تاريخ

لخضر بن طوبال رحيل أحد أبرز صقور الثورة التحريرية

الأحد, 22 أغسطس 2010 19:25
من المنتظر أن يشيع، ظهر اليوم، جثمان المناضل لخضر بن طوبال إلى مثواه الأخير في مربع الشهداء بمقبرة العالية، بعد أن وافاه أجله مساء أول أمس عن عمر يناهز الـ 87 سنة· وكان المناضل لخضر بن طوبال، يعاني من تدني وضعه الصحي منذ مدة طويلة، وكان يخضع لعناية طبية مركزة بمستشفى عين النعجة العسكري، قبل أن يسلم روحه لبارئها·
بورتريه
غياب آخر ”باءات” الثورة
رحل بن طوبال أحد صقور الثورة، وأحد مالكي أسرارها، بعد سنين طويلة من كتابته مذكراته التي لم تر النور، وينتظر أن تصدر بعد وفاته كما أوصى ذات يوم·
الخير· ش
شكّل المناضل لخضر بن طوبال إلى جانب الراحلين كريم بلقاسم وعبد الحفيظ بوصوف، ثلاثيا عرف بـ ”الباءات الثلاث” نسبة إلى الحرف الأول من لقب كل منهم (بوالصوف، بن طوبال، بلقاسم)، وبغياب بن طوبال، تختفي آخر ”باء” من تلك المعادلة الصعبة التي حددت مصير الثورة في الكثير من مفاصلها ومنعرجاتها· ولا ندري إن كان من حسن الحظ أو من سوئه أن يعيش أحد مفجري الثورة وأحد أمناء أسرارها إلى اليوم، ويعيش كل المرحلة التي أعقبت الاستقلال بكل تقلباتها ومنعرجاتها، وهو الذي ربما أدرك ذلك واختفى خلف الأضواء مدة طويلة قبل أن يتمكن منه المرض بشكل نهائي في السنين الماضية، وظل يشكل إلى جانب بعض رفقائه السابقين أساطير تستعصى على الفهم، وما زال بعض الناس يعتقدون كما اعتقدوا مع عبد الحفيظ بوالصوف أنه من شهداء الثورة التي ساهم بقوة في تفجيرها، وحتى في مآلها، بعد ما سمي بحرب الولايات والدور الذي لعبه فيها· وعندما نذكر بن طوبال، فإنه يرتبط حتما بباقي أضلاع مثلث الباءات، (بوالصوف وبلقاسم كريم)، وكان الثلاثي يشكل محور عقداء الحكومة المؤقتة، وأبرز صانعي القرار فيها، وهو الذي كان وزيرا لداخليتها بما تحمله هذه الحقيبة من أهمية وأسرار· ورغم تعدد وجوه الحكومة المؤقتة بصيغها الثلاث إلا أن بن طوبال ظل أحد ثوابتها، ليلعب دورا آخر في ما يسمى ”حرب الولايات” قبل أن يختفي تماما عن الأضواء ويحافظ على أسراره وأسرار الثورة، إلى أن حانت لحظة كتابة المذكرات، ويبدو أنه دوّنها كما رآها بكثير من صراحته التي عرفها عنه مقربوه، إلى درجة أنه لم يشأ نشرها في حياته وفضل أن يؤجلها إلى ما بعد الموت· ولم تبدأ مسيرة بن طوبال عند لحظة الثورة التحريرية، بل انخرط الشاب الذي ولد في ميلة سنة 1923 في صفوف الحركة الوطنية مبكرا وانضم إلى حزب الشعب وكان أحد أعضاء المنظمة الخاصة التي اكتشف أمرها سنة 1950 ليدفعه الأمر إلى العمل السري لاجئا إلى الأوراس، ليتعرف هناك على مصطفى بن بولعيد ومراد ديدوش ويكون أحد أعضاء جماعة الـ22 التي فجرت الثورة· وتبقى النقطة الأبرز التي شكلت محور الجدل في شخصية لخضر بن طوبال، هي دوره في تصفية المناضل عبان رمضان رفقة عبد الحفيظ بوالصوف، والتي ما زالت تثير الجدل إلى يومنا هذا، وقد تكون المذكرات المكتوبة المنتظر نشرها مناسبة للكشف عن تفاصيل ذلك الاغتيال ومبرراته من منور بن طوبال· لقد رحل بن طوبال وترك مذكراته، التي قد تفجر جدلا عمد إلى تأجيله وكان رجل ظل بارز وحافظ على غموضه إلى آخر لحظة·
المؤرخ محمد لحسن زغيدي لـ ”الجزائر نيوز”: بن طوبال كتب شهادته ونحـــــن في انتظار نشر مذكراته
يرى المؤرخ محمد لحسن زغيدي، أن رحيل المناضل لخضر بن طوبال في هذا التاريخ له دلالاته الرمزية الكبيرة، وأن نشر مذكراته المكتوبة منذ مدة طويلة من شأنه أن يؤسس لثقافة تاريخية تخدم الأجيال اللاحقة·
سأله: الخير· ش
كيف ترى غياب المناضل لخضر بن طوبال في هذا الظرف؟
