مقالات

المعارضة غير المرغوب فيها | عبد العالي رزاقي

بينت الحملة الانتخابية أن ما كان يكتب أو يرسم على جدران المراحيض أيام الحزب الواحد صار يكتب علنا على لوحات الدعاية الإشهارية أو فوق صور المرشحين، وهي ظاهرة جديدة عرفناها في عهد الإرهاب، فمن أين جاءت؟ ولماذا صارت الوسيلة الوحيدة للاحتجاج على المتنافسين من أجل راتب بـ(30 مليونا) وبطاقة حصانة لتبييض الأموال؟.

الثورة الصينية

ارتبطت ظاهرة الكتابة على الجدران بالثورة الثقافية التي قادها المفكر الصيني ماوتسي تونغ عام 1966م حين حول جدران المدن الصينية إلى فضاءات للكتابة الاحتجاجية وطرح الأفكار البديلة أو المعترضة على النظام السياسي الذي تبناه بصفته رئيسا حتى يضع حدا للعمل السري ضده، أما بالنسبة للأميين فقد ألزم طلبة الجامعات بتعليمهم القراءة والكتابة، واشترط عودتهم إلى الدراسة بالشهادة الخطية التي يكتبها له ذلك الأمي كإقرار منه بما تلقاه من تعليم.

وكانت النتيجة هي أنه تمكن من حصر مشاكل المواطنين بعد تحليل الكتابات ثم اتخذ القرارات المناسبة لفائدة جميع المواطنين، ومن يقرأ ما كتبه الغربيون حول هذه الثورة يكتشف أنها كانت مرفقة بخطاب إعلامي منبري يقول عنه هؤلاء الكتاب “بأنك تستطيع أن تهرب من الشمس ولكنك لا تستطيع أن تهرب من سماع مكبرات الصوت التي هي من تشرح الخيارات السياسية الجديدة للصين”.

وهكذا انتقلت الصين من عهد تكميم الأفواه وتغييب (الأغلبية الصامتة) إلى مرحلة تطور الإنتاج العلمي الذي أصبح يهدد الإنتاج الغربي وصار في متناول شعوب العالم الثالث، وها هي اليوم تحل مشاكل فقرائه ومنهم فقراء الجزائر، ولا يوجد بيت جزائري خال من منتجاتها.

وحين ارتفعت أصوات الأدباء الشباب الجزائريين تطالب بتحرير الصحافة الجزائرية من الهيمنة الأجنبية تصدى لها الدكتور محيي الدين عميمور واصفا أصحابها بـ”كتاب المراحيض”، لكن هؤلاء الكتاب هم الذين كانوا إلى جانب الفلاحين ليس لمحو الأمية وإنما لتمكين “الخماسين” من مواجهة الإقطاعيين، وهكذا ظهرت حركة التطوع لصالح الثورة الزراعية داخل الحرم الجامعي، فماذا لو اقتدى الراحل بومدين يومئذ بالرئيس الصيني؟.

صحيح أن هذه الفكرة لم تعد مقبولة الآن في الشارع الجزائري لأن هناك فضاء افتراضيا أصبح ممكنا من خلال التواصل عبر المواقع الاجتماعية والمدونات أو ما يسمى بصحافة المواطن، ولكن السؤال الذي قد يتبادر إلى ذهن كل مواطن: ما مبرر وجود قناة إذاعية محلية في كل ولاية وإذاعات وطنية وموضوعاتية ودولية و”اليتيمة” وأخواتها مادامت لا تستطيع أن تتحول إلى منابر للرأي والرأي الآخر في الجزائر، وأن تساهم فيما يسمى بالإصلاحات السياسية، بالرغم من أن مؤسسة الكهرباء والغاز تقتطع نسبة 7 % من فاتورة كل مواطن لميزانية السمعي البصري في الجزائر منذ عهد الراحل هواري بومدين لغاية اليوم، فهل يعقل أن يستمر المواطن في تمويل مؤسسة “عمومية” لا تخدم مصالحه؟.

فضائيات الأمر الواقع

تحظى القنوات الفضائية الجزائرية التي ظهرت على الأقمار الصناعية العربية والدولية باهتمام خاص لدى المشاهد الجزائري بحيث سجل حضوره فيها بالرغم من أنها ما تزال في مرحلة (البث التجريبي)، وهذه القنوات موزعة مابين قنوات تبث من لندن وهي قناتا (العصر) لحركة الرشاد الجزائرية المعارضة و(المغاربية)، وقنوات ترسل مادتها الإعلامية من الجزائر عبر الانترنت إلى دولة عربية أخرى لتبث منها عبر النيل سات وهي القنوات التالية: (الشروق TV ،النهار TV والجزائرية News)، وقناة (دزاير (Shop الإشهارية التي حملت شعارا “ماليوم خلاص ما تكتبش في الحيط” وكأنه يوجد مواطنون يشهرون سلعهم عبر الجدران إلى جانب من يعبرون عن آرائهم فيها.

