سياسة

المعلومات “الاستخباراتية” في “البيومتري الجزائري”! 2010.04.14 د.عبد العالي رزاقي

المتأمل في “استمارة طلب جواز السفر وبطاقة التعريف الوطنية البيومترية الإلكترونية” يجد أنها تحمل الكثير من التناقضات مع دستور البلاد وقوانين الجمهورية، إلى جانب أخطاء في المفاهيم واللغة والنحو.

أما المتعمق فيها فإنه يكتشف أنها “معلومات استخباراتية” تشكك في الوجود الشخصي للمواطن والهوية الجزائرية، وكأن الشركة الفرنسية التي تقف وراءها تريد تحقيق حلم فرنسا في مدة خمس سنوات بعد أن عجزت عن تحقيقه خلال 132 سنة من الاحتلال والإبادة للشعب الجزائري.

تحوي الوثيقة البيومترية شريحة إلكترونية تخزن فيها المعلومات والبصمات وصورة صاحبها، وتكلفة الشريحة الواحدة هو 10 أورو (أكثر من ألف دينار)، أما الأجهزة فتجاوز الـ 90 ألف أورو، والشركة التي تقف وراء “البيومتري الجزائري” هي الشركة الفرنسية (أوباثيرتيكنولوجيز) التي أنشئت في ديسمبر 2007 عن طريق تكتل بين شركتين فرنستين هما (أوبا ثيركارد سيستام) و(فرانسواشارل- أوباثير فيدرسيار) وهناك جدل كبير حول الأزمات والهزات التي مرت بها في فرنسا وألمانيا، وهي مصنفة في القائمة السوداء لدى جمعيات حقوق الإنسان في أوروبا لأنها زوّدت إسرائيل بمعدات تكنولوجيا استخدمت، والمفارقة أن إسرائيل تستخدم “العبرية” في الأجهزة المستلمة من الشركة بينما الجزائر تستخدم الفرنسية بالرغم من أن اللغة لا تطرح إشكالا إلكترونيا لاستخدامها.

ماذا يعني إدماج معلومات الهوية مع جواز السفر؟
من حق “الطيران المدني الدولي” أن يوحد المعلومات المتعلقة بجوازات السفر، وعلى كل من يريد السفر الالتزام بها، لكن ليس من حق وزارة الداخلية أن تتعامل مع طالب بطاقة التعريف الوطني بمنطق طالب جواز السفر، لأن البطاقة هي للدولة وليست للتعامل الدولي، فجواز السفر الجزائري الحالي غير معترف به داخل الجزائر ولكنه معترف به دوليا.

وإذا كانت منظمة الطيران المدني الدولية حددت للحكومات في العالم سنة 2015 كآخر أجل للتعامل بجوازات السفر غير البيومترية الإلكترونية، فهذا يعني أنها أعطت فرصة 5 سنوات، وهي فترة كافية بالنسبة للخمسة ملايين جزائري ممن لهم جواز سفر يتطلب مطابقته دوليا. ولكن هل نحن مجبرون على استخدام المعلومات نفسها في بطاقة التعريف؟! وهل الـ 25 مليون جزائري المطالبون بتجديد الهوية مجبرون على رهن معلوماتهم لشركة أجنبية؟ وهل تدرك وزارة الداخلية بأن شعب الكونغو عاقب حكومته ومنع الشركة من إنجاز حلم فرنسا؟ وهل تدرك لويزة حنون أن رأسمال الشعوب هي المعلومات؟ ماذا نقول عن شعب بريطانيا العظمى الذي رفض برلمانه اقتراح جون مايجر رئيس الحكومة بإنشاء “بطاقة هوية” للشعب؟

وماذا نقول عن الشعب الأمريكي الذي يتعامل ببطاقة “الضريبة”.. أعتقد أن المعلومات المطلوبة في الاستمارة ليست بهدف حماية البلاد من الإرهاب ولكن لبيعها ونزع هويتها، ولنتوقف عنذ ذلك لنؤكد ما ندّعيه:

أولا: التعريف بالاستمارة
الاستمارة أو الاستبيان تستخدم الأسئلة المغلقة والأسئلة المفتوحة، والاستمارة التي يملؤها صاحب الوثيقة سيجد في أسفل يسارها إشارة (10 / 1) وتعني وجود 10 صفحاتها من حجم (21 x 27) لكن حين نعدها نجدها تتألف من 12 صفحة، وأن صفحتين مكتوب عليهما “أناكس” أي ملحقتين بالاستمارة وتخص المتزوجين والأولاد.