تاريخ وفاة سي لخضر بن طوبال، في هذا التوقيت بالذات له دلالاته الرمزية، وهو المجاهد الذي ساهم في الإعداد والتحضير والتزويد والتوجيه والقيادة لثورة نوفمبر المجيدة، لقد شاءت الأقدار ألا يرحل إلا مع مناسبة يوم المجاهد، وهذا الأمر في حد ذاته توجيه للمؤرخ الباحث·
بعيدا عن البعد الرمزي، كيف تقرأ رحيل آخر صقور الثورة، خاصة وهو يتزامن مع تصريح لوزير الخارجية الفرنسية قال فيه أن العلاقات الجزائرية الفرنسية ستتحسن مع رحيل جيل الثورة التحريرية؟
رحيل الجيل لا يعني رحيل الفكر، فالجيل هو صانع لأحدث ومصدر لإنجازات ومنجز لأساطير، وبالتالي فإن كل ذلك لا يمكن أن ينهي الفكر الثوري، وبالتالي فإن جيل نوفمبر هو المؤسس لشخصية وطنية وفكر وتراث وطني إنساني تحرري تأثرت به شعوب العالم، فما دامت شعوب العالم تقر بأن الثورة الجزائرية هي مرجع أساسي ومستلهم لا تفريط فيه للبناء الوطني للشعوب التي تنشد التحرر، فما دامت هذه الأفكار ذات بعد إنساني نبيل، فما بالك بالمنتسبين إليها من أبناء الجيل الجديد من الجزائريين وهم الورثة المباشرون لهذا التراث الثوري· ومن هنا يكون الرد بانتهاء الثورة وفكرها غير منطقي وغير واقعي·
من جانب آخر، فإن رحيل بن طوبال، يعتبر رحيلا لخزانة من أسرار الثورة، فهل ينقرض هذا الجيل من صانعي القرار في الثورة دون أن نكتب تاريخها؟
بن طوبال ترك شهادات متنوعة حول مراحل متعددة، مرحلة النضال ما قبل الثورة، ومرحلة مسار الثورة في مختلف هيئاتها ومؤسساتها ومحطاتها، وترك هذه الشهادات مدونة في منشورات المنظمة الوطنية للمجاهدين، أو في بعض المنشورات الأخرى، بالإضافة إلى مذكراته الشخصية، التي تناول فيها بصراحته المعهودة كل تلك المراحل من منظوره الشخصي، وهي المذكرات التي لم تنشر بعد، وما دام لم توجد اعترافات صريحة، فلا يمكن للباحث أن يبني عمله على مجرد تخمينات·
وهل ترى الظرف مناسبا لنشر مذكرات شخصية من وزن بن طوبال؟
المذكرات لا علاقة لها بالظرف، فنحن الآن في مرحلة تتميز بشغف الجماهير مع هذه الصحوة الوطنية العامة التي أعقبت الانتصارات الرياضية، وجعلت من الجماهير تتعلق بوطنيتها، فما بالك بالمثقف الذي يتميز بحب الإطلاع·
ألا ترى أنه من الممكن أن تتضمن تلك المذكرات حقائق ليست في صالح أشخاص ما زالوا أحياء؟
يجب أن نفرق بين التاريخ الذي يبني ويؤسس لأمة، وبين المغالطات التي يقوم بها بعض الأشخاص· التاريخ حدث وقع ويجب أن نعرفه، وما وقع اليوم يكشف غدا، فيجب أن نضع الأمور في إطارها ونساهم في نشر الثقافة التاريخية، والمعرفة التاريخية تؤدي إلى تحصين الجيل وإعطاء المناعة للأجيال القادمة·
قالـــــوا
محمد الشريف ولد الحسين:
لقد كان إلى جانب كريم بلقاسم أحد المنظمين والمنظرين الكبار للثورة، وكان له دور كبير في مسيرة الثورة التحريرية، وأنا اليوم حزين جدا لرحيل هذا المناضل الكبير الذي كان لي الشرف أن تكلمت معه، وكان متعبا جدا في المرحلة الأخيرة من حياته إلى درجة أثّر ذلك على ذاكرته وهو في هذا السن المتقدم· وبخصوص ما قيل عن دوره في قضية عبان، فأنا أرى أن الثورة الجزائرية كبيرة ولها تفاصيلها وأسرارها التي لم تظهر بعد، والذين يثيرون هذا الأمر يعرفون أن الثورة ما زالت حية·
الرائد عز الدين:
سي لخضر بن طوبال رحمه الله، كان أحد حكماء الثورة ولعب دورا كبيرا في كل مراحلها، لقد كان حكيما وعاقلا·
وأقول عاقلا وأنا أتكلم عن دوره الكبير في تجنب الأزمات التي مرت بها الثورة، ولم تكن تهمه إلا مصلحة الثورة ومصلحة البلاد· وحتى بعد الاستقلال فإنه لعب دورا آخر في تجنب الأسوأ في ما سميت بحرب الولايات، لقد كان حكيما بالفعل، وقام بدوره كما يجب ثم انسحب في اللحظة المناسبة من الحياة السياسية وهو يدرك ماذا يفعل·

