مقالات

مطلوب‭ ‬تسمية‭ ‬الأشياء‭ ‬بأسمائها | سالم‭ ‬زواوي

2012.01.16
مرت الآن عشرون سنة على انقلاب 12 جانفي 1992، الذي لازال البعض يسميه “توقيف المسار الانتخابي” والذي حدث عقب الفوز الساحق للحزب المحل (الجبهة الإسلامية للإنقاذ) في الانتخابات التشريعية ليومئذ، بدعوى إنقاذ الديمقراطية والجمهورية من الهلاك. واليوم وبعد مرور كل هذه المدة وما وقع ولا زال يقع من أحداث مأساوية عادت بالبلاد عقودا إلى الوراء من حق كل جزائري أن يطرح سؤالين أساسيين ولو على نفسه، خاصة في ظل ما يعيشه المجتمع ويعانيه من مخلفات ذلك الحدث من كتم للأنفاس وحرمان من حرية الكلام والتعبير والتجمع‭ ‬والتظاهر‭ ‬السلمي‭ ‬للمطالبة‭ ‬بأبسط‭ ‬الحقوق‭..‬

1‭ – ‬هل‭ ‬كانت‭ ‬ثمة‭ ‬ديمقراطية‭ ‬قائمة‭ ‬وممارسة‭ ‬في‭ ‬الجزائر‭ ‬قبل‭ ‬هذه‭ ‬الانتخابات‭ ‬حتى‭ ‬يقوم‭ ‬الانقاذيون‭ ‬بانقلاب‭ ‬لإنقاذها‭ ‬وحمايتها‮ ‬من‭ ‬جماعة‭ ‬الانقاذ؟؛
2 – هل حقا أن جماعة إنقاذ الجزائر ورموزهم من أمثال الجنرال خالد نزار وعلي هارون وعلي كافي والفرانكوفونيين المذهبيين المتطرفين الذين يتخذون من خدمة المصالح الفرنسية في الجزائر دينا لهم.. هل هم ديمقراطيون وغيورون على الديمقراطية إلى هذا الحد ليقوموا بهذه المغامرة الخطيرة ويدخلوا البلاد في هذه الدوامة التي عرضت ولا تزال تعرض السيادة والوحدة الوطنية إلى الخطر؟. ولننظر من هذه الزاوية إلى ما أصبح عليه وضع الجزائر في هذا المجال أمام العودة الساحقة للاستعمار الفرنسي القديم والجديد، السياسي والاقتصادي والمالي والثقافي، والذي ليس إلا تحصيل حاصل لتلك الأحداث ومناداة التيار الفرانكوفوني المذهبي الصريح بتدخل فرنسا المباشر لإلغاء الانتخابات في البيانات وعلى صدر الصحف الناطقة باسمه قبل أن يبدأ التفكير في الانقلاب حتى أن إحدى الصحف كتبت على صفحتها الأولى وبالبنط العريض: “ماذا تنتظر فرنسا؟”، حتى أصبح الربط حتميا لدى الكثير من الجزائريين بين تلك الأحداث وبين الوعد الذي ضربه الجنرال ديغول سنة 1962 للفرنسيين الرافضين لاستقلال الجزائر بأن هذه الجزائر ستعود لهم على طبق من ذهب بعد أقل من ثلاثين سنة. وسواء كان الأمر مجرد صدفة أم موعدا مرتبا فإن الذي حدث منذ تلك الأحداث أن فرنسا عادت بالقوة والتأثير والسرعة التي لم يتوقعها أحد، فهي تفعل ما تريد بالسياسة والمال والاقتصاد و”تستثمر” خارج القوانين المطبقة على المستثمرين الأجانب وحتى المستثمرين الجزائريين، وتملي على المسؤولين الجزائريين دعم مبادرات السلطات الفرنسية وقوانينها المتعلقة بتمجيد أعمال الاستعمار الفرنسي في الجزائر والتصدي لأي مبادرة جزائرية لتجريم على ما اقترفه من جرائم، والحكومة الفرنسية قررت المشاركة المباشرة في تنظيم الاحتفالات بالذكرى الخمسين لاستقلال الجزائر حتى تتفادى أي حديث‭ ‬أو‭ ‬عودة‭ ‬لإثارة‭ ‬مشروع‭ ‬هذا‭ ‬القانون‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬موضوع‭ ‬آخر‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يثار‭ ‬بهذه‭ ‬المناسبة‭ ‬حول‭ ‬الحقبة‭ ‬الاستعمارية‭ ‬كما‭ ‬صرح‭ ‬بذلك‭ ‬مؤخرا‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬الفرنسية‭.‬
لقد أصبح التمادي في هذه السياسات مستحيلا مع الظروف العربية والدولية وحتى الوطنية الجديدة وأصبح لزاما على النظام الرجوع إلى الواقع والتزام الحد الأدنى من الموضوعية بالدخول في حوار شامل وصريح مع المجتمع، والبداية بتسمية الأشياء بأسمائها بدل الاستمرار في السياسات القديمة والاعتماد على أحزاب وجمعيات الخدمة والإصلاحات السياسية التي لا هدف منها سوى تكريس انقلاب أكل عليه الدهر وشرب ولم يعد ينفع في مواجهة أمواج الأجيال الجديدة المتعطشة إلى التغيير والتجديد.

http://www.echoroukonline.com/ara/editorial/90505.html

تعليق واحد

إضغط هنا للمشاركة بالتعليق