مكتبة

وثيقة: شهادة علي بن حجر في قضية مقتل الرهبان السبعة بالجزائر

قناة الجزائر (خاص) – هذه الشهادة/الوثيقة، كتبها علي بن حجر أمير جماعة الرابطة الإسلامية للدعوة و الجهاد عن حيثيات و تفاصيل اختطاف الرهبان الفرنسيين في منطقة تيبحرين بالمدية ليلة 26 إلى 27 مارس 1996، حيث كان قريبا من الأحداث وكان ضمن المجموعة التي عقدت الأمان للرهبان أشهراً قبل ذلك. هذه الوثيقة تم تفريغها من رسالة من 30 صفحة أصدرها علي بن حجر بتاريخ 17 جويلية 1997 (النسخة التي نملكها ضاعت منها الصفحات 21 و22).

الرابطة الإسلامية للدّعوة و الجهاد

وجاهدوا في الله حقّ جهاده

قضية مقتل الرهبان السبعة بالجزائر

بقلم: أبو شعيب علي بن حجر

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلّ اللهم و سلّم على محمّد خاتم الأنبياء و المرسلين وعلى ءآله الأطهار وصحبه الأخيار.

تمهيد
هذه الشهادة قطرة من بحر الأحداث الجارية بالجزائر بين أبناء الدعوة و المساجد، أنصار الجبهة الإسلامية للإنقاذ في سعيهم الحركي الجهادي بنوعيه السلمي و المسلّح، لإقامة شرع الله و تحكيمه في ربوع هذه الأرض الطيّبة…وبين أهل الباطل الذين يعملون جاهدين لردّ الحق وإبقاء دار لقمان على حالها..حفاظاً على آرائهم الشيوعية الملحدة التي لفظتها دول المعسكر الإشتراكي التي تربّت في أحضانها…وحرصاً منها على فصل الدّين عن الدولة..وإبعاد الإسلام ومنعه من العودة إلى حياة المسلمين و إنارة السبيل لهم..وإصراراً كذلك على طمس معالم اللّغة العربية من قاموس هذا الشعب المغلوب على أمره، حتى تترسّخ لغة المُستعمر القديم في ألسنتهم وقلوبهم و يتمّ له استلاب شخصيتهم…وتحقيقاً كذلك لرغبات أفراد في السلطة لا يهمّهم إلاّ الثراء و الجري وراء الشهوات، فيدوسون في سبيل بلوغها كلّ القيم، وتهون عليهم الحرمات، ويضعون أيديهم في يد الشيطان، ما دام يجاريها في أهوائهم ولا يقف مانعاً في وجوههم.
إنّه صراعٌ قديم قدم البشرية و الرّسالات الرّبانية..وسنّة كونية لحكمة إلهية، لا مناص منها قال الله تعالى:(ونبلوكم بالشر و الخير فتنة وإلينا تُرجعون) الأنبياء الآية:25.
إننا نرجوا بهذه الشهادة إتباع سبيل الحق، و الصراط المستقيم، صراط الله الذي دلّنا عليه القرآن الكريم وبيّنه الرسول صلى الله عليه و سلّم بسنّته…حتى غدا كالمحجّة البيضاء ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلاّ هالك..وتتابع على هذا النّهج السوي، و الهدى القويم رجال سلفنا الصالح وعُلماؤه، وتولّى رايته شيوخنا عباسي مدني وعلي بن حاج و محمد السعيد بمواصلة السير على جادّته وهم ورثة الأمير عبد القادر و المقراني و بوعمامة وجمعية العلماء في جهادهم لردّ الظلم وبعث المُجتمع الإسلامي من جديد..وحثّنا على التزام هذا الخط الأصيل الوسط بلا إفراط ولاتفريط إخوان لنا لايمكن إحصاؤهم..أذكر منهم الأخ أحمد الزاوي الذي آذتنا جماعة زيتوني وزوابري فيه، وحاكمتنا من أجل اعترافنا بوسطيته وذكرنا لإسمه..وحاولت توريطه لدى الدول الأوربية لتنتقم منه بعد أن أصبح بعيداً عن متناول يدها، وكلّ ذلك بسبب علمه الشرعي و أدلّته الواضحة ومناهضته للتكفير و الهجرة، واعتداله برفض غلوّهم وأساليبهم، ولاغرابة في سلوك هؤلاء المنحرفين مع الرّهبان السبعة (رجال الدّين المسيحي) حين قتلوهم، فقد قتلوا كثيراً من الدُعاة الربانيين و قادة الجهاد المُخلصين، كالشيخ محمّد السعيد و عبد الرّزاق رجّام وأبي بكر زرفاوي، وطالت يدهم أيضا لتغتال الشيخ الطاعن في السن أحد مؤسّسي الجبهة الإسلامية للإنقاذ عبد الباقي صحراوي في باريس، و الشيء من معدنه لا يُستغرب كما يُقال.
فتحية وسلاماً إلى شيوخنا الثابتين على نهجهم..وإخواننا الصابرين على البأساء و الضرّاء ومزيداً من الصبر و الثبات..فإنّ الفرج لا يأتي إلاّ بعد الشدّة..واليُسر مع العُسر..و النّصر مع الصّــبر..فاصبروا وصابروا ورابطوا و اتّقوا الله لعلكم تُفلحون.

الجزائر في: الإثنين 12 ربيع الأول 1418 هــ
الموافق لــ: 17 جويلية 1997 م.

أمير الرابطة الإسلامية للدعوة والجهاد
أبوشعيب علي بن حجر.

==========

بسم الله الرّحمن الرّحيم
وصلّ اللهم و سلّم على محمد خاتم النبيين و على آله وصحبه أجمعين.

قضية الرهبان السبعة بالجزائر
إنّ قضية الرهبان السبعة الذين قُتلوا في المدية على أيدي جماعة (الجيا،GIA) الجماعة الإسلامية المسلّحة، في شهر ماي 1996، بعد اختطافهم أواخر شهر مارس لنفس السنة، أثارت ضجة كبيرة وردود فعل صاخبة داخل الجزائر وخارجها في ذلك الحين، ثمّ طويت الصفحة بسرعة وكأنّ القضية سوّيت في الوقت نفسه، مما يُشير إلى رغبة السلطات الفرنسية والجزائرية في دفنها وحجبها بعد أن أدّت دورها في إثارة الهلع و الفزع من الجماعة، وإبلاغ المجتمع الدولي رسالة مؤدّاها أنّ الذين يدّعون الإلتزام الدّيني و يريدون بناء الدولة الإسلامية هم أول من يعتدي على المتديّنين، ورسالة أخرى إلى العالم بأنّ الإسلام ليس دين تسامح أو رحمة لأنّه لا يستثني أحدا من انتقامه، بما يحمل في ثناياه من روح الإستبداد و الوحشية، ولهذا يتوجّب على العالم الغربي أن يتوحّد ضدّهم، كي لا يترك هذا المارد يخرج من قمقمه وذلك بمساعدة الأنظمة الحاكمة في العالم العربي والإسلامي للقضاء على دعاة الإسلام بالحديد و النّار دون تمييز أو تقصّي للحقائق و تجرّد للحق.
وقد جاء على ألسنة كثير من المسؤولين وبعض كبار الشخصيات في فرنسا وفي تصريحاتهم لمختلف الصحف و القنوات الإذاعية و التلفزية، كل ما يزيد صورة المسلمين سواداً وقتامةً ووحشية في ضمائر النّاس ومخيّلاتهم أينما كانوا في أرجاء هذه المعمورة، وتناسوا و الأصح أن نقول تعاموا عن حقيقة الإسلام بوسطيته ورحمته وعدالته و إنسانيته الربّانية التي لم تبلغها إنسانية العالم الحضاري لحدّ الساعة و لم يسبق لها أن عرفتها على مرّ العصور إلاّ في أزمنة ازدهار الحضارة الإسلامية.
لذا أرى لزاماً عليّ كشاهد حاضر في الأحداث أن أُسجّل الحقائق المشاهدة و المسموعة و الملاحظة في هذه الحادثة التي ارتكبها أناسٌ ينتمون إلى الإسلام قولاً واعتقاداً ويخالفون تعاليمه روحاً ومنهاجاً وسلوكاً.

إنّ رُهبان تيبحيرين بأعلى المدية معروفون في البلدة بقدم ديرهم واشتغالهم بالعبادة والفلاحة الذاتية وبذل العلاج و المداواة لمعظم الناس، وهذا ما جلب احترام الناس لهم في المدية على اختلاف مشاربهم وأعمارهم وإقبال المرضى على أدويتهم وعلاجهم (لأنهم على اتصال دائم بمختلف التطورات الطبية في العالم الغربي حيث تمدّهم المنظمات العالمية و الكنسية بما يحتاجون إليه، وهذا من ضمن برنامجهم العالمي أو الديني كما يعتقدون، حيث يدخلون عوالم الناس بالمساعدات الطبية و المادية و المعنوية لعرض اعتقاداتهم ودينهم) غير أنّ رهبان تيبحيرين على طول مدّتهم هناك، وكثرة خدماتهم الإنسانية للشعب على ما أعلم وأعرفه وما بلغني من السكان المحيطين بهم لم يؤثّروا على تمسّك الشعب بدينه و اعتقاده، ولم يُعاديهم الناس لاختلاف الدين وإنّما كان الإحترام متبادلاً وتامّاً، وفي نهاية الثمانينات وبداية التسعينات حين قرر سكان حي تيبحرين بناء مسجد جامع للصلاة تقدّم هؤلاء الرّهبان لسكان الحي بمساعدة في هذا الميدان تتمثّل في التنازل لهم عن غرفة من الدير يستعملها أهل الحي في الصلوات الخمس حتى يفرغوا من بناء المسجد، فقبل السكان وبالأحرى نقول لجنة بناء المسجد بهذا العرض، وكانوا يُصلّون بهذه الغرفة المُعارة لهم من الرُّهبان ويؤذنون لكلّ الأوقات.

كما أنّ جيش التحرير الوطني أثناء الثورة، استعان ببعض الرهبان في الحصول على الأدوية ومداواة الجرحى وهذا بشهادة قادة الولاية الرّابعة ومنهم الرائد الأخضر بورقعة صاحب كتاب (شاهد على اغتيال الثورة) ومثله ما أشارت إليه جريدة الخبر العدد 1673 بالنّص التالي:((ويذهب أحد مثقفي المدينة إلى أبعد من ذلك ويوظّف التاريخ، حيث يذكر أنّ أحد رجال الدّين المُختطفين قد تعرّض لعملية اختطاف مماثلة إبّان الثورة الجزائرية، لكن في ظروف وملابسات تختلف، انتهت بإطلاق سراحه..لتتكرر الحادثة ويعيد التاريخ نفسه بالنسبة لهذا الراهب)) اهـــ.
والمدينة المذكورة هي المديّة، ولا ندري لما تحفّظت الجريدة في ذكر إسم هذا المثقف، فقضية اختطافهم أثناء الثورة شائعة و معروفة لدى مجاهدي ثورة التحرير وعامّة الشعب بالمدية، وكذا تعاونهم مع الثورة.