http://www.djazairnews.info/national/42-2009-03-26-18-31-37/18746-2010-08-22-18-27-34.html

2 تعليقاً

إضغط هنا للمشاركة بالتعليق

  • بن طوبال يوارى التراب اليوم بمقبرة العالية
    رحيل آخر صقور الثورة التحريرية وصندوق سرها
    2010.08.22 محمد مسلم

    فضل البقاء بعيدا عن الأضواء لمدة طويلة، بالرغم من أنه أحد أبرز رجالات الثورة الذين صنعوا الاستقلال، غير أن إثارة قضية وفاة استشهاد عبان رمضان، هدمت جدار الصمت الذي أحاط به نفسه، وخرج ليقول بأن الشهيد عبان راح ضحية تصلب مواقفه إزاء رفقائه في الجهاد..إنه سليمان بن طوبال المعروف باسم لخضر أو عبد الله، الذي انتقل إلى جوار ربه أول أمس.

    يعرف عن لخضر بن طوبال بأنه أحد الباءات الثلاث إضافة إلى عبد الحفيظ بو الصوف، وبلقاسم كريم، الذين كانوا يشكلون النواة الصلبة للثورة التحريرية، فقد كانت كل صغيرة لا تمر دون موافقة هؤلاء الثلاثة، وهو ما دفع بالجيش الاستعماري إلى العمل بكل ما أوتي من قوة وإمكانات للقضاء عليه ورفاقه. نفوذ الراحل وقوته داخل الثورة واستماتته من أجل دحر الاستعمار الفرنسي، مكناه من شغل مناصب بارزة ونوعية إبان الثورة التحريرية، مثل العضوية في لجنة التنسيق والتنفيذ، التي انبثقت عن مؤتمر الصومام في أوت 1956، والمجلس الوطني للثورة، وتعيينه وزيرا للداخلية في الحكومة المؤقتة، وكذا مشاركته في مفاوضات الاستقلال مع السلطات الاستعمارية في “لي روس” وفي “إيفيان”.
    لخضر بن طوبال، أو”الشينوي”، كما كان يحلو لرفقائه في الجهاد تسميته، من مواليد عام 1923 بميلة، كان سباقا في الانخراط في صفوف حزب الشعب أثناء الحرب العالمية الثانية وهو شابا يافعا، ثم ما لبث أن انضم إلى المنظمة الخاصة (وهي الجهاز العسكري لحزب الشعب)، الأمر الذي مكنه من الإشراف على تنظيم الخلايا العسكرية لهذا الجهاز بالشمال القسنطيني.
    بعد إكتشاف أمر المنظمة الخاصة لجأ إلى جبال الأوراس هروبا من مطاردات الشرطة الفرنسية، وهناك تعرف على قياديين في حركة إنتصار الحريات الديمقراطية، من أمثال مصطفى بن بولعيد، القائد التاريخي للولاية التاريخية الأولى، رابح بيطاط. عمار بن عودة وغيرهم.
    حرصه وتفانيه في محاربة الجيش الاستعماري، وقربه الدائم من أبناء الحركة الوطنية وقادتها، مكنه من أن يكون أحد الأعضاء في مجموعة الـ 22 التي خططت لاندلاع الثورة التحريرية، بحيث أشرف على العمليات الأولى بنواحي جيجل والميلية، كما كان من بين المؤطرين لهجومات الشمال القسنطيني في 20 أوت 1955 رفقة الشهيد زيغود يوسف، التي جاءت بغرض فك الحصار الذي فرضه الجيش الاستعماري على منطقة الأوراس. كما أصبح الفقيد قائدا للولاية الثانية التاريخية، بعد استشهاد البطل زيغود يوسف في 1956 .
