مقالات

استنساخ”التجربة الجزائرية” | عبد العالي رزاقي

يرى الكثير من المتتبعين للشأن العربي بأن ما يجري في مصر وسوريا هو “استنساخ” سياسي وأمني للتجربة الجزائرية بأسلوب حضاري، فهل يعني أن الجزائر بمنأى عن الربيع العربي؟

سوريا : الحل الأمني بدعم دولي

استفادت الحكومة السورية كثيرا من التجربة الجزائرية في مكافحة الإرهاب بحيث استنسخت “الحل الأمني” بالطريقة نفسها التي استخدمتها الجزائر بعد توقيف المسار الانتخابي، والاختلاف الوحيد هو أن المؤسسة العسكرية وقفت إلى جانب الرئيس بشار الأسد في مواجهة الضغوط الدولية، أما في الجزائر فقد ضحّت بالرئيس الشاذلي بن جديد، واختارت المراحل الانتقالية لـ “التكوين السياسي” للحكومة، وكانت النتيجة هي إنشاء نظام سياسي تعددي في إطار “الحزب الواحد” المتعدد المنابر، فهل تقبل المؤسسة العسكرية السورية التضحية بالرئيس حتى تتم الاستفادة أكثر من “الاستنساخ” للتجربة الجزائرية للحل الأمني للأزمة، خاصة وأنها بدأت بما يسمى عندنا بقانون الرحمة، وهل سيرقى إلى وئام ثم إلى مصالحة وطنية؟.

يبدو أن الاختلاف بين التجربة الأمنية الجزائرية والسورية هو أن الأزمة الجزائرية واكبت انهيار الثنائية القطبية “الاتحاد السوفياتي – أمريكا” بينما الأزمة السورية تزامنت مع عودة هذه الثنائية القطبية، مما جعل الروس والصين يقفان في مواجهة “العالم الامبريالي” الجديد، وعلى مستوى الإعلام فإن سوريا كانت موفقة لأنها استطاعت أن تحوّل”المقاومة” للنظام إلى إرهاب، عكس الإعلام الجزائري الذي كان يحوّل “العنف” إلى مقاومة لإسقاط النظام.

مصر والتمسك بمرشح العسكر

يبدو لي أن المؤسسة العسكرية المصرية تحكمت في سيناريو “التضحية بالرئيس مبارك ومحاكمته” عكس التجربة الجزائرية التي تركته حرا طليقا، ليقيّد استنساخ مجموعة من الرؤساء “لا حول ولا قوة لهم”.

فعلى مستوى إعادة إنتاج “برلمان الحزب الواحد” فضّل النظام الجزائري سياسة المراحل، بحيث أنشأ “مجلسا استشاريا” من ستين عضوا، ثم طوّره إلى مجلس انتقالي، ثم أنشأ حزبه ومنحه الأغلبية في البرلمان.

أما على مستوى الرئاسيات، فقد حول المتنافسين عليها إلى مجرد “أرانب” لمرشحه، بحيث أجرى أربع عمليات انتخابية رئاسية مستنسخة، مما أدى إلى الانفصال بينه وبين الشعب.

أما المؤسسة العسكرية المصرية، فقد فضلت أن تبقي على الإسلاميين في البرلمان، عوض أن تمنعهم من دخوله، مثلما حدث في الجزائر، ولكنها منعتهم من تنفيذ قراراتهم قبل تغيير الحكومة وتطبيق قانون العزل السياسي، وقلصت من التزوير في البرلمان، لكنها لم تسمح لنفسها بانتخاب مرشحها من الدورة الأولى، مثلما كان يفعل النظام الجزائري، مما أعطى مصداقية للانتخابات الرئاسية؟.

استفادت مصر من لجنة إنشاء دستور الثورة 1919م المكونة من 31 مثقفا مصريا منهم 8 أقباط ويهودي، وهي اللجنة التي وصفها سعد زغلول بـ “لجنة الإنقاذ”.

والسلطة الحقيقية في مصر تريد دستورا يكتبه ممثلو التيارات السياسية الموجودة في الساحة السياسية وهي:”التيار الإسلامي، والليبرالي، الاشتراكي والقومي”.

الهرولة نحو السلطة

وضعت نتائج الدور الأول لرئاسيات مصر 2012م الساسة والمتتبعين أمام خيار صعب، وهو “الإخوان أم العسكر”، مما جعل إحدى الصحف الجزائرية تصف هذه الحالة بـ “الكوليرا والطاعون”، وهي “صحيفة وقفت ذات يوم أمام إرادة الشعب الجزائري لدعم إرادة المؤسسة العسكرية”.

أعتقد أنه لأول مرة في تاريخ الوطن العربي يصل مرشحان إلى الدور الثاني، وهذا عمل ديمقراطي نعتز به، وإذا جرت مناظرة بين المرشحين، فإنها ستعطي شرعية للرئيس الذي يختاره الشعب المصري، بغض النظر عن دعم المجلس العسكري للواء أحمد شفيق الذي تولى رئاسة آخر حكومة لمدة11 يوما على الطريقة نفسها التي تولى بها اليمين زروال وزارة الدفاع ليرشح لرئاسيات 1995م.

ثلاثون حزبا مصريا منهم 14 حزبا ممثلا في البرلمان وقعوا “وثيقة العهد”، تضمنت 22 بندا في صياغتها النهائية، أهم بنودها هي التمسك بالدولة المدنية في المواطنة والمساواة أمام القانون، واعتبار الإسلام دين الدولة، وأن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، واحترام الفصل بين السلطات، واحترام الرأي والتعبير والحل السياسي وحرية البحث العلمي والإبداع الفكري والأدبي والفني.