ليلة إعطاء الأمان:
في ليلة الرّابع و العشرين أو الخامس و العشرين من ديسمبر 1993م، وهي ليلة الإختفال بأعياد الميلاد عند النّصارى (أي ليلة عيد ميلاد المسيح عيسى ابن مريم عليه السّلام)، قصدنا دير الرهبان بتبحرين، وذلك من جبال تمزقيدة التي تُطلّ عليهم بقممها الشامخة، وكنّا كالتالي: الشيخ يونس وهو عطية السايح والأخ أيوب(الوناس) من العاصمة، والأخ العيد زياني من قطيطن، و الشيخ عيسى حمزة وهو أكبرنا سنّا من البليدة والأخ ثابت من تمزقيدة، و المتحدّث علي بن حجر كنا ستة، وعندما وصلنا الدير بعد مغرب الشمس وجدناه مُغلقاً، فتسلّق العيد السور وقفز داخل الجنينة وفتح الباب، فرابطت مع الشيخ عيسى والأخ ثابت في الطريق أمام الباب للحراسة ولصرف المارّين من أصحاب الحي بِلُطف بعد أن لحظ بعضهم تحرّكنا، ودلف الشيخ عطية وأيوب والعيد إلى الدير، وقد انتظرنا أكثر من ساعة و نصف الساعة ليعود إلينا الإخوة المذكورين وعلامات الإرتياح بادية على مُحيّاهم مما أشعرنا أنّ التوفيق حالف سعينا، وكان الشيخ عطية قبل ذلك اليوم قد استشارني في هؤلاء الرهبان، فأخبرته بأنّهم مسالمون وهذا ما نعرفه عنهم في المدية ويمكن أن يُعينونا كما أعانوا إخواننا في الثورة الأولى طبياً ومادياً، فقبل هذا الرأي وسعى نحو تحقيقه في هذه اللّيلة كما ذكرت.
فلما خرج الإخوة الثلاثة من الدير أقبلوا علينا ونحن في انتظارهم بحراسة المكان يخبروننا ما جرى لهم في الدير من أول دخولهم حتى آخر لحظة فارقوا فيها الرهبان.

لقد طلب العيد وهو أول من دخل الدير من الرهبان الذين وجدهم، أن يجثوا على ركبهم إلى الحائط، وكان رحمه الله لايعرف اللغة الفرنسية فخاطبهم بكلمات عامّية، فهموها فاستجابوا له وهم فزعون، ولمّا دخل الشيخ عطية وأيوب طالبا من الأخ العيد أن يتأخر قليلاً، وتقدّم فخاطبهم الأخ أيوب بالفرنسية وبلغم أنهم لم يأتوا إلى الدير ابتغاء الشر، وإنّما قدموا في مهمة خيرية، فذهب عنهم الرّوع، واستعادوا وضعهم العادي، وعندها طلبوا من الإخوة أن لا يروّعوا كبيرهم الطبيب الذي كان مريضاً طريح الفراش في غرفة أخرى وقد كبر سنّه، فطمأنوهم ووعدوهم خيرا، وقد وجد الإخوة طاولة حافلة بالطعام و الشموع حيث كان الرهبان على وشك الإحتفال بتلك الليلة على طريقتهم، ويظهر أنّهم لم يكونوا وحدهم فقد كان ضيفاً عليهم المدعو (نيكولا) ويُسمّي نفسه الجيلالي و هو فرنسي يشتغل أستاذاً بالتعليم الثانوي و الجامعي مؤخراً في المدية، وثلاثة ضيوف آخرين من السّود يإفريقيا وأغلب الظنّ أنّهمم من بوركينافاسو.
ولما حظر الطبيب تحدّث معه الإخوة، فامتنع في أول الحديث عن المساعدة لكنه عاد فاستجاب لطلب الشيخ عطية الذي خاطبه باسم الجماعة الإسلامية المسلّحة بصفته نائب أمير الجماعة جعفر الأفغاني وفي نفس الوقت أمير الكتيبة الخضراء بولاية المدية، وقد عرف الرهبان الشيخ عطية من الجرائد وكلام الناس عنه و أوصافه وخاصة من صوته الأخن (صوت يخرج من الخيشوم) ومن توجيهه بالخطاب إليهم وطاعة المجاهدين الآخرين له. ولكنهم اطمأنوا بعد أن خاطبهم بالفرنسية وأبدى رغبته في مساعدتهم للجهاد بما يستطيعون من مال ومداواة وتقديم الأدوية، فاستجابوا لهذا الطلب ووعدوه بمداواة المرضى و الجرحى وتقديم الأدوية إذا لزم الأمر واعتذروا عن المساعدة المالية بأنّ حالهم ليست على ما يُرام ماديا وأنّهم ليس لهم ما يزيد عن حاجتهم، فرضي الإخوة بذلك وأعطاهم الشيخ عطية عهداً بالأمان أي بعدم التعرّض لهم و أنّهم لا يصيبهم سوء من المجاهدين أو الشعب ماداموا عند وعدهم بالتعاون معنا.
هذا العهد بالأمان سمعته بأذني من الشيخ عطية خارج الدير وشهد بذلك الأخَوَان العيد و أيوب وكان العيد قد تعرف داخل الدير على نيكولا المذكور سابقاً فقال للشيخ عطية مناجاةً بينهما هذا هو نيكولا المتعاون مع السلطة في التعليم وليس راهباً، ويمكن اختطافه بناءاً على ذلك، فرفض الشيخ طلب العيد، ولما خرجوا إلينا على عتبات الدير أخبرني الشيخ بالقضية وأنّه رفض القيام بهذا العمل لأنّهم في عبادة وأنّه قد أعطى لهم الأمان جميعاً (أي جميع من كانوا في الدير) وتمّ العقد، فأيّدته على ذلك وشجّعته على المُضي في هذا الطريق لأنّ المسلمين يوفون بالعقود.
وانصرفنا تلك الليلة عائدين إلى الجبل ولم نعد إليهم البتة، وإنما كان بعض مرضانا و جرحانا يتسربون إلى الدير في وضح النّهار في زي مدني مثل باقي أفراد الشعب الوافدين للعلاج دون إثارة شبهة أو لفت انتباه، كما أنّه لم تستجد في تلك الفترة حالة جريح خطيرة تستدعي نقله إلى الدير أو نقل الراهب الطبيب إليه حيث يوجد، وقد كان الشيخ يعتزم استدعاء الراهب الطبيب عند الحاجة إلى منزل (الأب روبر) في طرف الجبل بالقرب من بلدية تمزقيدة. وقد حدث مرّة أنّ أحد المجاهدين عالج هناك في الدير ثم خرج من غرفة الطبيب ناسياً كيساً له فتتبعه الطبيب وناداه ثمّ سلّمه كيسه وإن دلّت هذه الحادثة على شيء فإنّما تدلّ على مبدأ الثقة المتبادلة في ظلّ ذلك العقد (الأمان) الذي عقده معهم الشيخ عطية.

الشهود في قضية الأمان المُعطى للرّهبان:
لقد نفى مسؤولون كبار في الدّولة الفرنسية و خارج فرنسا أن يكون بين الرّهبان والإرهاب تعاون أو أمان وذلك ما تناقلته مختلف وسائل الإعلام المحلية و الدّولية، وأقول أنّ هذا النّفي صحيح إن كان يُقصد به التعاون مع الجماعة بعد انحرافها بقيادة زيتوني وزوابري فالرّهبان لم يعقدوا العهد مع هؤلاء ولم يتعاونوا معهم في عهدهم.
ولكنّ العقد و التّعاون تمّ في عهد الشيخ عطية ومع كتيبة المدية بالضّبط حين كانت الجماعة على الجادّة ويقودها الرجال المُخلصون، وتواصل هذا عند مجاهدي كتيبة المدية الذين بقوا على عهد الشيخ عطية ونهجه في الجهاد دون ظلم أو اعتداء على الشعب أو الرهبان وهذا التعاون وعقد الأمان أقرّه مسؤولون آخرون في الصحافة نفسها وأذكر على سبيل المثال وهو ما يتوفّر لديّ الآن تصريح أسقف وهران (هنري كلافيري) الذي أوردته صحيفة (الخبر) اليومية بتاريخ 09 ذي القعدة 1416 هـ الموافق لـ: 28 مارس 1996م وهو كالتّالي:
(( ويشير الأسقف أنّ رجال الدّين الفرنسيين بهذه المنطقة لم تصلهم أيّة تهديدات من قبل، بل على العكس من ذلك تماما، تلقّوا ضمانات من الأمير السّابق لـ (الجيا) عطيّة الذي حضر إلى الدير قائلاً لهم: أنتم رجال الله تؤدّون الصلاة لن نؤذيكم، لكنه طلب منهم في ذات الوقت مساعدة الإسلاميين وهو ما قُوبل بالرّفض)) اهــ.
وإن كان الأسقف (كلافيري) قد نفى استجابتهم للمساعدة، فقد أقرّ أمان الشيخ لهم، وما كان الشيخ عطية ليذهب إليهم في الدّير من أجل أن يقول لم ما ذكره كلافيري فقط، فالأمر واضح لماذا يقصد أمير الجهاد أولئك الرّهبان وقد سبق وأن استعان بهم المجاهدون في الثورة. ونتساءل أيضاً: من أين عرف الأسقف كلافيري أن الشيخ عطية حضر إلى الدير حتى يشهد به، أكيد أنّه لم يتلقاه من الصحافة أو الإشاعات وإنما وإنّما من الرهبان أصحاب الدير أنفسهم بصفته مسؤول كنسي، أليس كذلك!؟
وإذا كان أسقف وهران (هنري كلافيري) شاهداً ناقلاً فقط غير مباشر، فهناك شاهدان آخران هما شاهد عيني حاضر والآخر شاهد باتّصاله المباشر وقربه من الدير والجبل.
الشاهد الأول:
وهو الأستاذ (نيكولا) المدعو (الجيلالي) وهو لايزال حياً لحد كتابة هذه الكلمات لتوجه إليه بالسؤال: هل هذا الكلام الذي نقلناه عمّا وقع تلك اللّيلة صدق أم كذب؟ أليس عدد الذين دخلوا القاعة من المجاهدين ثلاثة!؟ عطية معروف، و الأخ العيد شاب طويل أمرد أبيض…والأخ أيوب ليس بالقصير ولا الطّويل قسطلي الشعر و اللحية، يُحسن الفرنسية وهو الذي تولّى التّوضيح والتّرجمة لأكثر حديث الشيخ عطيّة…أليس كذلك!؟..والأفارقة الثلاثة الذين كانوا ضيوفاً تلك الليلة محتفلين معكم بأعياد الميلاد..هل الأمر كذلك أم لا!؟..ألم تكونوا محتفلين في تلك الليلة كما ذكرنا!؟..وكل ما نريد الوصول إليه هو ذكر الحقيقة و إثبات الواقع فقط لا نطلب منك جزاءاً ولا شكوراً..وإنّما هو البحث عن الحقيقة مُطلق الحقيقة كما تقولون.

الشّاهد الثاني: هو (الأب روبر) جاء إلى الجزائر بعد الإستقلال واستوطن وحيداً في منطقة تمزقيدة ببقعة تُدعى (قطّيوة) قضى بها سنوات طويلة ثمّ انتقل إلى بقعة أخرى تُدعى (زدّينة) بنفس الجبل بالقرب من بعض السكان، حدثنا هو بنفسه أنه قدم إلى هذه المنطقة واختار هذه الحياة ليُقيم العبادة ويعيش حياة الفقر بعد أن ترك حياة المال و الأهل وراءه في وطنه.
فقد أمّنه الشيخ عطية على نفسه على نفسه، وقصدناه مرّتين بمسكنه في الجبل قبل أن يرحل من هناك وشرحنا له قضيتنا العادلة بكلّ جوانبها، وحين أبدى تأسّفاً للعُنف وأعرب عن أمله في التفاهم و الحوار بيّنّا له المُعتدي من المُعتدى عليه..وأننا قمنا ندافع عن الشرع و الشرعية.
ونسأل (الأب روبر): هل أصابك منا أذى؟ لقد أعطاك الشيخ أماناً، وجلسنا معك وتحدّثنا في مسائل من الدّين و الحياة كالنّجوم والأعشاب فهل تذكر ذلك!؟..وأنت أقرب النّاس إلى أهل الدير وكان الشيخ عطية ينوي أن يجعلك الواسطة بينه وبين رهبان الدير عند طلب قدوم طلب قدوم الطبيب لمعالجة الجرحى كما أخبرني هو بذلك..فهل تجهل عهد الأمان الذي أعطاهم الشيخ إيّاه؟ أما حدّثك أي واحد منهم؟ ولاحتى صديقك (نيكولا) الذي كان يزورك في مسكنك بطرف الجبل؟.إنّكم تدّعون الحياد من جهة وأحرار في تصرّفاتكم ولا سلطة لأيّ نظام عليكم.. فلا تتركوا السياسة و المصالح تتحكم في شهاداتكم إبراءاً للذمّة لاغير، ولا نرجو من وراء هذا إلاّ إظهار حقيقة ما حدث..وبيان أنّ المسلمين الحقيقيين على عهودهم يُحافظون..وأخلاق الحرب وآدابها وأحكامها التي شرعها الله عزّ وجل ورسوله محمّد صلى الله عليه وسلّم نحنُ ملزمون بها من أجلها ومن أجلها نحيا ونموت.