قانون الإعلام الجزائري لهذا العام لا يتضمن مواد تسمح بإنشاء فضائيات وإنما يحيل إلى قانون آخر ربما هو موجود في أدراج مكتب وزير الاتصال الذي يعتبر نفسه وزيرا للقطاع العام فقط وغير معني بالقطاع الخاص، ولعل هذا ما جعله يوقع مع نقابة العمال اتفاقية لتوحيد أجور موظفي القطاع العام دون مراعاة خصوصية كل وسيلة إعلامية.

السلطة لا تحاول سن قانون يسمح باعتماد هذه القنوات الفضائية الجزائرية الجديدة بالرغم من استغلال الوزراء لها خلال حملتهم الانتخابية، ويفترض اعتماد مكاتب لها كمؤسسات أجنبية في انتظار صدور قانون يسمح باعتمادها.

http://www.echoroukonline.com/ara/articles/128289.html

2 تعليقاً

إضغط هنا للمشاركة بالتعليق

  • حزب الأغلبية الصامتة

    أكذوبة سياسية (قديمة – جديدة) تريد السلطة والأحزاب تسويقها كمادة إعلامية دعائية أساسية في الحملة الانتخابية تقول: “إن هناك مؤامرة على الجزائر تحاك في الخارج باسم الربيع العربي”، وإذا قاطع المواطنون هذه الانتخابات فإن حلف “الناتو” يترصدنا، فالمقصود بهذا التخويف والتهويل؟.

    من يتآمر على من؟

    لم يحمل الثوار أثناء الاستفتاء على تقرير مصير الجزائر عام 1962م شعارا مثل “عدم التصويت خيانة للشهداء” أو أحتاج إلى فتوى أو التهديد بالحلف الأطلسي بالرغم من أن الاستفتاء كان يحتاج إلى تعبئة شعبية لأن وسائل الإعلام كانت آنذاك فرنسية، ومع ذلك صوت من صوت وقاطع من أراد أن يقاطع دون تخوين أو تهديد، فهل يعقل ونحن على أبواب الذكرى الخمسين لاسترجاع السيادة أن نتعامل مع هذا الشعب بمثل هذا المستوى من الانحطاط الفكري والسياسي.

    لا أحد يستطيع أن يتآمر على شعب يملك سلطة اتخاذ القرار، ولا أحد يجرؤ على احتلال دولة سيادتها بيد شعبها إلا إذا كان هناك من يفكر في التآمر مع الأجنبي على بلده، ولا يوجد في الجزائر مواطن اسمه “حسين داي” بإمكانه أن يوقع وثيقة استسلام الجزائر للأجنبي، والسلطة التي يتخلى عنها شعبها هي التي تلجأ إلى حمل شعارات مثل “المؤامرة الأجنبية” أو “التآمر الخارجي” لإيهام الرأي العام الوطني بأنها تدافع عن مصالح الشعب حتى تستمر في تسيير الشأن العام مثلما كانت تفعل الأنظمة الديكتاتورية أو الأنظمة ذات الحزب الواحد.

    إن السلطة التي تقوم بعملية تغيير نحو الأسوأ إنما تريد من المواطن أن يندم على اليوم الذي يمر لأن اليوم الذي يليه يكون أسوأ منه وبالتالي يتمسك هذا المواطن بالوضع القائم ولا يطمح في التغيير لأنه يخاف أن يأتيه بالأسوأ، ويبقى يردد مع نفسه قوله تعالى: “إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم”.

    والحقيقة التي لا تقال هي أن: “دوام الحال من المحال” والتغيير سنة الحياة فإذا كانت هناك إرادة شعبية فإن المستقبل سيصبح مضمونا والأمل يصير واقعا، ومن يقف ضد التغيير كالواقف ضد التيار يحاول إنقاذ نفسه على حساب الآخرين، فالذي يربط الجزائر بعشرية الإرهاب إنما يريد إحياء الصورة الذهنية الموحشة لسنوات الدم حتى يبقى المواطن سجين الرعب ولا يطالب بتحسين أوضاعه أو تغيير من تسببوا في المأساة الوطنية، ومن يخيفنا بما حدث في ليبيا أو بما يحدث في سوريا أو بما قد يحدث في مصر فهذا الشخص يجهل حقيقة الشخصية الجزائرية.

