مقالات

كلمة لا بد منها اهمس بها في اذن الأمة | محمود حمانه

-عندما قرر ما يسمى بالجنرالات توقيف المسار الإنتخابي الذي كان النتيجة الطبيعية والحتمية للصراعات الطاحنة التى خاضتها الأطراف بغية الإستيلاء على السلطة غداة رحيل القوات الفرنسية وسولت لهم انفسم التطاول على ارادة الأمة وسرقوا منا فرحتنا واستكثروها علينا ,كان المبرر آنذاك هي حماية البلاد من خطر يتهددها دون تحديد لطبيعة هذا الخطر ودون ان يتركوا للناس الفرصة لإستيعاب ما حصل لهم وما سيحصل من كوارث ونكبات وما عليهم الا التحلي بالروح الوطنية والإستعداد للأسوأ حتى دب الذعر في نفوسهم و اصبحوا يتوجسون خيفة من كل شيئ ومن لا شيئ.وما زالوا ينتظرون رد فعل من اصحاب هذا القرار الذي حل بهم كالصاعقة دون سابق انذار ومن يبصرهم بحقيقة ما يحدث لهم لتبديد حيرتهم والوقوف على حقيقة هذا الزلزال الذي لم يتنبأ به ولم يعلن عليه أي مرصد.وكذلك قيل لنا حينما ارادوا التخلص من العقيد شعباني الذي رموه بالخيانة في حين كان يسعى لكي يعيد الى الشعب استقلاله المصادروالذي هب لنجدة البلاد من الخطر العلوي المفتعل الغرض منه خلق الظروف المناسبة لتفصية حساباتهم الشخصية على حساب ارواح الأبناء البررة ومن غيره من شرفاء هذه الأمة.