محاولات الجماعة الإسلامية المُسلّحة لنقض العهد:
لقد حاول بعض المتفيقهين من أمراء الجماعة وضُبّاطها الشرعيين تحت إمارة (زيتوني) وحين كنّا ننتمي إليها، أن يُحمّلوا كتيبتنا (كتيبة المدية) على قتل الرهبان بدعوى أنّهم لا أمان لهم ولا عهد، وأنّ الشيخ عطية أخطأ في عقد الأمان لهم بدعوى أنّه لايجوز ذلك في الشرع، واحتجُّوا أيضاً بأنّ الشيخ عطية الذي أعطاهم الأمان قد مات وبالتالي انتهى ذلك العهد و الأمان.
ولم نوافقهم على تلك الدعاوى و الحجج ورددنا عليهم بدلائل من الشرع وبيّنات من أقوال أهل العلم من السلف و الخلف يجد قارئ هذا التقرير موجزاً لها ملحقاً بآخره.
كما رددنا عليهم أيضاً بأننا (كتيبة المدية) أَعْرَفُ منهم بهؤلاء الرهبان، فهم مسالمون ولا يعلمون على دعوة الناس أو إعانة عدو علينا ولم يؤثروا في محيط السكان حولهم، ولم يتحول أحد من الناس عن دينه طيلة مدّة تواجدهم وهذا أقوى دليل على تأمينهم ووجوب مسالمتهم.
ولم تستطع الجماعة أن تنال منهم لأن معظم مجاهدي الكتيبة يرون الرأي الذي رأيناه وأنّ الأمان الذي أعطاه الأمير السابق نافذ، يلزم التقيّد به قدر الإستطاعة.
فلمّا انحرفت الجماعة بقيادة زيتوني بتوجيه من المخابرات وبفتاوى وتعليمات خاطئة، نقضت عهودها وناقضت المنهج القويم فاستباحت دماء وأعراض وأموال المخالفين لها في التوجّه فلم يعُد من الغريب أن تُقدم على تلك الفعلة الشنعاء من اختطاف الرّهبان و قتلهم مادامت قتلت خيار الدُعاة و القادة المجاهدين و أفراد الشعب المتعاملين معها.
ولمّا أحسّت قيادة الجماعة المُنحرفة أنّ كتيبة المدية متفطّنة لألاعيبها ومؤامراتها على القادة و الدُّعاة ووصلتنا أنباء مقتل إخواننا في الوفد الذي بعثنا به إليهم بعد أن غدروا بهم، وعددهم ستّة (نجا منهم واحد فقط عاد إلينا بعد عام من غيابه). لما شعرت جماعة زيتوني بذلك بعثت إلينا تريد التحقيق من موالاتنا لها وطاعتها فطلبت منّا اختطاف الرّهبان من الدّير فرفضنا ذلك وكان أمير سرية القدس التي طُلب منها القيام بهذا العمل هو الأخ العيد نفسه الذي كان حاضراً مع الشيخ عطية عند عقد المعاهدة و إعطاء الأمان، فرفض وردّ الذين جاؤوا إليه لتدعيمه ومساعدته في ذلك العمل الشنيع وحذّرهم من العودة إليه، فما كان الجماعة المُنحرفة إلاّ أن استعانت بكتائب أخرى من البرواقية و وزرة وبوقرة و البليدة وبعض الأفراد من المدية المحسوبين على السلفية وهم أقرب إلى التفكير و الهجرة منهم إلى السلفية الحقة التي نعتزُّ بالإنتماء إلى نهجها اعتقاداً ومنهجاً وسلوكاً، ومُعظم هؤلاء قُتلوا على أيدي جماعة زيتوني قتلة شنيعة حين تفطّنوا مؤخراً إلى انحراف الجماعة وأدركوا إلى أين سيؤول الجهاد تحت رايتها.
أقول استعانت بالكتائب الأخرى وخططت ونفّذت ذلك، ولم نكن نعلم به كما أنّه لم يخطر ببالنا أنّهم سيقدمون عليها بتلك السّرعة إلاّ أن يكون الإعداد مع سبق الإصرار قد تمّ قبل أن يطلبوا منّا ذلك وامتنعنا عنه، فقد عزم إخواننا في الكتيبة في تلك الأيّام على إخبار الرّهبان بما تُدبّره الجماعة المٌنحرفة من محاولات اختطافهم ليكونوا على بيّنة من أمرهم فيبتعدوا أو يطلبوا من السّلطة حراستهم، ولِنوّفّي نحن بعهدنا ونُصبح في حلّ من أمرنا وهذا من واجبات الأمانة و العهد. لكن الجماعة سارعت في تلك الأيام بفعلتها الشنعاء التي لا يُقرّها الشرع و لا يرتكبها من في قلبه مثقال ذرة من مروءة، ولم تكن المصيبة ليلتها على الرّهبان وحدهم فقد اغتيل أيضاً واختطف عدّة شباب من الشعب ولاذنب لهم إلاّ التعاطف معنا إغتالتهم جماعة زيتوني المجرمة وهي تحسِبُ أنّها تُحسنُ صنعا، وتسعى من أجل الحدث الإعلامي.
أخيراً نؤكّد أنّ تقريرنا هذا لا نريد من ورائه جزاءاً ولا شكوراً، ولا إطراء أو مساعدة، إنّما نبتغي به إظهار الحق وإبرازه واضحاً للعيان، وللعيون المريضة التي لاترى إلاّ السواد، فقد اجتمع على نفي حقيقة هذا العهد وهذا الأمان مسؤولون في فرنسا و الجزائر ومسؤولون في الكنيسة و رجال من الصحافة و الإعلام، ويُصرّون على نفي هذه الحقائق و تجاهلها ويتعامون عن الإسلام الحقيقي الذي يُثبت وجوده وقوته على هذه الأرض وفي مختلف البقاع بكلمة الحق و الأمانة ورعاية الحقوق و المُعاملة الحسنة والإستقامة ولا مطمع لنا في ذلك إلاّ رحمة الله ورضاه عنا لنكون من عباده المؤمنين الذين ينصرهم في الدّنيا ويُدخلهم الجنّة في الآخرة إذا خلصت نيّاتهم واستقامت أعمالهم كما حدد لهم الصراط المُستقيم في القرآن الكريم وسنّة النّبي محمّد صلى الله عليهم و سلّم وهدي السّلف الصالح.
قال الله سبحانه وتعالى: (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوّامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنّكم شنآن قوم على ألاّ تعدلوا إعدلوا هو أقرب للتّقوى، واتّقوا الله، إنّ الله خبير بما تعملون) المائدة، الآية:8.
في الصفحات القادمة تجدون ملاحق لهذا التقرير إتماماً للفائدة وتعميماً لها حتى نكون قد استفرغنا الوسع في تجلية الصورة، وبذلنا جهدنا في تعرية الباطل الذي تجتمع السُّلطات في معظم البلدان على أن يسود إرضاء لرغبات أهل الأهواء و الشهوات. ومحاولة لطمس صورة الإسلام وتسويد صحائف أهل الحق. وهذه الملاحق هي كالتالي:
رقم (1): حديثنا عن هذه القضية من خلال تقرير سابق عن أثر المخابرات في الجماعة المُنحرفة.
رقم (2): بيان كتيبة المديّة بعد اختطاف الرّهبان.
رقم (3): أدلّة شرعية على وجوب الوفاء بالعهد للرّهبان وغيرهم وعدم التّعرّض لهم بالقتل أو غيره.

الملحق الأول:
فقرات مقتطفة من التقرير السّابق الذي كتبناه عن (أثر يد المخابرات الجزائرية في الجماعة الإسلامية المُسلّحة) وهذه الفقرات خاصّة بقضيّة الرّهبان:
((أقول قبل ختام الكلام عن هذا التقرير، نُعرّج على قضية الرّهبان السبعة المختطفين بالمدية لأنّ أيادي التعاون المخابراتي الجزائري الفرنسي ظاهرة بارزة، لا يُنكرها إلاّ جاهلٌ أو غافل، فقد أوضحنا الأمر باختصار في بيان سابق صادر عن كتيبتنا في شهر أفريل و وعدنا بمزيد من التوضيحات والبيان، وكلامنا هذا كلّه يندرج في هذا المضمار، فضلاً عن هذا نقول: إنّ القضية من صنع النّظام المُعتمد على المخابرات وذلك بناءاً على المُلاحظات التالية:

1- في شهر سبتمبر أو أكتوبر لعام 1995م، نشرت صحيفة فرنسية لأحد جنرالات النّظام الجزائري تصريحاً قال فيه: ((إننا استطعنا اختراق الجماعة الإسلامية ووصلنا إلى مراكز قيادية فيها)) وعلى المتابعين للأحداث ومن يهمهم الأمر أن يتأكّدوا بأنفسهم من ذلك في الأرشيف لديهم من وقت وإمكانيات.

2- أُقيل وزير سابق للدّاخلية بالجزائر (محمّد حردي) من منصبه السنة الماضية، عقب تصريحه للصحافة أنّه ستقام مقابر في الجبال لأفراد الجماعة الإسلامية المسلّحة، وكان يُشير إلى الفتنة التي أحدثوها في الجماعة وما نصب من محاكمات ولجان لتصفية خيرة أبناء الجهاد في الجبل بأيدي أصحابهم.

3- العديد من تصريحات المسؤولين في هذا النّظام المُتعفّن، كانت تشير من بعيد أو من قريب إلى أنّ المعركة مع الجماعة الإسلامية المسلّحة أو الإرهاب كما يقولون في أيّامها الأخيرة، اعتماداً على ما زرعوه داخل الجماعة، وما بثّوه من خبثاء وخبراء في الفتن يُحاولون إجهاض الجهاد وتحريف مساره، قال الله سبحانه وتعالى: (لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلاّ خبالا ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سمّاعون لهم) التوبة الآية: 47. ومن ضمن تلك التّصريحات، تصريح زروال أثناء حملته الإنتخابية و ما بعدها.

4- إنّ عبارات السّلطة العسكرية الحاكمة، لا يخفى على المُتمعّن إستعمالها في بلاغات وبيانات الجماعة المُخترقة، كما ذكرنا سابقاً (أي في التقرير المُشار إليه أعلاه)، والمُضحك في الأمر أنّ الجماعة تطلب منّا التوبة من العمل الإسلامي السابق في إطار الحركات الإسلامية للدّعوة أو الجبهة الإسلامية للإنقاذ، كما يطلب النّظام العسكري منّا التوبة أيضا، فما أشبه هذا الطلب بذاك، وكأنّهما يخرجان من مصدر واحد، وقديماً طلب الخوارج من علي بن أبي طالب رضي الله عنه ومن الصحابة رضي الله عنهم، طلب منهم الخوارج أن يتوبوا من قضية التحكيم (فاعتبروا يا أولي الأبصار) الحشر الآية: 2.

5- نقلت إذاعة البحر الأبيض المتوسط على أمواجها بياناً لبعض أعضاء مجلس الشورى (للجماعة المنحرفة)، وذلك في شهر جويلية المُنصرم (أي جويلية 1996) يعلنون فيه عزل زيتوني – وليس بيدهم شيء ولا قوة لهم – ويطالبون بمحاكمته هو و جماعته وخاصة عنتر زوابري الذي يتّهمونه بالمخابرات و العمالة لهم وسواءاً كانوا صادقين أو كاذبين فالله أعلم بما قالوه، فإنّهم كانوا من المُقرّبين إليه و على شاكلته، ولم يفرّوا بجلدهم وينكرون عليه وصحبه ما أنكروه إلاّ يوم حان دورهم للمحاكمة و القتل ليُسقوا من نفس الكأس التي سقوا منها غيرهم، فإذا قالوا عنه ما قالوا فهم أكثر اطّلاعاً على حقيقته.