    ويعتبر الفقيد صندوق سر الثورة التحريرية بما يحوزه من معلومات سرية حول سبع سنوات من الحرب المدمرة ضد الاستعمار الفرنسي، غير أنه فضل التكتم عليها، غير أن مذكرات الفقيد التي تنتظر الطبع، كفيلة بالإجابة على الكثير من ألغاز الثورة التي لا تزال بحاجة إلى تفكيك.
    هذا، وتلقى النظرة الأخيرة على جثمان الفقيد اليوم في حدود الساعة العاشرة، بمقر المنظمة الوطنية للمجاهدين الكائن بـ 23 شارع غرمول بالجزائر العاصمة، على أن تتم الجنازة مباشرة بعد ذلك بمقبرة العليا.
    أحمد محساس: “بن طوبال كان مثالا في التضحية”
    يعتبر الراحل لخضر بن طوبال”أحد أركان الثورة التحريرية ورجالات الحركة الوطنية الصناديد”، بهذه العبارة لخص المجاهد لخضر محساس مسيرة الراحل إبان الحرب من أجل الاستقلال. يقول محساس “عرفت لخضر بن طوبال قبل وأثناء وبعد الثورة.. كان مناضلا قويا وجديا، عرفت عنه الثبات على المواقف رغم المصاعب التي واجهته”. وأضاف محساس في اتصال مع “الشروق” أن معرفته بالرجل تعود إلى مرحلة ما قبل الثورة عندما انتقل للعمل الثوري في قسنطينة، وهناك يقول المتحدث إنه وقف على خصال فريدة قلما تجتمع في الشخص الواحد، مشيرا إلى أن الفقيد “أدى واجبه، وقدم ما يجب من التضحيات، التي بفضلها ننعم اليوم بالاستقلال”.
    لمين خان: بن طوبال كان عملاقا وعاش بسيطا
    وصف الأمين خان، رحيل المجاهد لخضر بن طوبال بالخسارة الكبيرة للجزائر، واعتبر الفقيد أحد عمالقة ثورة التحرير، بالنظر لما قدمه للجزائر من تضحيات. وقال خان في اتصال مع “الشروق” معلقا على وفاة بن طوبال “كان الراحل عملاقا من عمالقة الثورة الأوائل، حضر اجتماع الـ 22، ومؤتمر الصومام، ورئيسا للولاية الثانية، وعضوا لمجلس التنسيق والتنفيذ ووزيرا للداخلية في الحكومة المؤقتة”.
    وأضاف لمين خان مثنيا على خصال الفقيد “بن طوبال كان على قدر كبير من الذكاء، ومع ذلك عاش بسيطا”، لافتا إلى أن الرجل تعرض للظلم في الأيام الأولى للاستقلال، عندما سجن في 1962. ومن المواقف الطريفة التي وقعت لبن طوبال، كما جاء على لسان لمين خان، الحادثة التي وقعت له بالصين نهاية الستينيات، حيث قال للصينيين بأن الجزائريين فقدوا مليون شهيد، غير أن ذلك لم يثر الصينيين، ما اضطره للقول بأن المليون في الجزائر يعادل 60 مليونا في الصين، بمقارنة سكان البلدين، وهو ما اندهش له أبناء ماو تسي تونغ.
    وتأسف المجاهد ورفيق الفقيد في الجهاد بالولاية التاريخية الثانية، لمين خان، للاهتمام الذي عادة ما يخص به رجالات الثورة بعد وفاتهم، ومنهم بن طوبال، الذي عانى من المرض لمدة عشرين سنة، متسائلا إن كان الفقيد قد لقي من العناية ما يوازي الاهتمام الذي لقيه بعد وفاته.

    http://www.echoroukonline.com/ara/national/58018.html

  • إلى روح الفقيد بن طوبال!