    إن التغيير هو الانتقال من حالة جامدة إلى حالة متحركة، والحالة الجزائرية الراهنة تشبه كرة الثلج سرعان ما تذوب إذا ما طلعت الشمس، والجزائر التي لا تمثل حضورا إقليميا أو عربيا أو دوليا لن تكون جزائر الغد.

    من يخون من؟

    كانت السلطة وما تزال تطلق على من قاطعوا تشريعيات 26 ديسمبر1991م صفة “الوطنيين” لأنهم تجنبوا دعم الجبهات الثلاث التي فازت في الانتخابات والتي كان يصفها سعيد سعدي بـ “الديناصورات” ولكنها اليوم حين تتحدث عن المقاطعة لتشريعيات 10 ماي 2012م تصف دعاتها بـ “الخونة”، فمن يخون من؟

    إن فكرة المقاطعة حسب تصريحات المواطنين ليست مقاطعة من أجل المقاطعة وإنما لأنهم لم يجدوا في قوائم المرشحين من يحمل انشغالاتهم اليومية، والدليل أن من ترشح لرئاسيات فرنسا 2007م أصبح يتصدر قائمة لتشريعيات الجزائر 2012م، ومن كانوا وزراء ونواب سابقين وفشلوا في نظر المواطنين عادوا من جديد، ومن فشلوا في تسيير منظمات المجتمع المدني انتقلوا إلى تسيير أحزاب، بل من اشتروا القوائم يتهمون دعاة المقاطعة بالخيانة، وكأن هؤلاء جميعا يريدون الشعب أن يصوت ضد قناعاته.

    من يقرأ المعلومات المتعلقة بالمستوى التعليمي والمهني للمرشحين المكتوبة في الملصقات يجدها مملوءة بالتصريحات الكاذبة والأخطاء اللغوية، ومن يستمع إلى حملاتهم في الإذاعة والتلفزيون يصاب بخيبة أمل كبيرة، أما من يحضر تجمعاتهم فإنه سيكتشف أن الكثير من الحضور تم تأجيرهم وجلبهم من خارج الولاية.

    التصويت لحزب الأغلبية الصامتة

    إذا أردنا أن نقنع الناخبين بالتوجه إلى مكاتب الاقتراع فعلينا بإضافة رقم 45 مع أرقام الأحزاب الـ 44 ولنسميه حزب المقاطعين أو الرافضين لهؤلاء، وعلى لجنتي الإشراف والمراقبة أن تقدم مقترحا رسميا بذلك إلى السلطة لإضافة ملصقة باسم المقاطعين وبالتالي نكون قد طوينا ملف المقاطعة وانتقلنا إلى وضع حد للمزايدة والتزوير.

    فإذا فاز حزب المقاطعين بالأغلبية المطلقة يوم 10 ماي 2012م فإن الرئيس مطالب باتخاذ قرار تاريخي وهو حل الأحزاب والبرلمان والدعوة إلى انتخابات جديدة لمجلس تأسيسي يكون لبنة أولى لبناء جمهورية جديدة.

    وبذلك تصبح الجزائر أول دولة تحول الأغلبية الصامتة إلى حزب جديد يكون الفيصل ويضع حدا للأشخاص المتسلقين المتزحلقين، وعندها تكون الانتخابات نموذجا للنزاهة والشفافية.

    http://www.echoroukonline.com/ara/articles/127842.html

  • الحداد على الطريقة الجزائرية

    كشفت جنازة الرئيس احمد بن بلة عن تدهور في ثقافة الحداد الوطني وتشويه متعمد للتاريخ ورجالاته، واستخدام مفرط لـ”الموسيقى الكلاسيكية” الغربية بديلا عن القرآن الكريم، فهل ما حدث وصية المرحوم أم قرار من يريدون تسيير الشأن الجزائري ما بعد تشريعيات 10 ماي 2012م.

    القرآن غير المرغوب فيه

    لا توجد دولة عربية أو إسلامية يقام فيها الحداد الوطني دون تلاوة القرآن الكريم في وسائلها السمعية البصرية وتنكيس الأعلام في مؤسساتها الرسمية، ولم تعرف الجزائر أثناء موت الرئيس الراحل هواري بو مدين أو اغتيال محمد بوضياف حدادا بدون ترتيل القرآن الكريم مدة أيام الحداد بالرغم من أن من جاؤوا بالرئيس محمد بوضياف كانوا اشد تطرفا إزاء الدين وكانوا يمنعون بث الأذان في التلفزيون.