6- إنّ سعيد مخلوفي في بيان (حركة الدّولة الإسلامية) رقم:2 وهو غير مؤرّخ (ويظهر أنّه في بداية 1996) يُعلن فيه خروجه عن الجماعة الإسلامية المُسلحة، ويقول فيه بصريح العبارة: (إنّ الحركة اليوم على يقين بأنّ قيادة الجماعة الإسلامية المُسلّحة مخترقة من طرف المخابرات اللّعينة، ولديها الأدلّة القاطعة على أنّ أميرها أبا عبد الرّحمن أمين (زيتوني) على علاقة بالمُخابرات (ويمكرون ويمكر الله و الله خيرُ الماكرين) الأنفال الآية: :30، وقد سلّمتُ نسخاً من الوثائق المُحصّل عليها إلى بعض أمراء الجماعة الذين أعلنوا خروجهم عن القيادة المبتدعة)). اهــ. (لم تصلنا هذه الوثائق في المدية وإلاّ كانت زيادة في الإيضاح و الإثبات)

7- أخبرنا الأخ بشير تركمان – رحمه الله – وكان عضواً في الهيئة الشرعية للجماعة (قتلوه غدراً بعد تعذيبه) وكان موجوداً بالمركز الذي تمّت فيه البيعة المُغتصبة لزيتوني بإمارة الجماعة، وشهادته على الأحداث هي التي كشفت لنا جانباً كبيراً من مسرحية تحريف الجهاد عن مساره قال البشير أنّ أحد مسؤولي الإعلام في الجماعة، أخبر شخصاً وهذا الشيخ لم يتذكّره الشيخ البشير: أخبره أنّ جماعة زيتوني أي بطانته حين سارعوا إلى مسؤول الإعلام لينشر لهم بيان تنصيب زيتوني، وجدوه يكتب بيان المجلس الشوري بتنصيب المحفوظ أبي خليل، فحاولوا إغراء ذلك المسؤول بالمال و الفيلا و السيارة، وهذا عمل مخابراتي وإلاّ متى كان المُسلمون يشترون الإمارة بالرّشوة؟ ولم نذع هذا الخبر آنذاك ولا ألقينا إليه بالاً، وأخير أكّد هذا الخبر – في شريط مُسجّل – أمير المنطقة الأولى ونائب أبي عبد الله سابقاً خالد ساحلي مؤخراً فقط.
تلك كانت ملاحظات عامّة ونضيف إليها الآن ملاحظات خاصّة وظرفية لابست قضية الرّهبان وهي:

1- لم يقتصر الإختطاف في تلك اللّيلة على الرّهبان فقطن بل امتدّت الأيادي الآثمة أيادي الخوارج الجدد معتدية على الآمنين من السّكان في حيين من أحياء المدينة و خارجها، حيث كسروا أبواب المنازل و أجهزة التلفزة للنّاس، وقتلوا ثلاثة من شباب المسجد و اختطفوا شباباً آخرين من بيوتهم، فكيف تكون عملية بهذا الحجم و الشكل بما فيها من فوضى و أصوات الرّصاص و حركة السيّارات التي تنقّلوا بها في منتصف اللّيل (وحظر التجوّل ليلاً مفروض)، ثمّ لا تحرّك قوات الأمن المزعوم ساكناً في تلك اللّيلة و هذا لا يكون إلاّ جُبناً أو إغضاءاً للطرف، ظنّاً منها أنّ الأمر لا يهمّها مادام في أوساط الشعب، أو بطلب من السُلطات العُليا التي تحكم من وراء الكواليس، وبالمناسبة نشير إلى أنّ معظم قوات الجيش و الشرطة و الدّرك وغيرها، ليست على اطّلاع بعمل المُخابرات، لأنّ هذه الأخيرة لها صلة مباشرة بالرّئاسة أو القادة العسكريين، وكثيراً ما دبّرت المصالح الخاصّة بالمخابرات كمائن وعمليات ضدّ قوات الأمن و الدرك و الجيش وضحّت بهم أو ببعض الأسلحة من أجل صنع خبر مُهم، وإتّهام جهة ما أو إدخال عنصر منها في الصفوف، حيثُ تزكّيه بأعمال بطولية ضدّ رجال الأمن ليُصبح بطلاً قائداً داخل الجماعة مثل قصة (فريد الوهراني)، فمن أجل أن يُحقق السادة الحُكّام سيادتهم وسيطرتهم وبقاءهم في الحُكم يضحّون ببعض قواتهم ورجالهم قرباناً لرغباتهم ومصالحهم، وهذا ممّا خفي على كثيرٍ من الضُّباط أنفسهم ولو كانوا عُقداء أو روّاد أو نُقباء وملازمين.

2- تدّعي قوات الأمن المزعومة أنّها تحرّكت في اللّحظات الأولى لاختطاف الرّهبان، وطوّقت المنطقة و الصحيح الذي يعرف شهود عيان أنّها لم تتحرّك إلاّ بعد ضوء الفجر مع أنّ العملية وقعت في منتصف اللّيل، و تلك حقيقة لا تُنكر (لأنّ السكان كلّهم يعرفون هذا).

3- إنّ الرّهبان تمّ اختطافهم وتسييرهم مشياً على الأقدام مسافة كيلومترات، ومُعظمهم كبير السّن، و تحت جُنح الظلام في الحقول، وفي منطقة محاطة بمراكز المراقبة ومُعسكرات السّلطة، فأين كانت أعيُن الحرّاس تلك اللّيلة؟

4- لقد هرب أحد الشباب المُختطفين، واستطاع الإفلات من قبضة أذناب الخوارج في الليلة التي بعدها ووصل إلى قوات الأمن، وأخبرهم بموقع أولئك الخوارج ورهائنهم من الرهبان وغيرهم، فأمست الطائرات تقصف المروحية تقصف تلك المنطقة قصفاً شديداً، و السؤال هو: هل يُحرّرُ الرهبان بتلك الطريقة العشوائية؟ أم أنّهم بتلك الطريقة كانوا بذلك يدفعونهم لتصفية الرهبان كرد فعل إنتقاماً لقصفهم، وبالتّالي يحقق النّظام الحاكم ضجّة إعلامية كبرى بمقتلهم ويحصل على تعاطف المُجتمع الدّولي معه و مع شريكه الآخر في المؤامرات النّظام الفرنسي؟.

5- كلّ الأخبار كانت تتحدّث عن نقل الرّهبان إلى منطقة بوقرة، وتُراهن الصُّحف و الوكالات على ذلك، نقلاً عن مصادر مُطّلعة وموثوقة ومقرّبة من السُلطة، وهذا ما يُشير إلى وجود العُنصر المخابراتي داخل الجماعة، وهو الذي كان يمدُ الإعلام بمادّته، ولم تكن نهاية الرّهبان بعيداً عن ديارهم بأكثر من خمسة أو ستة كيلومترات حيثُ أُلقيت رؤوسهم بعد مقتلهم في الطريق الوطني رقم 1 على بعد أربعة كيلومترات عن المدينة.

6- كما حاولت وسائل الإعلام إيهام الرأي العام أنّ أمر اختطاف الرّهبان هو قضية انتقام وتصفية بين الجماعات المُسلّحة وبين كتيبة المدية التي أعطت العهد و الأمان لأولئك الرّهبان سابقاً، وهذه مغالطة لصرف الرأي العام المحلّي و الدولي عن الأهداف التي يتوخّاها النّظامان المتحالفان الفرنسي و الجزائري من وراء هذه العملية، وحتى لا يتفطّن الرأي العام الفرنسي إلى أنّ سُلطته الحاكمة متورّطة في قضية الرّهبان بالجزائر حيث ضحّت بهم من أجل تمين العلاقة مع السُلطة الجزائرية وإحكام القبضة على زمام الأمر في مستعمراتها السابقة.

بعد كل هذه الطّائفة من الملاحظات العامّة و الخاصّة نجد السؤال التالي يطرح نفسه بإلحاح:

إذا كان النّظام الحاكم في الجزائر يصرّح باختراقه للجماعة الإسلامية المسلّحة على مستوى قيادتها وهو ما تشير إليه الدلائل و الوقائع، ويتحكّم في توجيه و تسيير بعض قادتها، فكيف لا يعرف أو يكتشف تدبير الجماعة و تخطيطها لاختطاف الرّهبان قبل وقوعه؟.

وحتى إذا غاب عنه إكتشاف الأمر قبل وقوعه، كيف لا يتوصّل إلى موقع إعتقالهم وتواجدهم (الرّهبان) مع أنّ أسرار الجماعة المخترقة بين يديه ولايصعب عليه التوصل إلى ذلك لأنّ لديه أعضاء و قياديين في الجماعة؟…

وكيف تدّعي السُلطات أنّها طوّقت وفتّشت و مشّطت والرهبان المُختطفون لم يذهبوا بعيداً عن ديرهم؟ بل كيف ترضى فرنسا بقتل الرهبان و هو ما تدلُّ عليه الحقائق حيث تُسيطر بمساعداتها الإقتصادية وبيادقها من قادة النّظام الحاكم على السلطة الجزائرية؟ هذه الأخيرة بدورها تصرّح بسيطرتها على الجماعة واختراقها بمخابراتها ثمّ لا تستطيع أي سلطة منها أن تفعل شيئاً للرّهبان المُختطفين؟ هذا هو العجب العُجاب. ولعلّ قضية أسقف وهران كلافيري الذي قُتل بعد انصرافه من جنازة الرّهبان بتفجير سيارته حين وصوله إلى وهران، نقول لعلّ هذا العمل يُشير إلى أنّ …[..نص غير واضحة في صفحتين..]…26 مارس 1996م بينما قاموا مختطفوا الرّهبان تلك اللّيلة بقتل خمسة أشخاص أبرياء من خيرة أبناء هذه الأمّة، وجرحوا عدّة أشخاص وحطّموا منازل النّاس وأجهزتهم التلفزيونية، فلماذا لم يتحدّث الطاغوت ويُصرّح بتلك الأحداث؟ لأنّهم ينفضحون حين يعلم العالم أنّهم لم يُحرّكوا ساكناً ولم يخرجوا من مراكزهم لإغاثة النّاس، ولو تحرّكوا لأحبطوا عملية الخطف، فهل كانت عملية الخطف لعبة في سياسة النّظام العسكري لأنّ قتلهم سيؤدّي إلى غضب فرنسا وإثارة حفيظة العالم الغربي و أصحاب قمّة شرم الشيخ و بالتالي سيزيدون في حياة الطاغوت بسيروم المساعدات الإقتصادية والعسكرية بحجّة محاربة الإرهاب، أم أنّ المتواطئين سيُبقون عليهم أحياء كما اتّفقوا ليظهر النّظام العسكري أنّه مسيطر على الوضع وسيحصل على نفس النتيجة من المساعدات!؟ كلّ هذا وذاك قائم غير بعيد لأنّ الجماعة التي اخترقتها المخابرات تسير على غير هدى وطاش صوابها فصبّت جام غضبها على النّساء و الشيوخ و الصبيان و أموال النّاس وأعراضهم، قال الله سبحانه و تعالى: (ولا تحسبنّ الله غافلاً عمّا يعمل الظالمون) إبراهيم الآية:44. عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: (أربع من كنّ فيه كان منافقاً خالصاً ومن كانت فيه خصلة منهنّ كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر) رواه الشيخان.

ملاحظة: سنوافيكم بحيثيات وتفاصيل عملية الإختطاف إن شاء الله.

المدية في: 15 ذي القعدة 1416.
الموافق لــ: 4 أفريل 1996م.