ولكن الجديد في هذه الوثيقة أن أصحابها يقفون إلى جانب برنامج رئيس معين، وإنما يعتبرون وثيقتهم على “المرشحين” بل أن بعض بنودها تتعارض مع برنامج المرشحين، مثل البند11 الذي يطالب الرئيس بالالتزام بتشكيل حكومة ائتلاف وطني ترأسها شخصية مستقلة تحظى بإجماع وطني، والتزامه “بحظر أي تنظيمات سياسية أو أحزاب على أسس دينية أو طائفية” وإعادة محاكمة المتهمين، وعدم إصدار عفو عن المتورطين في جرائم بحق الشعب والثورة.

http://www.echoroukonline.com/ara/articles/131397.html

2 تعليقاً

إضغط هنا للمشاركة بالتعليق

  • التجربة الجزائرية لا يمكن إستنساخها في اي مكان آخر لأن المعطيات ليست نفسها في مصر ولا في سوريا.وإذا كان النظام السوري قد تمكن الى حد ما من فرض الحل الأمنى لمعالجة الغضب الجماهيري فهذا لا يعني أن المؤسسة العسكرية هي من يصنع الحدث في القطر السوري الشقيق.
    صحيح أن هناك مجازر ولكن في المقابل هناك قوة ردع حقيقية في هذا ابلد متواجدة في جميع المحافظات في شكل كتائب منظمة وهو ما ليس متوفرا عندنا لأن هناك فرق جوهري متمثل في أن من جهة هناك شعب إنتفض بقوة ولا يزال ينتفض في حين أنه في الجهة المقابلة هناك شعب مستسلم وراض بمصيره وكأنه يتلذذ بما يحدث له على وقع من المازوخية الغريبة.
    السوريون استطاعوا ان يوصلوا صوتهم للعالم ولا اضن ان الفيتو الروسي والصينى سيعمر طويلا امام هذه المأساة.
    اما في مصر فما حدث كان منطقيا.فحل البرلمان جاء بقرار من النائب العام وليس بفعل الجنرالات وهذه هي الديمقراطية.
    اما عن الجيش في مصر فلن يستطيع ان يفعل اي شيئ لأنه اذكى من ان يزج بفسه في مغامرة غير محسوبة خاصة أن امامه شعب عرف طريق ميدان التحرير عن طريق الملايين التى يدفع بها الى الشارع كل اسبوع.ولو كان في نية العسكر إطلاق الرصاص على المتظاهرين لفعلها منذ اليوم الأول وحال دون إسقاط الرئيس مبارك وهوما لم يحصل ابدا .وهذا هو الفرق بيننا وبينهم.
    كل ما يستطيع العسكر فعله هو ان يناور لعدة ايام او اسابيع على الأكثر ثم لا يلبث ان يرضخ لإرادة الشعب في النهاية كما حصل في 14 فبرائر.
    ولكن مشكلتنا نحن الجزائريين هو اننا لا نكتفي بعدم الإعتراف بفشلنا وهو ما يحول بيننا وبين تصويب مسرانا ولكن نتمنى الفشل للآخرين من باب المقولة الشهيرة:”المصيبة إذا عمت خفت”.وهو نمط من التفكير لا يليق بشعب يدعي بأنه شعب المليون شهيد
    وهذا يثبت أن التحولات الدائرة في الوطن العربي لا تروق للنظام الجزائري فحسب بل ليست مستساغة حتى لدي اؤلائك الذين يتغنون بالديمقراطية وهم ابعد الناس عنها.
    .

  • تحية للجميع و بعد،
    ما يتأسف له الانسان العربي عموما من المحيط للخليج هو سبات و تخاذل وتواطوء الطبقة المتعلمة على مختلف مستوياتها.
    فالأغلبية هم متواطؤون لأسباب كثيرة، و كأنهم يأملون استفادة شخصية بالتغيير ولوعن طريق الناتـــــــو.
    فنجدهم إما مِؤيدين للتدخل بالناتو أو في أحسن الظروف متناسين بلاوي الناتو، مما يثبت قبولهم بها وتاييدهم هــدم الأوطان و تفتيتها.
    سألني يوما رجل عربي جزائري عن سبب تخاذلنا واستسلامنا للعدو الخارجي الغربي الاستعماري القديم المتجدد فقلت : له يا أخي يعود ذلك للجهل المتفشي في شعوبنا العربية ……………. فضحــــــــــــك مقهقـــــــــــــــــا، قائلا متهكمــا : نحن الجزائر لدينا أربع أو خمس ملايين جامعي و ما دون ذلك أكثر، أين هم ؟ هل كل هؤلاء جهلة ؟ أين هم أساتذة الجامعات ؟ لا نطلب منهم سوى التنديــــــد
    علينا بالقوة العسكرية للدول الغربية مجتمعة. فلـــــــــــم نـرى و لا سمعنــا عن اعتصام أو مظاهرة أو أي نوع الاحتجاج في أي جامعة من جامعاتنا أثناء :1/ تدمير و احتلال العرق. 2/ تدمير قطاع غزة. 3/ أثناء تدمير واحتلال ليبيا. 4/ و هاهي سوريا تتعرض لنفس العدوان، وجميعنا يتفرج. و أساتذنا يتناقشون في قاعات مكيفة و كأنها قضية تعود للقرون الوسطى أو في كوكب آخر. بينما هي و الكل يعرف أنها مخطط استعماري و سيناريو يعرف أي شخص مبتديء في قراءة سياسة المخططات الاستعمارية القديمة و المتجددة.ولا يستطيع أحد من هؤلاء الأساتذة المحترمين التحدث عن مخططات بروتوكولات حكماء صهيون و لا عن توصيات و مذكرات هنري كيسنجر. صدقوني أني لم أستطع الرد عن تساؤلات و استهتار هذا المواطن البسيط المشحون وطنية وحمية وكرامة.