وتتألف الاستمارة من سبعة عناصر:

1- الحالة المدنية لطالب الوثيقة (28 معلومة)

2- المسار الدراسي بأطواره الخمسة (أسئلة مفتوحة ومغلقة)

3- مسار الخدمة الوطنية (أسئلة مفتوحة ومغلقة)

4- النشاط المهني أو الوظيفي (أسئلة مغلقة ومفتوحة)

5- الأب (14 معلومة)

6- الأم (6 معلومات)

7- الضامن (معلومات ذات أسئلة مغلقة)

الشاهد في الوثيقة
إذا كانت الوثيقة مقسمة إلى قسم مخصص للسلطة التي تصدر الوثيقة (13 معلومة) وقسم مخصص لطالب الوثيقة البيومترية وثالث مخصص للشخص الضامن في الوثيقة، فإن أهم قسم فيها هو الضامن أو الشاهد، فهو المخوّل بتحديد هويتك: ما إذا كنت أنت هو أنت اسما وصورة. وبفضله تعترف السلطات بوجودك كاسم ولقب وصورة.

والمطلوب من الضامن ملء الاستمارة (صفحة 5) استنادا إلى بطاقة تعريفه، وأن يوقع على صورة من صورك الشخصية الأربع المقدمة في الملف، ويوقع على التصريح التالي:

“أصرح بشرفي أنني أعرف الشخص المعني بالأمر صاحب الصورة والمعلومات المذكورة في الاستمارة منذ سنتين على الأقل”.

وإذا كان صاحب الطلب يوثق معلوماته لدى السلطات (رخصة السياقة) فإن الضامن فيه لدى السلطات يوثق توقيعه أو تصريحه بـ (بطاقة الهوية)، علما بأن الوثائق المطلوبة ومنها شهادة الميلاد (وليس عقد الميلاد) تكون خاصة ويوقعها رئيس البلدية -مسقط الرأس- أو أمينها العام، وتعطى مرة واحدة في العمر، إلى جانب الوثائق الأخرى منها شهادة ميلاد الوالدين والجنسية والإقامة والحالة المدنية، وشهادة العمل وأربع صور، ونسخة من فصيلة الدم، والجواز أو البطاقة المنتهى الصلاحية. فهل يعقل أن يكون الضامن أهم من وثائق الدولة؟

هل الفرنسية لغة وطنية


الاستمارة، في جوهرها تضم 6 صفحات باللغة العربية و6 صفحات أصلية باللغة الفرنسية، ومطالب بأن تكون متطابقة المعلومات باللغتين، بالرغم من أن الدستور الجزائري ينص على أن اللغة العربية لغة رسمية وأن الأمازيغية لغة وطنية. فما موقع الإعراب بالنسبة للفرنسية سوى أن من يعالجون “المعومات والمعطيات” يجهلون العربية أو يجهلون الإنجليزية المستخدمة في “لغة الطيران المدني الدولي” ومن يتوقف عند طريقة إعداد الاستمارة يجد أنها لم تراع الدقة، فالقسم المخصص للسلطة التي تصدر جواز السفر يتناقض مع التنصيص على (جواز سفر) أو (بطاقة التعريف الوطنية) فيفترض أن نسمي القسم الأول بـ (المخصص للسطات العمومية)، والقسم الثاني المخصص للضامن ثم طالب جواز السفر أو البطاقة الوطنية باعتبار أن السلطة صارت وسيطا بين المواطن الضامن والمواطن المضمون فيه.

ونجد على يمين الاستمارة بخط كبير كلمة (بالغ) ومفهوم البالغ هو الذي حدده القانون الجزائري بالمؤهل للتصويت، في حين نجد في يسار الاستمارة بخط أصغر ما يلي لـ “شخص ذو – وليس ذي – 16 سنة فأكثر).
فهل من بلغ 16 سنة صار مواطنا ضامنا ومضمونا؟

ما يؤسف له هو كثرة الأخطاء، فشهادة الميلاد تسمى (عقد الميلاد) والأم صارت أبا في صفحة (10) الوثيقة الثالثة، والتصديق على الوثيقة صار مصادقة (مصاحبة)، وهو خطأ شائع في الجزائر و(المدينة) صارت (البلد)، والمفعول به صار مرفوعا (اذكر واحد) صفحتا (6 – 8)، وحتى المعتل مثل (العادي) لا تحذف العلة فيه في النكرة (عادي) صفحة 1 (المعلومة 6) وهناك مترادفات في الصفحة الواحدة (ص ملحق) كلمة أولاد ثم كلمة أبناء في (المعلومة 10) ترى من يجرؤ على الضمان فيك، وفي صحة المعلومات؟ وإذا كان رئيس الحكومة يمكن أن يكون الضامن في الوزراء لأخذ جوازات سفر أو بطاقات تعريف، وإذا كان الرئيس قد يضمن في رئيس حكومته فمن هو الذي سيضمن في الرئيس إذا جدد جواز سفره أو بطاقة التعريف الوطنية.