أمير الكتيبة علي بن حجر.الرابطة الإسلامية للدّعوة و الجهاد

وجاهدوا في الله حقّ جهاده

قضية مقتل الرهبان السبعة بالجزائر

بقلم: أبو شعيب علي بن حجر

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلّ اللهم و سلّم على محمّد خاتم الأنبياء و المرسلين وعلى ءآله الأطهار وصحبه الأخيار.

تمهيد
هذه الشهادة قطرة من بحر الأحداث الجارية بالجزائر بين أبناء الدعوة و المساجد، أنصار الجبهة الإسلامية للإنقاذ في سعيهم الحركي الجهادي بنوعيه السلمي و المسلّح، لإقامة شرع الله و تحكيمه في ربوع هذه الأرض الطيّبة…وبين أهل الباطل الذين يعملون جاهدين لردّ الحق وإبقاء دار لقمان على حالها..حفاظاً على آرائهم الشيوعية الملحدة التي لفظتها دول المعسكر الإشتراكي التي تربّت في أحضانها…وحرصاً منها على فصل الدّين عن الدولة..وإبعاد الإسلام ومنعه من العودة إلى حياة المسلمين و إنارة السبيل لهم..وإصراراً كذلك على طمس معالم اللّغة العربية من قاموس هذا الشعب المغلوب على أمره، حتى تترسّخ لغة المُستعمر القديم في ألسنتهم وقلوبهم و يتمّ له استلاب شخصيتهم…وتحقيقاً كذلك لرغبات أفراد في السلطة لا يهمّهم إلاّ الثراء و الجري وراء الشهوات، فيدوسون في سبيل بلوغها كلّ القيم، وتهون عليهم الحرمات، ويضعون أيديهم في يد الشيطان، ما دام يجاريها في أهوائهم ولا يقف مانعاً في وجوههم.
إنّه صراعٌ قديم قدم البشرية و الرّسالات الرّبانية..وسنّة كونية لحكمة إلهية، لا مناص منها قال الله تعالى:(ونبلوكم بالشر و الخير فتنة وإلينا تُرجعون) الأنبياء الآية:25.
إننا نرجوا بهذه الشهادة إتباع سبيل الحق، و الصراط المستقيم، صراط الله الذي دلّنا عليه القرآن الكريم وبيّنه الرسول صلى الله عليه و سلّم بسنّته…حتى غدا كالمحجّة البيضاء ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلاّ هالك..وتتابع على هذا النّهج السوي، و الهدى القويم رجال سلفنا الصالح وعُلماؤه، وتولّى رايته شيوخنا عباسي مدني وعلي بن حاج و محمد السعيد بمواصلة السير على جادّته وهم ورثة الأمير عبد القادر و المقراني و بوعمامة وجمعية العلماء في جهادهم لردّ الظلم وبعث المُجتمع الإسلامي من جديد..وحثّنا على التزام هذا الخط الأصيل الوسط بلا إفراط ولاتفريط إخوان لنا لايمكن إحصاؤهم..أذكر منهم الأخ أحمد الزاوي الذي آذتنا جماعة زيتوني وزوابري فيه، وحاكمتنا من أجل اعترافنا بوسطيته وذكرنا لإسمه..وحاولت توريطه لدى الدول الأوربية لتنتقم منه بعد أن أصبح بعيداً عن متناول يدها، وكلّ ذلك بسبب علمه الشرعي و أدلّته الواضحة ومناهضته للتكفير و الهجرة، واعتداله برفض غلوّهم وأساليبهم، ولاغرابة في سلوك هؤلاء المنحرفين مع الرّهبان السبعة (رجال الدّين المسيحي) حين قتلوهم، فقد قتلوا كثيراً من الدُعاة الربانيين و قادة الجهاد المُخلصين، كالشيخ محمّد السعيد و عبد الرّزاق رجّام وأبي بكر زرفاوي، وطالت يدهم أيضا لتغتال الشيخ الطاعن في السن أحد مؤسّسي الجبهة الإسلامية للإنقاذ عبد الباقي صحراوي في باريس، و الشيء من معدنه لا يُستغرب كما يُقال.
فتحية وسلاماً إلى شيوخنا الثابتين على نهجهم..وإخواننا الصابرين على البأساء و الضرّاء ومزيداً من الصبر و الثبات..فإنّ الفرج لا يأتي إلاّ بعد الشدّة..واليُسر مع العُسر..و النّصر مع الصّــبر..فاصبروا وصابروا ورابطوا و اتّقوا الله لعلكم تُفلحون.

الجزائر في: الإثنين 12 ربيع الأول 1418 هــ
الموافق لــ: 17 جويلية 1997 م.

أمير الرابطة الإسلامية للدعوة والجهاد
أبوشعيب علي بن حجر.

==========

بسم الله الرّحمن الرّحيم
وصلّ اللهم و سلّم على محمد خاتم النبيين و على آله وصحبه أجمعين.

قضية الرهبان السبعة بالجزائر
إنّ قضية الرهبان السبعة الذين قُتلوا في المدية على أيدي جماعة (الجيا،GIA) الجماعة الإسلامية المسلّحة، في شهر ماي 1996، بعد اختطافهم أواخر شهر مارس لنفس السنة، أثارت ضجة كبيرة وردود فعل صاخبة داخل الجزائر وخارجها في ذلك الحين، ثمّ طويت الصفحة بسرعة وكأنّ القضية سوّيت في الوقت نفسه، مما يُشير إلى رغبة السلطات الفرنسية والجزائرية في دفنها وحجبها بعد أن أدّت دورها في إثارة الهلع و الفزع من الجماعة، وإبلاغ المجتمع الدولي رسالة مؤدّاها أنّ الذين يدّعون الإلتزام الدّيني و يريدون بناء الدولة الإسلامية هم أول من يعتدي على المتديّنين، ورسالة أخرى إلى العالم بأنّ الإسلام ليس دين تسامح أو رحمة لأنّه لا يستثني أحدا من انتقامه، بما يحمل في ثناياه من روح الإستبداد و الوحشية، ولهذا يتوجّب على العالم الغربي أن يتوحّد ضدّهم، كي لا يترك هذا المارد يخرج من قمقمه وذلك بمساعدة الأنظمة الحاكمة في العالم العربي والإسلامي للقضاء على دعاة الإسلام بالحديد و النّار دون تمييز أو تقصّي للحقائق و تجرّد للحق.
وقد جاء على ألسنة كثير من المسؤولين وبعض كبار الشخصيات في فرنسا وفي تصريحاتهم لمختلف الصحف و القنوات الإذاعية و التلفزية، كل ما يزيد صورة المسلمين سواداً وقتامةً ووحشية في ضمائر النّاس ومخيّلاتهم أينما كانوا في أرجاء هذه المعمورة، وتناسوا و الأصح أن نقول تعاموا عن حقيقة الإسلام بوسطيته ورحمته وعدالته و إنسانيته الربّانية التي لم تبلغها إنسانية العالم الحضاري لحدّ الساعة و لم يسبق لها أن عرفتها على مرّ العصور إلاّ في أزمنة ازدهار الحضارة الإسلامية.
لذا أرى لزاماً عليّ كشاهد حاضر في الأحداث أن أُسجّل الحقائق المشاهدة و المسموعة و الملاحظة في هذه الحادثة التي ارتكبها أناسٌ ينتمون إلى الإسلام قولاً واعتقاداً ويخالفون تعاليمه روحاً ومنهاجاً وسلوكاً.

إنّ رُهبان تيبحيرين بأعلى المدية معروفون في البلدة بقدم ديرهم واشتغالهم بالعبادة والفلاحة الذاتية وبذل العلاج و المداواة لمعظم الناس، وهذا ما جلب احترام الناس لهم في المدية على اختلاف مشاربهم وأعمارهم وإقبال المرضى على أدويتهم وعلاجهم (لأنهم على اتصال دائم بمختلف التطورات الطبية في العالم الغربي حيث تمدّهم المنظمات العالمية و الكنسية بما يحتاجون إليه، وهذا من ضمن برنامجهم العالمي أو الديني كما يعتقدون، حيث يدخلون عوالم الناس بالمساعدات الطبية و المادية و المعنوية لعرض اعتقاداتهم ودينهم) غير أنّ رهبان تيبحيرين على طول مدّتهم هناك، وكثرة خدماتهم الإنسانية للشعب على ما أعلم وأعرفه وما بلغني من السكان المحيطين بهم لم يؤثّروا على تمسّك الشعب بدينه و اعتقاده، ولم يُعاديهم الناس لاختلاف الدين وإنّما كان الإحترام متبادلاً وتامّاً، وفي نهاية الثمانينات وبداية التسعينات حين قرر سكان حي تيبحرين بناء مسجد جامع للصلاة تقدّم هؤلاء الرّهبان لسكان الحي بمساعدة في هذا الميدان تتمثّل في التنازل لهم عن غرفة من الدير يستعملها أهل الحي في الصلوات الخمس حتى يفرغوا من بناء المسجد، فقبل السكان وبالأحرى نقول لجنة بناء المسجد بهذا العرض، وكانوا يُصلّون بهذه الغرفة المُعارة لهم من الرُّهبان ويؤذنون لكلّ الأوقات.

كما أنّ جيش التحرير الوطني أثناء الثورة، استعان ببعض الرهبان في الحصول على الأدوية ومداواة الجرحى وهذا بشهادة قادة الولاية الرّابعة ومنهم الرائد الأخضر بورقعة صاحب كتاب (شاهد على اغتيال الثورة) ومثله ما أشارت إليه جريدة الخبر العدد 1673 بالنّص التالي:((ويذهب أحد مثقفي المدينة إلى أبعد من ذلك ويوظّف التاريخ، حيث يذكر أنّ أحد رجال الدّين المُختطفين قد تعرّض لعملية اختطاف مماثلة إبّان الثورة الجزائرية، لكن في ظروف وملابسات تختلف، انتهت بإطلاق سراحه..لتتكرر الحادثة ويعيد التاريخ نفسه بالنسبة لهذا الراهب)) اهـــ.
والمدينة المذكورة هي المديّة، ولا ندري لما تحفّظت الجريدة في ذكر إسم هذا المثقف، فقضية اختطافهم أثناء الثورة شائعة و معروفة لدى مجاهدي ثورة التحرير وعامّة الشعب بالمدية، وكذا تعاونهم مع الثورة.

ليلة إعطاء الأمان:
في ليلة الرّابع و العشرين أو الخامس و العشرين من ديسمبر 1993م، وهي ليلة الإختفال بأعياد الميلاد عند النّصارى (أي ليلة عيد ميلاد المسيح عيسى ابن مريم عليه السّلام)، قصدنا دير الرهبان بتبحرين، وذلك من جبال تمزقيدة التي تُطلّ عليهم بقممها الشامخة، وكنّا كالتالي: الشيخ يونس وهو عطية السايح والأخ أيوب(الوناس) من العاصمة، والأخ العيد زياني من قطيطن، و الشيخ عيسى حمزة وهو أكبرنا سنّا من البليدة والأخ ثابت من تمزقيدة، و المتحدّث علي بن حجر كنا ستة، وعندما وصلنا الدير بعد مغرب الشمس وجدناه مُغلقاً، فتسلّق العيد السور وقفز داخل الجنينة وفتح الباب، فرابطت مع الشيخ عيسى والأخ ثابت في الطريق أمام الباب للحراسة ولصرف المارّين من أصحاب الحي بِلُطف بعد أن لحظ بعضهم تحرّكنا، ودلف الشيخ عطية وأيوب والعيد إلى الدير، وقد انتظرنا أكثر من ساعة و نصف الساعة ليعود إلينا الإخوة المذكورين وعلامات الإرتياح بادية على مُحيّاهم مما أشعرنا أنّ التوفيق حالف سعينا، وكان الشيخ عطية قبل ذلك اليوم قد استشارني في هؤلاء الرهبان، فأخبرته بأنّهم مسالمون وهذا ما نعرفه عنهم في المدية ويمكن أن يُعينونا كما أعانوا إخواننا في الثورة الأولى طبياً ومادياً، فقبل هذا الرأي وسعى نحو تحقيقه في هذه اللّيلة كما ذكرت.
فلما خرج الإخوة الثلاثة من الدير أقبلوا علينا ونحن في انتظارهم بحراسة المكان يخبروننا ما جرى لهم في الدير من أول دخولهم حتى آخر لحظة فارقوا فيها الرهبان.