-مع ان جذور ألأزمة المتعددة الجوانب التى تعصف بالبلاد تمتد الى ما قبل التحرر من فرنسا ,إلا أن تداعياتها باتت اكثر وضوحا وايلاما لدى المواطن الذي لم يدرك إلافي تلك اللحظة انه في مواجهة استعمار جديد لا يقل دموية وخبثا عن نظيره الفرنسي وانه محكم علينا ان نقضي بقية حياتنا نتحسر على امالنا الضائعة و ما آل اليه حالناو نتبادل التهم ونتستر عن الحقائق ونحرفها ونحمل غيرنا مسؤولية فشلنا.ننتضر من يقدم لنا الحلول ويحارب بالنيابة عنا في الوقت الذي ركبت فيه الشعوب الأخرى قطار التغيير والحرية.فإذا اندلعت ثورة هنا او هناك كان اول رد فعلنا انهم استفادوا من تجربتنا القاسية.الكل استفاد منها ما عدا نحن ولا احد كلف نفسه عناء الخوض في اسباب ان نكون قدوة للغير من دون-وهذه مفارقى عجيبة-ان نكون قادرين على اكمال المشوار وشق طريقنا الى شاطئ الحرية .فإذا سألت احدهم عن العوائق التى تحول دوننا ودون تحقيق طموحاتنا المتمثلة في استعادة الأستقلال المسلوب كان الجواب ان الجزائر ليست تونس وليست مصر ولن تكون كغيرها من البلاد واننا نسعى وراء انتقال سلمي واهم ومزعوم للسلطة حجتنا في ذلك تفادي التدخل الأجنبي المضر بالبلاد وكأن ما حصل لنا وللبلاد يقل فظاعة عما يمكن ان نجابهه حينها.هذا صحيح ليس بمفهوم البطولة وانما كوننا قدمنا للعالم النموذج السيئ عن امة دب في اوصالها الوهن ,خائرة القوة تتحسس طريقها بكل مشقة في حيرة من امرها.امة تجد الكثير من الصعوبة في التستر عن جبنها وفشلها وضيق افقها وكبريائها الزائفة وتغذيها على الشعارات كبديل عن مشروع سياسي كان من المفروض ان يؤكد ما نردده من اننا مكة الثوار في حين اننا نحن انفسنا لم نعد نحسن الطواف حولها.فلم يبق لنا الا ذكرى من الحجر الأسود الذي –وكم هي كثيرة الحجارة السوداء في حياتنا-لا زلنا متعلقين به ليس بحكم قدسيته وانما كونه وثن من الأوثان تربينا عليها كالطفل الصغير او كالمراهق الذي يساق الى ما يراد له لأنه تعوزه الحكمة ويحتكم الى هواه ويفتقر الى اسباب المسك بزمام اموره بنفسه بحكم ثقافة الزعامة التي عملوا على تكريسها كبديل عن الوطنية.
إنه لأمر مخجل حقا ان ننحدر الى هذا المستوى من التخلف الفكري والتردي الأخلاقي إذ لم يبق لنا سواء التهكم على الآخرين والتثبيط من عزائمهم كي نوهم انفسنا بأننا ما زلنا الأفظل مع اننا لا ندري اي شيئ عن تاريخنا .نعيش ليومنا من دون ان تكون لنا آفاق مستقبلية بعدما ضننا اننا طلنا الثرية وبعد ان تغنينا بامجادنا وتوقفنا عند بطولاتنا فأهملنا مستقبلنا ومستقبل اجيالنا في غفوة من ضميرنا .امة تعيش على هامش التاريخ والتحولات الدولية عزاؤها دائما هو ان التغيير قادم وما هي الا مسألة وقت.خمسون سنة ضاعت من عمرنا ونحن ما زلنا نردد دون خجل او حياء:هي مسألة وقت.وسنظل نردد هذه العبارة ونمنى النفس الى ان يرث الله الأرض و من عليها.وهذه هي احلام اليقضة التى تشكل كل حاضرنا ومستقبلنا كما شكلت في الماضي امسنا وطبعت تصرفاتنا.
– المشهد السياسي الجزائري اشبه عندي بركاب سيارة معطوبة ينتظرون من يبادر بإصلاح العطب بها.وعندما يستتب ذلك يحاول كل منهم أن يصادر هذا المجهود بحجة انه لو لا فكرته لما تحركت السيارة لنسترسل في جدل عقيم وقد تناسينا ان المهم ليس من يبادر بالحلول وانما ان يكون ذلك تصور الجميع بعيدا عن الأفكار المسبقة والحساسيات الغير مبررة.
-عنما اندلعت ثورة الياسمين في تونس العام الماضي لم يضيع المصريون الوقت في البحث في الأسباب التى ادت الى قيام هذه الثورة ومن يقف وراءها ومن يدعمها او ان يختلقوا الأعذار لأنفسهم ولخيبتهم وانما كانت فكرة واحدة تدور في اذهانهم هي ان التونسيون ليسوا افطل منهم.وفعلا كان ميدان التحرير شاهدا على رجولتهم وعن صدق نواياهم وعن إستعدادهم لرفع التحديات المطروحة امامهم ليطيحوا بنظام عمر لسبعة عقود في غضون 18 عشر يوما فقط في حين ان جيرانهم اسقطوا نظام بن علي في 23 يوما.الرجولة والبطولة ليست تهديدات او كلام على صفحات الجرائد او حول طاولات النوادي والمقاهي وانما هي تعبير في الميدان عن تراكمات قرون من الحضارة والثقافة وان ما عدا ذلك هو ضرب من ضروب التهور وحماقة ما بعدها حماقة إذ بدلا من ان نستفيد من تجارب الأخرين شغلنا انفسنا بأمور جانبية لا تقدم ولا تؤخر في حين يمضي الآخرون نحو المستقبل بخطى ثابتة ونضل نحن نردد دائما:أنها مسألة وقت والتغيير قادم.