والمشكلة هي في المرأة، فمن هو الرجل الذي يضمن فيها، لأن ضمان المرأة فيها يحتاج إلى امرأتين (شاهدين) لأننا بلد مسلم.

ما قد ينجر عن المعلومات المطلوبة أكثر خطورة على المجتمع الجزائري من المعلومات نفسها، لأن المواطن فيها يفقد (وجوده) وإثبات الوجود هو للمفقودين فقط، فهل الشعب الجزائري صار مفقودا وجاءت السلطة لتثبت وجوده؟

أشك في أن يكون من وراء مشروع “الوثيقة البيومترية” من أصول جزائرية، وأشك في أننا في مجتمع الدولة، وإنما نحن عدنا إلى مجتمع القبيلة؟

http://www.echoroukonline.com/ara/aklam/aklam_elkhamis/abelali_razaki/50814.html

كلمات مفتاحية

4 تعليقاً

إضغط هنا للمشاركة بالتعليق

  • الإسلام ” البيومتري ” الجزائري؟ !
    2010.04.07 د / عبد العالي رزاقي
    حين يقع خلاف بين حزبين سياسيين فهذا أمر طبيعي، باعتبار أن كلا منهما يدافع عن برنامجه السياسي، لكن حين يصيرالخلاف جدلا حول “قضايا دينية” فهذا لعمري استغلال “الاديولوجية” لتضليل الرأي العام، والابتعاد عن المشاكل الحقيقية، خاصة إذا وصل التلاسن بين قيادتي الحزبين إلى مستوى ” تبادل التهم ” و ” الاستخفاف ” بالآخر .

    أما إذا وقع الخلاف نفسه بين وزير الشؤون الدينية والأوقاف والمجلس الإسلامي الإعلامي فهذا لعمري “سوء استخدام” لسلطة كليهما. لكن المشكلة “الجوهرية” هي حين يتحول وزير الداخلية “مفتي الديار” ويجبر المسلمين والمسلمات على التخلي عن جانب من جوانب العقيدة، بحجة احترام قانون لا وجود له في ذهنية من فرضوا علينا ” جواز السفر البيومتري “.

    اختلاف أم خلاف؟
    حين استمعت إلى خطبة الجمعة الماضية التي بثتها الإذاعات الجزائرية، شعرت بتقزز واستياء كبير من إطلاق الإمام كلمة “بُصُاق النحل” على العسل، وتساءلت: أيعقل أن يتحول عسل النحل المذكور في القرآن والأحاديث النبوية الشريفة إلى “بصاق”، لكن تداركت الأمر وقلت لنفسي: ما ذنب الجزائر إذا فقد فيها الشهيد قيمة الشهادة في كتاب ” سهام الإسلام ” للراحل عبد اللطيف سلطاني، وفقد الشهيد اسمه كشهيد في كتاب سعيد سعدي ” عميروش : حياة وميْتان ووصية “.
    فإذا كان الشهيد ليس بشهيد في الفكر الديني السلفي الجزائري وليس شهيدا في الفكر اللائكي الجزائري فإنه من الطبيعي أن يكون هناك “إسلام جزائري بيومتري” يفرضه علينا وزير الداخلية باللغة الفرنسية، ويدعمه وزير الشؤون الدينية بفتوى امتثال المرأة لقرار وزارة الداخلية بنزع الخمار في الصورة البيومترية، وإظهار الأذنين، واستغراب رئيس المجلس الإسلامي الأعلى عن عدم استشارة وزارة الداخلية للمجلس .
    وكأننا في ” دولة ” تحترم الاستشارات الدينية أو القانونية أو تلجأ إلى أهل الاختصاص؟
    إذا كانت الحكومة تفكر في استيراد اللحوم محددة سعرها بـ300 دينار، وهي تدرك أن تكلفة الكيلوغرام هو 320 دينار، وأن سعره في السوق سيتجاوز اللحم المجمد، فهذا لعمرى نوع من الاستخاف بعقل المواطن الجزائري، لا يختلف عن شراء البطاط بأكثر من 20 دينارا وتخزينها، بعد أن وصل سعرها إلى أقل من 20 دينارا، فهذا يعني أنها تساعد المضاربين على تحديد الأسعار بأكثر من 25 دينارا للكيلو الواحد في شهر رمضان القادم .