لقد طلب العيد وهو أول من دخل الدير من الرهبان الذين وجدهم، أن يجثوا على ركبهم إلى الحائط، وكان رحمه الله لايعرف اللغة الفرنسية فخاطبهم بكلمات عامّية، فهموها فاستجابوا له وهم فزعون، ولمّا دخل الشيخ عطية وأيوب طالبا من الأخ العيد أن يتأخر قليلاً، وتقدّم فخاطبهم الأخ أيوب بالفرنسية وبلغم أنهم لم يأتوا إلى الدير ابتغاء الشر، وإنّما قدموا في مهمة خيرية، فذهب عنهم الرّوع، واستعادوا وضعهم العادي، وعندها طلبوا من الإخوة أن لا يروّعوا كبيرهم الطبيب الذي كان مريضاً طريح الفراش في غرفة أخرى وقد كبر سنّه، فطمأنوهم ووعدوهم خيرا، وقد وجد الإخوة طاولة حافلة بالطعام و الشموع حيث كان الرهبان على وشك الإحتفال بتلك الليلة على طريقتهم، ويظهر أنّهم لم يكونوا وحدهم فقد كان ضيفاً عليهم المدعو (نيكولا) ويُسمّي نفسه الجيلالي و هو فرنسي يشتغل أستاذاً بالتعليم الثانوي و الجامعي مؤخراً في المدية، وثلاثة ضيوف آخرين من السّود يإفريقيا وأغلب الظنّ أنّهمم من بوركينافاسو.
ولما حظر الطبيب تحدّث معه الإخوة، فامتنع في أول الحديث عن المساعدة لكنه عاد فاستجاب لطلب الشيخ عطية الذي خاطبه باسم الجماعة الإسلامية المسلّحة بصفته نائب أمير الجماعة جعفر الأفغاني وفي نفس الوقت أمير الكتيبة الخضراء بولاية المدية، وقد عرف الرهبان الشيخ عطية من الجرائد وكلام الناس عنه و أوصافه وخاصة من صوته الأخن (صوت يخرج من الخيشوم) ومن توجيهه بالخطاب إليهم وطاعة المجاهدين الآخرين له. ولكنهم اطمأنوا بعد أن خاطبهم بالفرنسية وأبدى رغبته في مساعدتهم للجهاد بما يستطيعون من مال ومداواة وتقديم الأدوية، فاستجابوا لهذا الطلب ووعدوه بمداواة المرضى و الجرحى وتقديم الأدوية إذا لزم الأمر واعتذروا عن المساعدة المالية بأنّ حالهم ليست على ما يُرام ماديا وأنّهم ليس لهم ما يزيد عن حاجتهم، فرضي الإخوة بذلك وأعطاهم الشيخ عطية عهداً بالأمان أي بعدم التعرّض لهم و أنّهم لا يصيبهم سوء من المجاهدين أو الشعب ماداموا عند وعدهم بالتعاون معنا.
هذا العهد بالأمان سمعته بأذني من الشيخ عطية خارج الدير وشهد بذلك الأخَوَان العيد و أيوب وكان العيد قد تعرف داخل الدير على نيكولا المذكور سابقاً فقال للشيخ عطية مناجاةً بينهما هذا هو نيكولا المتعاون مع السلطة في التعليم وليس راهباً، ويمكن اختطافه بناءاً على ذلك، فرفض الشيخ طلب العيد، ولما خرجوا إلينا على عتبات الدير أخبرني الشيخ بالقضية وأنّه رفض القيام بهذا العمل لأنّهم في عبادة وأنّه قد أعطى لهم الأمان جميعاً (أي جميع من كانوا في الدير) وتمّ العقد، فأيّدته على ذلك وشجّعته على المُضي في هذا الطريق لأنّ المسلمين يوفون بالعقود.
وانصرفنا تلك الليلة عائدين إلى الجبل ولم نعد إليهم البتة، وإنما كان بعض مرضانا و جرحانا يتسربون إلى الدير في وضح النّهار في زي مدني مثل باقي أفراد الشعب الوافدين للعلاج دون إثارة شبهة أو لفت انتباه، كما أنّه لم تستجد في تلك الفترة حالة جريح خطيرة تستدعي نقله إلى الدير أو نقل الراهب الطبيب إليه حيث يوجد، وقد كان الشيخ يعتزم استدعاء الراهب الطبيب عند الحاجة إلى منزل (الأب روبر) في طرف الجبل بالقرب من بلدية تمزقيدة. وقد حدث مرّة أنّ أحد المجاهدين عالج هناك في الدير ثم خرج من غرفة الطبيب ناسياً كيساً له فتتبعه الطبيب وناداه ثمّ سلّمه كيسه وإن دلّت هذه الحادثة على شيء فإنّما تدلّ على مبدأ الثقة المتبادلة في ظلّ ذلك العقد (الأمان) الذي عقده معهم الشيخ عطية.

الشهود في قضية الأمان المُعطى للرّهبان:
لقد نفى مسؤولون كبار في الدّولة الفرنسية و خارج فرنسا أن يكون بين الرّهبان والإرهاب تعاون أو أمان وذلك ما تناقلته مختلف وسائل الإعلام المحلية و الدّولية، وأقول أنّ هذا النّفي صحيح إن كان يُقصد به التعاون مع الجماعة بعد انحرافها بقيادة زيتوني وزوابري فالرّهبان لم يعقدوا العهد مع هؤلاء ولم يتعاونوا معهم في عهدهم.
ولكنّ العقد و التّعاون تمّ في عهد الشيخ عطية ومع كتيبة المدية بالضّبط حين كانت الجماعة على الجادّة ويقودها الرجال المُخلصون، وتواصل هذا عند مجاهدي كتيبة المدية الذين بقوا على عهد الشيخ عطية ونهجه في الجهاد دون ظلم أو اعتداء على الشعب أو الرهبان وهذا التعاون وعقد الأمان أقرّه مسؤولون آخرون في الصحافة نفسها وأذكر على سبيل المثال وهو ما يتوفّر لديّ الآن تصريح أسقف وهران (هنري كلافيري) الذي أوردته صحيفة (الخبر) اليومية بتاريخ 09 ذي القعدة 1416 هـ الموافق لـ: 28 مارس 1996م وهو كالتّالي:
(( ويشير الأسقف أنّ رجال الدّين الفرنسيين بهذه المنطقة لم تصلهم أيّة تهديدات من قبل، بل على العكس من ذلك تماما، تلقّوا ضمانات من الأمير السّابق لـ (الجيا) عطيّة الذي حضر إلى الدير قائلاً لهم: أنتم رجال الله تؤدّون الصلاة لن نؤذيكم، لكنه طلب منهم في ذات الوقت مساعدة الإسلاميين وهو ما قُوبل بالرّفض)) اهــ.
وإن كان الأسقف (كلافيري) قد نفى استجابتهم للمساعدة، فقد أقرّ أمان الشيخ لهم، وما كان الشيخ عطية ليذهب إليهم في الدّير من أجل أن يقول لم ما ذكره كلافيري فقط، فالأمر واضح لماذا يقصد أمير الجهاد أولئك الرّهبان وقد سبق وأن استعان بهم المجاهدون في الثورة. ونتساءل أيضاً: من أين عرف الأسقف كلافيري أن الشيخ عطية حضر إلى الدير حتى يشهد به، أكيد أنّه لم يتلقاه من الصحافة أو الإشاعات وإنما وإنّما من الرهبان أصحاب الدير أنفسهم بصفته مسؤول كنسي، أليس كذلك!؟
وإذا كان أسقف وهران (هنري كلافيري) شاهداً ناقلاً فقط غير مباشر، فهناك شاهدان آخران هما شاهد عيني حاضر والآخر شاهد باتّصاله المباشر وقربه من الدير والجبل.
الشاهد الأول:
وهو الأستاذ (نيكولا) المدعو (الجيلالي) وهو لايزال حياً لحد كتابة هذه الكلمات لتوجه إليه بالسؤال: هل هذا الكلام الذي نقلناه عمّا وقع تلك اللّيلة صدق أم كذب؟ أليس عدد الذين دخلوا القاعة من المجاهدين ثلاثة!؟ عطية معروف، و الأخ العيد شاب طويل أمرد أبيض…والأخ أيوب ليس بالقصير ولا الطّويل قسطلي الشعر و اللحية، يُحسن الفرنسية وهو الذي تولّى التّوضيح والتّرجمة لأكثر حديث الشيخ عطيّة…أليس كذلك!؟..والأفارقة الثلاثة الذين كانوا ضيوفاً تلك الليلة محتفلين معكم بأعياد الميلاد..هل الأمر كذلك أم لا!؟..ألم تكونوا محتفلين في تلك الليلة كما ذكرنا!؟..وكل ما نريد الوصول إليه هو ذكر الحقيقة و إثبات الواقع فقط لا نطلب منك جزاءاً ولا شكوراً..وإنّما هو البحث عن الحقيقة مُطلق الحقيقة كما تقولون.

الشّاهد الثاني: هو (الأب روبر) جاء إلى الجزائر بعد الإستقلال واستوطن وحيداً في منطقة تمزقيدة ببقعة تُدعى (قطّيوة) قضى بها سنوات طويلة ثمّ انتقل إلى بقعة أخرى تُدعى (زدّينة) بنفس الجبل بالقرب من بعض السكان، حدثنا هو بنفسه أنه قدم إلى هذه المنطقة واختار هذه الحياة ليُقيم العبادة ويعيش حياة الفقر بعد أن ترك حياة المال و الأهل وراءه في وطنه.
فقد أمّنه الشيخ عطية على نفسه على نفسه، وقصدناه مرّتين بمسكنه في الجبل قبل أن يرحل من هناك وشرحنا له قضيتنا العادلة بكلّ جوانبها، وحين أبدى تأسّفاً للعُنف وأعرب عن أمله في التفاهم و الحوار بيّنّا له المُعتدي من المُعتدى عليه..وأننا قمنا ندافع عن الشرع و الشرعية.
ونسأل (الأب روبر): هل أصابك منا أذى؟ لقد أعطاك الشيخ أماناً، وجلسنا معك وتحدّثنا في مسائل من الدّين و الحياة كالنّجوم والأعشاب فهل تذكر ذلك!؟..وأنت أقرب النّاس إلى أهل الدير وكان الشيخ عطية ينوي أن يجعلك الواسطة بينه وبين رهبان الدير عند طلب قدوم طلب قدوم الطبيب لمعالجة الجرحى كما أخبرني هو بذلك..فهل تجهل عهد الأمان الذي أعطاهم الشيخ إيّاه؟ أما حدّثك أي واحد منهم؟ ولاحتى صديقك (نيكولا) الذي كان يزورك في مسكنك بطرف الجبل؟.إنّكم تدّعون الحياد من جهة وأحرار في تصرّفاتكم ولا سلطة لأيّ نظام عليكم.. فلا تتركوا السياسة و المصالح تتحكم في شهاداتكم إبراءاً للذمّة لاغير، ولا نرجو من وراء هذا إلاّ إظهار حقيقة ما حدث..وبيان أنّ المسلمين الحقيقيين على عهودهم يُحافظون..وأخلاق الحرب وآدابها وأحكامها التي شرعها الله عزّ وجل ورسوله محمّد صلى الله عليه وسلّم نحنُ ملزمون بها من أجلها ومن أجلها نحيا ونموت.