    ولا يوجد ما يفسر اللجوء إلى (كوكتال من السنفونيات) العالمية خلال فترة الحداد على الراحل بن بلة، فهل صارت تلاوة القرآن الكريم في الإذاعة ممنوعة في غير إذاعة القرآن الكريم؟ ومتى صارت تلاوة القران على الموتى تدخل في الحسابات السياسية؟.

    البعض ادعى بأن الحداد الوطني على الرئيس أحمد بن بلة فرصة للتيار الإسلامي لاستخدام الدين في حملته الانتخابية، والبعض الآخر زعم بأن الجمهورية الثانية بدأت مع رحيل احمد بن بلة باستخدام الموسيقى الجنائزية الغربية.

    قراءات متعددة

    تحول هذا الموقف اللا أخلاقي من القيام بحداد وطني لا يحمل البصمة الدينية إلى قراءات سياسية في مواقف الرجل، فهناك من يقول بأن السلطة في الجزائر لم تنس ما قام به الرئيس احمد بن بلة عندما خرج من السجن عام 1981م والتحق بالمعارضة وشكل تحالفا مع الزعيم حسين آيت احمد سنة 1985م بلندن، وقد أدى إلى اغتيال علي مسيلي الذي قام بدور كبير في هذا الاتفاق (العربي الامازيغي)، وهناك من يدعم هذا الرأي بالقول بأن الفضل في التوقيع على (العقد الوطني) للمصالحة الوطنية لعام 1995م بروما يعود إلى المرحومين عبد الحميد مهري وأحمد بن بلة.

    أما الطرف الآخر فيقول بأن المعارضين داخل السلطة أرادوا التقليل من شأن الرئيس احمد بن بلة لأنه وافق على الالتحاق بقيادة الأركان للجيش الوطني عام 1962م بعد رفض محمد بوضياف وحسين آيت احمد ذلك بحجة أنهما ضد الانقلاب على الحكومة المؤقتة التي كان يرأسها بن يوسف بن خدة، والذي ترك وصية بعدم دفنه في مقبرة العالية، وأنه أبلغ الرئيس الحالي الذي كان يقوم بدور الوسيط آنذاك.

    الرؤساء والخطاب الإعلامي

    لا تستطيع هذه الجنازة الرسمية أن تعوض الرئيس الراحل الـ 15 سنة سجنا، ولكنها كشفت عن المستور داخل السلطة الجزائرية والسلطة المغربية، فعلى مستوى البروتوكول داء انسحاب الوفد المغربي في غير موضعه، لأن صحفا مغربية قالت بأن أحمد بن بلة هو أول رئيس جزائري من أصول مغربية، وأخرى ادعت أنه قاد حربا ضد المغرب، وهي مغالطات تاريخية، أما على المستوى الإعلامي الجزائري الرسمي فقد صفات النقل المباشر بسبب عدم القدرة على الاسترسال وشح المعلومات المتعلقة بالفقيد، بحيث أن تجاهل الحديث عن فرحات عباس (أول رئيس حكومة جزائرية) وبن يوسف بن خدة (ثاني رئيس)، وعن الشخصيات التي كانت تظهر مع المرحوم في الصور التاريخية.

    والحقيقة التي تجاهلها الإعلام الجزائري ان بن بلة هو أول من رفض حذف العروبة والإسلام من برنامج حزبه (الحركة من اجل الديمقراطية في الجزائر) في الوقت الذي استجابت فيه الأحزاب الإسلامية واللائكية والوطنية لشروط قانون اعتماد الأحزاب الذي يمنع استخدام عناصر الهوية في العمل الحزبي، مما أدى إلى عدم الاحتفاظ بالحزب.

    ثقافة النسيان

    من المفارقات أن السلطات الجزائرية تنسى بأنها أدخلت بتهوفن وموزار وشوبان وباخ وغيرهم من نجوم الموسيقى العالمية إلى بيوتنا عندما أرادوا تهميش الفنانين الجزائريين، وها هي اليوم تعود إلى هؤلاء لتفريغ الحداد الوطني على الرئيس بن بلة من محتواه الديني، كما أنها بدأت بعملية تسفيه الذكرى الخمسين لاسترجاع السيادة الجزائرية بدعم أولئك الذين رضعوا حليب فرنسا وما يزالون يرضعون أطفالهم منها ويطالبون (فرض لائكية اللغة وفصل العربية عن الإسلام) واعتبار التعريب (جريمة ضد الإنسانية) وهو (اخطر من الاستعمار نفسه) على حد تعبير بوعلام صنصال، وليس غريبا أن تنطلق الاحتفالات الفنية من فرنسا يوم عيد سمكة افريل وكأن هذا الاحتفال مجرد أكذوبة.

    http://www.echoroukonline.com/ara/articles/127319.html