    2010.08.24
    هممت قبل اليوم أن أجعل قلمي يبكي الراحل البطل عبد اللّه بن طوبال.. لكن رهبة وجلال هذا الرجل جعلتني أحسب لما أكتبه ألف حساب. فالرجل ليس كبقية الراحلين. فهو أحد الباءات الثلاثة وأكثرهم ثقافة ورجاحة عقل.. فهو أحد صناع اليوم الخالد الذي هو أول نوفمبر الثاني.. يوم حي العرب 1955.. والذي سموه فيما بعد بـ20 أوت 1955، كنت كلما ألتقي الراحل بن طوبال أحس برهبة لا أحس بها إلا أمام ثلة قليلة من الثوار العظماء الذين تشرفت بمعرفتهم.
    حاولت ذات مرة أن أمازحه فقلت له: نفسي أفتح صندوق أسرارك الثورية بالشاليمو.. فقال لي ضاحكا: كل شيء ستعرفونه بعد مرافقتي إلى العالية.. فقد دونت كل شيء.. ولن يعرف إلا بعد مغادرتي الحياة!
    كنت شغوفا ولازلت لمعرفة موقف هذا الراحل العظيم من أزمة 1962 وكيف تصرف بن طوبال على نحو مغاير لرفاقه في الحكومة المؤقتة فلم يدخل في الصراعات الدموية.. وهو من هو في هذا الأمر.. أليس هو أحد صناع 20 أوت؟ وفضّل المرحوم مواصلة النضال بطرق أخرى تاركا السلطة لمن يعشقها.. بل وقال لأحد المقربين منه: هم أخذوا السلطة وأنا سأناضل بوسيلة أخرى.. وشكل شركة لترحيل المعمرين عن الجزائر! لأنه كان يرى أن ترحيل المعمرين عن الجزائر من الواجبات بعد واجب الثورة!
    رفيق ديدوش مراد وزيغود يوسف هو الذي كان وراء الحكمة التي تميزت بها الولاية الثانية.. فلم تعرف هذه الولاية ما عرفته بعض الولايات الأخرى من صراعات حادة على القيادة وصلت أحيانا إلى سفك دماء الرفاق.
    كنت أتمنى أن أعرف تفاصيل رفضه لتدخل مصر في شؤون الثورة عندما كانت القيادة في القاهرة.. وكيف دعا مع بوصوف وكريم لنقل القيادة إلى تونس لقص أصابع فتحي الذيب داخل الثورة الجزائرية.
    ولدوره المميز في هذه القضية كلفته القيادة بالسفر إلى موسكو لإقناع السوفيات بضرورة تحويل السلاح المرسل إلى الجزائر من القاهرة إلى طرابلس.. لأن المصريين يستخدمون حكاية مرور السلاح إلى الثورة على موانئهم في المساومة وفرض الوصاية على الثورة. ولكن الروس قالوا له: إن ليبيا السنوسي دولة رجعية ونحن لا نتعامل مع الرجعية! فقال رحمه اللّه لكروتشوف: سأقول للشعب الجزائري بأن الاتحاد السوفياتي لا يريد مساعدتك! وأحس كروتشوف بأن سي لخضر يهدده.. فقال له: ألا تعرف بأنك تتحدث مع زعيم دولة عظمى؟.. فأجابه بن طوبال بلغة الثائر العظيم: أنا يا سيادة الرئيس لم أخطئ في ركوب الطائرة عندما قدمت إليكم!
    رحمك اللّه يا سي عبد اللّه وألهم الشعب في رحيلك جميل الصبر!

    سعد بوعقبة

    http://www.al-fadjr.com/ar/point_organisation/159118.html