    التفكير أمريكي والتطبيقي جزائري
    يعتقد السيد وزير الداخلية أن 25 مليون بطاقة وطنية و5 ملايين جواز سفر إذا لجأنا إلى “الوثائق البيومترية” قد تساهم في محاربة الإرهاب والجريمة، والحقيقة عكس ذلك، لأن الهدف هو “خدمة أمريكا”، فالإرهاب صناعة أمريكية، وإذ لم يصدق الوزير فليسأل نفسه: هل مات أمريكي واحد خلال الأزمة الجزائرية ( 1992 – 1999 ) ؟ ومن أين جاء الأفغان أوليسوا من ” المخابر الإسلامية الأمريكية ” ؟
    وماذا يقول السيد زرهوني لرئيس الحكومة الأسبق رضا مالك الذي طلب معلومات عن 10 آلاف جزائري من أمريكا كانوا ينشطون في أفغانستان ورفضت تقديم معلومات عنهم .
    أما الإرهاب الذي تدعمه فرنسا، فالحديث بشأنه يطول، ويمكن لوزير الداخلية أن يسأل وزير الدفاع السابق الجنرال خالد نزار عن لقائه بالسفير الفرنسي قبل توقيف المسار الانتخابي طالبا الدعم ضد الإسلاميين وماذا كان رده؟ ولماذا لجأ إلى السعودية لاستيراد ما يسمى بـ(السلفية العلمية ) ؟
    الإرهاب الحقيقي هو “الفكر الغربي الجديد” الذي بدأ مع تصويت الشعب السويسري على منع بناء المساجد، وهو يدرك أن “المال العربي والإسلامي” الموجود في البنوك السويسرية كفيل بأن يعيد سويسرا إلى ما قبل التاريخ، ونحمد الله أن ليبيا أعطت درسا لـ”سويسرا” فاعتذرت عن الإساءة إلى زوجة ابن القذافي التي كانت حاملا وأهينت في أكبر فندق في جنيف .
    من حق البرلمانات الغربية أن تمنع ارتداء ” البرقع ” أو ” النقاب ” ، وموقف إيطاليا أو بلجيكا أو فرنسا أو أية دولة أخرى ليس مهمّا لسبب واحد، فقط لأنه يتناقض مع دساتيرها .
    ولكن ما هو موقف دول ” المؤتمر الإسلامي ” ؟ وما هو موقف الجامعة العربية والأليسكو واليونسكو من هذا الموقف الغربي المناقض لحقوق الإنسان .

    منظمة الطيران بريئة من الحكومة الجزائرية !
    هناك شبه تعتيم وتضليل للرأي العام الجزائري فيما يتعلق بقرارات (منظمة الطيران المدني الدولية) فهي بريئة من قرارات الحكومة الجزائرية، لأنها لم تمنع “الحجاب” في جوازات السفر البيومترية، فقد راعت في قراراتها “الأباء البيض” الذين يرتدون “الحجاب المسيحي”.
    بحيث أكدت على أنه “لا يسمح استخدام أغطية الرأس إلا في الحالات التي توافق السلطات الوطنية المختصة عليها وقد ترتبط هذه الحالات بدوافع عقائدية أو طبية أو ثقافية “وقدمت نماذج من الصور المقبولة كصورة امرأة متحجبة دون أن تظهر أرنبة أذنيها، وحتى السفارات الأجنبية، في جميع الدول الإسلامية، لا تفرض كشف الرأس والأذنين لإعطاء التأشيرات. فمن أين جاءت تعليمات وزير الداخلية الجزائري واجتهادات وزير الشؤون الدينية، أعتقد أن تسريحة شعر المرأة لا تختلف كثيرا عن الحجاب، فهل يعقل ألا تحدد المنظمة نوع تسريحة الشعر وترفض الحجاب؟
    نقول للحكومة: قليلا من احترام مشاعرنا الدينية، فالصراع على الحكم لا يعني التراجع عن الإسلام والعربية لأنها مصدر احترام من يتولى الحكم بين المتصارعين، ونقاشنا في فضائيات عربية يدل على فشل “قناة الحكومة”، لو كانت حكومتنا تعمل لصالح الشعب لفتحت الفضاء الإعلامي السمعي البصري، وتركت المواطنين يعبرون عن آرائهم في بلدهم وليس خارجه، وللحديث بقية عن ” الملف الأمني ” للبيومتري المخابراتي الأمريكي “.

  • بلد الاسلام وبلد مسلم ونحن مسلمون كلمات تصدر من اناس لو عاش معهم ابي بن سلول لشل عقله…….
    ناس 48 سنة يحاربون الاسلام والاسلاميين هل يحترمون الاس لام وخاصة بعد نصرهم الاخير……
    والله اني احترم شارون في بعض القضايا خاصة وانه يدافع عن قومهوعقائد قومه التي لا يؤمن بها.
    في حين يحارب من سلطهم الله علينا ابسط الامور الشرعية كاللحية والخمار بدعوى التحضر وووووو…… المشكلة انهم ليسوا رجالا يطرحون افكارهم وقناعاتهم رغم عدم وجود اي خطر يهددهم فتالدولة دولتهم والحكم حكمهم والسلطة سلطتهم ولكنهم يتخفون وراء قاع النفاق والتقية كالنساء……….
    اللهم لا تحشرني معهم