محاولات الجماعة الإسلامية المُسلّحة لنقض العهد:
لقد حاول بعض المتفيقهين من أمراء الجماعة وضُبّاطها الشرعيين تحت إمارة (زيتوني) وحين كنّا ننتمي إليها، أن يُحمّلوا كتيبتنا (كتيبة المدية) على قتل الرهبان بدعوى أنّهم لا أمان لهم ولا عهد، وأنّ الشيخ عطية أخطأ في عقد الأمان لهم بدعوى أنّه لايجوز ذلك في الشرع، واحتجُّوا أيضاً بأنّ الشيخ عطية الذي أعطاهم الأمان قد مات وبالتالي انتهى ذلك العهد و الأمان.
ولم نوافقهم على تلك الدعاوى و الحجج ورددنا عليهم بدلائل من الشرع وبيّنات من أقوال أهل العلم من السلف و الخلف يجد قارئ هذا التقرير موجزاً لها ملحقاً بآخره.
كما رددنا عليهم أيضاً بأننا (كتيبة المدية) أَعْرَفُ منهم بهؤلاء الرهبان، فهم مسالمون ولا يعلمون على دعوة الناس أو إعانة عدو علينا ولم يؤثروا في محيط السكان حولهم، ولم يتحول أحد من الناس عن دينه طيلة مدّة تواجدهم وهذا أقوى دليل على تأمينهم ووجوب مسالمتهم.
ولم تستطع الجماعة أن تنال منهم لأن معظم مجاهدي الكتيبة يرون الرأي الذي رأيناه وأنّ الأمان الذي أعطاه الأمير السابق نافذ، يلزم التقيّد به قدر الإستطاعة.
فلمّا انحرفت الجماعة بقيادة زيتوني بتوجيه من المخابرات وبفتاوى وتعليمات خاطئة، نقضت عهودها وناقضت المنهج القويم فاستباحت دماء وأعراض وأموال المخالفين لها في التوجّه فلم يعُد من الغريب أن تُقدم على تلك الفعلة الشنعاء من اختطاف الرّهبان و قتلهم مادامت قتلت خيار الدُعاة و القادة المجاهدين و أفراد الشعب المتعاملين معها.
ولمّا أحسّت قيادة الجماعة المُنحرفة أنّ كتيبة المدية متفطّنة لألاعيبها ومؤامراتها على القادة و الدُّعاة ووصلتنا أنباء مقتل إخواننا في الوفد الذي بعثنا به إليهم بعد أن غدروا بهم، وعددهم ستّة (نجا منهم واحد فقط عاد إلينا بعد عام من غيابه). لما شعرت جماعة زيتوني بذلك بعثت إلينا تريد التحقيق من موالاتنا لها وطاعتها فطلبت منّا اختطاف الرّهبان من الدّير فرفضنا ذلك وكان أمير سرية القدس التي طُلب منها القيام بهذا العمل هو الأخ العيد نفسه الذي كان حاضراً مع الشيخ عطية عند عقد المعاهدة و إعطاء الأمان، فرفض وردّ الذين جاؤوا إليه لتدعيمه ومساعدته في ذلك العمل الشنيع وحذّرهم من العودة إليه، فما كان الجماعة المُنحرفة إلاّ أن استعانت بكتائب أخرى من البرواقية و وزرة وبوقرة و البليدة وبعض الأفراد من المدية المحسوبين على السلفية وهم أقرب إلى التفكير و الهجرة منهم إلى السلفية الحقة التي نعتزُّ بالإنتماء إلى نهجها اعتقاداً ومنهجاً وسلوكاً، ومُعظم هؤلاء قُتلوا على أيدي جماعة زيتوني قتلة شنيعة حين تفطّنوا مؤخراً إلى انحراف الجماعة وأدركوا إلى أين سيؤول الجهاد تحت رايتها.
أقول استعانت بالكتائب الأخرى وخططت ونفّذت ذلك، ولم نكن نعلم به كما أنّه لم يخطر ببالنا أنّهم سيقدمون عليها بتلك السّرعة إلاّ أن يكون الإعداد مع سبق الإصرار قد تمّ قبل أن يطلبوا منّا ذلك وامتنعنا عنه، فقد عزم إخواننا في الكتيبة في تلك الأيّام على إخبار الرّهبان بما تُدبّره الجماعة المٌنحرفة من محاولات اختطافهم ليكونوا على بيّنة من أمرهم فيبتعدوا أو يطلبوا من السّلطة حراستهم، ولِنوّفّي نحن بعهدنا ونُصبح في حلّ من أمرنا وهذا من واجبات الأمانة و العهد. لكن الجماعة سارعت في تلك الأيام بفعلتها الشنعاء التي لا يُقرّها الشرع و لا يرتكبها من في قلبه مثقال ذرة من مروءة، ولم تكن المصيبة ليلتها على الرّهبان وحدهم فقد اغتيل أيضاً واختطف عدّة شباب من الشعب ولاذنب لهم إلاّ التعاطف معنا إغتالتهم جماعة زيتوني المجرمة وهي تحسِبُ أنّها تُحسنُ صنعا، وتسعى من أجل الحدث الإعلامي.
أخيراً نؤكّد أنّ تقريرنا هذا لا نريد من ورائه جزاءاً ولا شكوراً، ولا إطراء أو مساعدة، إنّما نبتغي به إظهار الحق وإبرازه واضحاً للعيان، وللعيون المريضة التي لاترى إلاّ السواد، فقد اجتمع على نفي حقيقة هذا العهد وهذا الأمان مسؤولون في فرنسا و الجزائر ومسؤولون في الكنيسة و رجال من الصحافة و الإعلام، ويُصرّون على نفي هذه الحقائق و تجاهلها ويتعامون عن الإسلام الحقيقي الذي يُثبت وجوده وقوته على هذه الأرض وفي مختلف البقاع بكلمة الحق و الأمانة ورعاية الحقوق و المُعاملة الحسنة والإستقامة ولا مطمع لنا في ذلك إلاّ رحمة الله ورضاه عنا لنكون من عباده المؤمنين الذين ينصرهم في الدّنيا ويُدخلهم الجنّة في الآخرة إذا خلصت نيّاتهم واستقامت أعمالهم كما حدد لهم الصراط المُستقيم في القرآن الكريم وسنّة النّبي محمّد صلى الله عليهم و سلّم وهدي السّلف الصالح.
قال الله سبحانه وتعالى: (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوّامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنّكم شنآن قوم على ألاّ تعدلوا إعدلوا هو أقرب للتّقوى، واتّقوا الله، إنّ الله خبير بما تعملون) المائدة، الآية:8.
في الصفحات القادمة تجدون ملاحق لهذا التقرير إتماماً للفائدة وتعميماً لها حتى نكون قد استفرغنا الوسع في تجلية الصورة، وبذلنا جهدنا في تعرية الباطل الذي تجتمع السُّلطات في معظم البلدان على أن يسود إرضاء لرغبات أهل الأهواء و الشهوات. ومحاولة لطمس صورة الإسلام وتسويد صحائف أهل الحق. وهذه الملاحق هي كالتالي:
رقم (1): حديثنا عن هذه القضية من خلال تقرير سابق عن أثر المخابرات في الجماعة المُنحرفة.
رقم (2): بيان كتيبة المديّة بعد اختطاف الرّهبان.
رقم (3): أدلّة شرعية على وجوب الوفاء بالعهد للرّهبان وغيرهم وعدم التّعرّض لهم بالقتل أو غيره.

الملحق الأول:
فقرات مقتطفة من التقرير السّابق الذي كتبناه عن (أثر يد المخابرات الجزائرية في الجماعة الإسلامية المُسلّحة) وهذه الفقرات خاصّة بقضيّة الرّهبان:
((أقول قبل ختام الكلام عن هذا التقرير، نُعرّج على قضية الرّهبان السبعة المختطفين بالمدية لأنّ أيادي التعاون المخابراتي الجزائري الفرنسي ظاهرة بارزة، لا يُنكرها إلاّ جاهلٌ أو غافل، فقد أوضحنا الأمر باختصار في بيان سابق صادر عن كتيبتنا في شهر أفريل و وعدنا بمزيد من التوضيحات والبيان، وكلامنا هذا كلّه يندرج في هذا المضمار، فضلاً عن هذا نقول: إنّ القضية من صنع النّظام المُعتمد على المخابرات وذلك بناءاً على المُلاحظات التالية:

1- في شهر سبتمبر أو أكتوبر لعام 1995م، نشرت صحيفة فرنسية لأحد جنرالات النّظام الجزائري تصريحاً قال فيه: ((إننا استطعنا اختراق الجماعة الإسلامية ووصلنا إلى مراكز قيادية فيها)) وعلى المتابعين للأحداث ومن يهمهم الأمر أن يتأكّدوا بأنفسهم من ذلك في الأرشيف لديهم من وقت وإمكانيات.

2- أُقيل وزير سابق للدّاخلية بالجزائر (محمّد حردي) من منصبه السنة الماضية، عقب تصريحه للصحافة أنّه ستقام مقابر في الجبال لأفراد الجماعة الإسلامية المسلّحة، وكان يُشير إلى الفتنة التي أحدثوها في الجماعة وما نصب من محاكمات ولجان لتصفية خيرة أبناء الجهاد في الجبل بأيدي أصحابهم.

3- العديد من تصريحات المسؤولين في هذا النّظام المُتعفّن، كانت تشير من بعيد أو من قريب إلى أنّ المعركة مع الجماعة الإسلامية المسلّحة أو الإرهاب كما يقولون في أيّامها الأخيرة، اعتماداً على ما زرعوه داخل الجماعة، وما بثّوه من خبثاء وخبراء في الفتن يُحاولون إجهاض الجهاد وتحريف مساره، قال الله سبحانه وتعالى: (لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلاّ خبالا ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سمّاعون لهم) التوبة الآية: 47. ومن ضمن تلك التّصريحات، تصريح زروال أثناء حملته الإنتخابية و ما بعدها.

4- إنّ عبارات السّلطة العسكرية الحاكمة، لا يخفى على المُتمعّن إستعمالها في بلاغات وبيانات الجماعة المُخترقة، كما ذكرنا سابقاً (أي في التقرير المُشار إليه أعلاه)، والمُضحك في الأمر أنّ الجماعة تطلب منّا التوبة من العمل الإسلامي السابق في إطار الحركات الإسلامية للدّعوة أو الجبهة الإسلامية للإنقاذ، كما يطلب النّظام العسكري منّا التوبة أيضا، فما أشبه هذا الطلب بذاك، وكأنّهما يخرجان من مصدر واحد، وقديماً طلب الخوارج من علي بن أبي طالب رضي الله عنه ومن الصحابة رضي الله عنهم، طلب منهم الخوارج أن يتوبوا من قضية التحكيم (فاعتبروا يا أولي الأبصار) الحشر الآية: 2.

5- نقلت إذاعة البحر الأبيض المتوسط على أمواجها بياناً لبعض أعضاء مجلس الشورى (للجماعة المنحرفة)، وذلك في شهر جويلية المُنصرم (أي جويلية 1996) يعلنون فيه عزل زيتوني – وليس بيدهم شيء ولا قوة لهم – ويطالبون بمحاكمته هو و جماعته وخاصة عنتر زوابري الذي يتّهمونه بالمخابرات و العمالة لهم وسواءاً كانوا صادقين أو كاذبين فالله أعلم بما قالوه، فإنّهم كانوا من المُقرّبين إليه و على شاكلته، ولم يفرّوا بجلدهم وينكرون عليه وصحبه ما أنكروه إلاّ يوم حان دورهم للمحاكمة و القتل ليُسقوا من نفس الكأس التي سقوا منها غيرهم، فإذا قالوا عنه ما قالوا فهم أكثر اطّلاعاً على حقيقته.

