إضغط هنا للمشاركة بالتعليق

  • بارك الله فيك اخي ولو ان الاستاذ العربي زيطوط معروف بنضاله وخصاله منذ مدة منذ كان العميل بن سديرة في حضن السلطة مع الاستئصاليين الذين اهلكوا الحرث والنسل وارجعوا البلاد الا الوارء بمئات السنيين وياتي اليوم بأمر من أسياده ليخوض في شرف سيده الحر زيطوط ولهذا نقول لصديق كابران فرنسا سيتركك الاستاذ تنبح لوحدك حتى تبح لانك سفيه ولن تنال منه قيد انملة باذن الله