6- إنّ سعيد مخلوفي في بيان (حركة الدّولة الإسلامية) رقم:2 وهو غير مؤرّخ (ويظهر أنّه في بداية 1996) يُعلن فيه خروجه عن الجماعة الإسلامية المُسلحة، ويقول فيه بصريح العبارة: (إنّ الحركة اليوم على يقين بأنّ قيادة الجماعة الإسلامية المُسلّحة مخترقة من طرف المخابرات اللّعينة، ولديها الأدلّة القاطعة على أنّ أميرها أبا عبد الرّحمن أمين (زيتوني) على علاقة بالمُخابرات (ويمكرون ويمكر الله و الله خيرُ الماكرين) الأنفال الآية: :30، وقد سلّمتُ نسخاً من الوثائق المُحصّل عليها إلى بعض أمراء الجماعة الذين أعلنوا خروجهم عن القيادة المبتدعة)). اهــ. (لم تصلنا هذه الوثائق في المدية وإلاّ كانت زيادة في الإيضاح و الإثبات)

7- أخبرنا الأخ بشير تركمان – رحمه الله – وكان عضواً في الهيئة الشرعية للجماعة (قتلوه غدراً بعد تعذيبه) وكان موجوداً بالمركز الذي تمّت فيه البيعة المُغتصبة لزيتوني بإمارة الجماعة، وشهادته على الأحداث هي التي كشفت لنا جانباً كبيراً من مسرحية تحريف الجهاد عن مساره قال البشير أنّ أحد مسؤولي الإعلام في الجماعة، أخبر شخصاً وهذا الشيخ لم يتذكّره الشيخ البشير: أخبره أنّ جماعة زيتوني أي بطانته حين سارعوا إلى مسؤول الإعلام لينشر لهم بيان تنصيب زيتوني، وجدوه يكتب بيان المجلس الشوري بتنصيب المحفوظ أبي خليل، فحاولوا إغراء ذلك المسؤول بالمال و الفيلا و السيارة، وهذا عمل مخابراتي وإلاّ متى كان المُسلمون يشترون الإمارة بالرّشوة؟ ولم نذع هذا الخبر آنذاك ولا ألقينا إليه بالاً، وأخير أكّد هذا الخبر – في شريط مُسجّل – أمير المنطقة الأولى ونائب أبي عبد الله سابقاً خالد ساحلي مؤخراً فقط.
تلك كانت ملاحظات عامّة ونضيف إليها الآن ملاحظات خاصّة وظرفية لابست قضية الرّهبان وهي:

1- لم يقتصر الإختطاف في تلك اللّيلة على الرّهبان فقطن بل امتدّت الأيادي الآثمة أيادي الخوارج الجدد معتدية على الآمنين من السّكان في حيين من أحياء المدينة و خارجها، حيث كسروا أبواب المنازل و أجهزة التلفزة للنّاس، وقتلوا ثلاثة من شباب المسجد و اختطفوا شباباً آخرين من بيوتهم، فكيف تكون عملية بهذا الحجم و الشكل بما فيها من فوضى و أصوات الرّصاص و حركة السيّارات التي تنقّلوا بها في منتصف اللّيل (وحظر التجوّل ليلاً مفروض)، ثمّ لا تحرّك قوات الأمن المزعوم ساكناً في تلك اللّيلة و هذا لا يكون إلاّ جُبناً أو إغضاءاً للطرف، ظنّاً منها أنّ الأمر لا يهمّها مادام في أوساط الشعب، أو بطلب من السُلطات العُليا التي تحكم من وراء الكواليس، وبالمناسبة نشير إلى أنّ معظم قوات الجيش و الشرطة و الدّرك وغيرها، ليست على اطّلاع بعمل المُخابرات، لأنّ هذه الأخيرة لها صلة مباشرة بالرّئاسة أو القادة العسكريين، وكثيراً ما دبّرت المصالح الخاصّة بالمخابرات كمائن وعمليات ضدّ قوات الأمن و الدرك و الجيش وضحّت بهم أو ببعض الأسلحة من أجل صنع خبر مُهم، وإتّهام جهة ما أو إدخال عنصر منها في الصفوف، حيثُ تزكّيه بأعمال بطولية ضدّ رجال الأمن ليُصبح بطلاً قائداً داخل الجماعة مثل قصة (فريد الوهراني)، فمن أجل أن يُحقق السادة الحُكّام سيادتهم وسيطرتهم وبقاءهم في الحُكم يضحّون ببعض قواتهم ورجالهم قرباناً لرغباتهم ومصالحهم، وهذا ممّا خفي على كثيرٍ من الضُّباط أنفسهم ولو كانوا عُقداء أو روّاد أو نُقباء وملازمين.

2- تدّعي قوات الأمن المزعومة أنّها تحرّكت في اللّحظات الأولى لاختطاف الرّهبان، وطوّقت المنطقة و الصحيح الذي يعرف شهود عيان أنّها لم تتحرّك إلاّ بعد ضوء الفجر مع أنّ العملية وقعت في منتصف اللّيل، و تلك حقيقة لا تُنكر (لأنّ السكان كلّهم يعرفون هذا).

3- إنّ الرّهبان تمّ اختطافهم وتسييرهم مشياً على الأقدام مسافة كيلومترات، ومُعظمهم كبير السّن، و تحت جُنح الظلام في الحقول، وفي منطقة محاطة بمراكز المراقبة ومُعسكرات السّلطة، فأين كانت أعيُن الحرّاس تلك اللّيلة؟

4- لقد هرب أحد الشباب المُختطفين، واستطاع الإفلات من قبضة أذناب الخوارج في الليلة التي بعدها ووصل إلى قوات الأمن، وأخبرهم بموقع أولئك الخوارج ورهائنهم من الرهبان وغيرهم، فأمست الطائرات تقصف المروحية تقصف تلك المنطقة قصفاً شديداً، و السؤال هو: هل يُحرّرُ الرهبان بتلك الطريقة العشوائية؟ أم أنّهم بتلك الطريقة كانوا بذلك يدفعونهم لتصفية الرهبان كرد فعل إنتقاماً لقصفهم، وبالتّالي يحقق النّظام الحاكم ضجّة إعلامية كبرى بمقتلهم ويحصل على تعاطف المُجتمع الدّولي معه و مع شريكه الآخر في المؤامرات النّظام الفرنسي؟.

5- كلّ الأخبار كانت تتحدّث عن نقل الرّهبان إلى منطقة بوقرة، وتُراهن الصُّحف و الوكالات على ذلك، نقلاً عن مصادر مُطّلعة وموثوقة ومقرّبة من السُلطة، وهذا ما يُشير إلى وجود العُنصر المخابراتي داخل الجماعة، وهو الذي كان يمدُ الإعلام بمادّته، ولم تكن نهاية الرّهبان بعيداً عن ديارهم بأكثر من خمسة أو ستة كيلومترات حيثُ أُلقيت رؤوسهم بعد مقتلهم في الطريق الوطني رقم 1 على بعد أربعة كيلومترات عن المدينة.

6- كما حاولت وسائل الإعلام إيهام الرأي العام أنّ أمر اختطاف الرّهبان هو قضية انتقام وتصفية بين الجماعات المُسلّحة وبين كتيبة المدية التي أعطت العهد و الأمان لأولئك الرّهبان سابقاً، وهذه مغالطة لصرف الرأي العام المحلّي و الدولي عن الأهداف التي يتوخّاها النّظامان المتحالفان الفرنسي و الجزائري من وراء هذه العملية، وحتى لا يتفطّن الرأي العام الفرنسي إلى أنّ سُلطته الحاكمة متورّطة في قضية الرّهبان بالجزائر حيث ضحّت بهم من أجل تمين العلاقة مع السُلطة الجزائرية وإحكام القبضة على زمام الأمر في مستعمراتها السابقة.

بعد كل هذه الطّائفة من الملاحظات العامّة و الخاصّة نجد السؤال التالي يطرح نفسه بإلحاح:

إذا كان النّظام الحاكم في الجزائر يصرّح باختراقه للجماعة الإسلامية المسلّحة على مستوى قيادتها وهو ما تشير إليه الدلائل و الوقائع، ويتحكّم في توجيه و تسيير بعض قادتها، فكيف لا يعرف أو يكتشف تدبير الجماعة و تخطيطها لاختطاف الرّهبان قبل وقوعه؟.

وحتى إذا غاب عنه إكتشاف الأمر قبل وقوعه، كيف لا يتوصّل إلى موقع إعتقالهم وتواجدهم (الرّهبان) مع أنّ أسرار الجماعة المخترقة بين يديه ولايصعب عليه التوصل إلى ذلك لأنّ لديه أعضاء و قياديين في الجماعة؟…

وكيف تدّعي السُلطات أنّها طوّقت وفتّشت و مشّطت والرهبان المُختطفون لم يذهبوا بعيداً عن ديرهم؟ بل كيف ترضى فرنسا بقتل الرهبان و هو ما تدلُّ عليه الحقائق حيث تُسيطر بمساعداتها الإقتصادية وبيادقها من قادة النّظام الحاكم على السلطة الجزائرية؟ هذه الأخيرة بدورها تصرّح بسيطرتها على الجماعة واختراقها بمخابراتها ثمّ لا تستطيع أي سلطة منها أن تفعل شيئاً للرّهبان المُختطفين؟ هذا هو العجب العُجاب. ولعلّ قضية أسقف وهران كلافيري الذي قُتل بعد انصرافه من جنازة الرّهبان بتفجير سيارته حين وصوله إلى وهران، نقول لعلّ هذا العمل يُشير إلى أنّ …[..نص غير واضحة في صفحتين..]…26 مارس 1996م بينما قاموا مختطفوا الرّهبان تلك اللّيلة بقتل خمسة أشخاص أبرياء من خيرة أبناء هذه الأمّة، وجرحوا عدّة أشخاص وحطّموا منازل النّاس وأجهزتهم التلفزيونية، فلماذا لم يتحدّث الطاغوت ويُصرّح بتلك الأحداث؟ لأنّهم ينفضحون حين يعلم العالم أنّهم لم يُحرّكوا ساكناً ولم يخرجوا من مراكزهم لإغاثة النّاس، ولو تحرّكوا لأحبطوا عملية الخطف، فهل كانت عملية الخطف لعبة في سياسة النّظام العسكري لأنّ قتلهم سيؤدّي إلى غضب فرنسا وإثارة حفيظة العالم الغربي و أصحاب قمّة شرم الشيخ و بالتالي سيزيدون في حياة الطاغوت بسيروم المساعدات الإقتصادية والعسكرية بحجّة محاربة الإرهاب، أم أنّ المتواطئين سيُبقون عليهم أحياء كما اتّفقوا ليظهر النّظام العسكري أنّه مسيطر على الوضع وسيحصل على نفس النتيجة من المساعدات!؟ كلّ هذا وذاك قائم غير بعيد لأنّ الجماعة التي اخترقتها المخابرات تسير على غير هدى وطاش صوابها فصبّت جام غضبها على النّساء و الشيوخ و الصبيان و أموال النّاس وأعراضهم، قال الله سبحانه و تعالى: (ولا تحسبنّ الله غافلاً عمّا يعمل الظالمون) إبراهيم الآية:44. عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: (أربع من كنّ فيه كان منافقاً خالصاً ومن كانت فيه خصلة منهنّ كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر) رواه الشيخان.

ملاحظة: سنوافيكم بحيثيات وتفاصيل عملية الإختطاف إن شاء الله.

المدية في: 15 ذي القعدة 1416.
الموافق لــ: 4 أفريل 1996م.

أمير الكتيبة علي بن حجر.

 

الملحق الثالث:

النقطة الأولى: الكف عن قتل الرّهبان.

قال ابن كثير – رحمه الله – في تفسيره…..(يُتبع)

 

 

 

 

 

 

3 تعليقاً

إضغط هنا للمشاركة بالتعليق

  • اذا كانت الجماعات المنحرفة كما سماها تقتل الناس كما يدعي فالى ماذا يدعو هو ؟ و ضد من يجاهد؟ كانه ملاك فقط لانه لا يريد قتل الرهبان و باقي الجزائريين الذين قتلوا اليسوا عباد ام ان الله شرع قتلهم بالقنابل و المتفجرات ؟ و ماذا كان يفعل في الجبال ان لم يكن القتل؟ قاتلهم الله و حسبنا الله و نعم الوكيل عليهم وعلى كل من يساعدهم,