-الشعوب الأبية هبت للدفاع عن حقوقها عند اولى المحاولات للنيل منها:تونس التى طالما ازدرينا شعبها واصفين اياه بالجبن وخوفه من السلطات في حين ان هذه سمة حضارية لايتسنى لنا إدراكها في الوقت الراهن بفعل تهورنا وحماقتنا ولاننا ما زلنا غير قادرين على التمييز بين البطولة والفوضى, هب شعبها والهب البلد عندما تجرأ الرئيس بورقيبة في سنة 1979 على رفع تسعيرة الخبز في حين ان الزيادات في اسعار المواد الأكثر استهلاكا عندنا تضاعفت في بعض الأحيان الى اربع مرات سعرها الحقيقى وما نزلنا نردد ان كل شيئ على ما يرام على وقع مؤامرة كبرى تحاك ضدنا ساهمت ولا تزال تساهم فيها من تطلق على نفسها تطاولا النخبة الثقافية التى تعمل على صدع جدار الأمة كمعول هدم ولا تقل خبثا عن النظام الذي كان من المفروض ان تتصدى له والذي قاد البلاد الى الإفلاس وذلك على الأقل من باب الإحترام لنفسها ان لم يكن بدافع الوازع الأخلاقي في الضود عن مصير الأمة.
-عندما يتسنى لي التحاور مع العامة في محاولة لجس نبض المجتمع وقياس مدى وعيه اصدم بالمستوى المتدني الذي يؤول اليه النقاش دائما والذي لا يبشر بالخير ولا يوحي بصلاح امورنا الى درجة اننى لااقف عند هذه الحقيقة التى انتهيت اليها منذ عقود فحسب ولكنني اشعر بالخجل كون اننى انتمى الى هذه الأمة التى تنكرت لماضيها ولمبادئها وخانت عهد شهدائها وارتمت في احضان اعداء الأمس وتنكرت لأصدقائها وما بذلوه من تعاطف حيالها ايام محنتها.امة تقف عاجزة وهي تشاهد المحاولات الرامية الى طمس تاريخها وتقزيم ثورتها وتهميش رموزها وابطالها في صمت مريب و احيانا كثيرة بتواطؤ ممنهج حماية للبلاد من الأصولية والخطر الإسلامي …ثم نعود لنقول أن الغيير قادم وما هي الا مسألة وقت لأن الدعاية التى تبناها النظام غداة ما يسمى بالإستقلال عصفت بتفكيرنا لدرجة ان حقوقنا اصبحت في نظر قصيري النظر منة من الحكام يعطونها كما تعطى بطاقات الإستحسان لذلك التلميذ النجيب:السيولة النقدية كافية على مستوى المؤسسات المالية والحمد لله ,الكهرباء لا يجري قطعها الا مرتين في اليوم وكذلك الحمد لله والناس تتقاضى اجورها بعد مشقة الجهد المبذول اثناء تأدية عملها وعناء الوقوف في طوابير تكاد لا تنتهي في عز الصيف وقر الشتاء واموالنا توظف لمويل الحملات الإنتخابية لأحزاب في دولة عدو الأمس وتقدم هدايا للعاهرات في بلدان الغرب الصليبي وما زلنا نؤمن بأن التغيير قادم.التغيير قادم صحيح ولكن عندما تصبح الجزائر بلا مقومات يعافها من تسلطوا عليها وسامونا سوء العذاب لأنها تكون حينئذ لا تستحق كل المجازفات التى ركبها وتجشمها الطغاة من اجل بسط هيمنتها عليها كبنغلاديش او موزمبيق.
و تلك هي مشكلتنا.
محمود حمانه, موظف متقاعد-الجزائر

3 تعليقاً

إضغط هنا للمشاركة بالتعليق

  • فعلا المقال في المستوى والله ياخي لو تتعمق في المجتمع الجزائري وتري مستوي التفكير تصاب بالدوران والغثيان منهم من يقيم العزاء علي موت المقبور القذافي ومنهم من يبكي علي ايام بن علي ومنهم من يندب مع النصيري بشار والله يا اخي عجب وخلل اصاب تفكير سواد كبير من الشعب الجزائري تبا ثم تبا وسحقا ثم سحقا لقوم يمجدون الظلم بل لا يفرقون بين نهضة امة لتغيير واقعها وبين المؤامرة .الذي اراه في المستقبل الشعوب العربية تتنعم بالحرية والتطور اما نحن فنبقي نعزف على وتر المؤامرة وان غدا لناضره لقريب نتمني كل الخير و العافية لجزائرنا الحبيبة

  • عندما يكف الشعب عن عبادة هذا القزم المسمى بوتفليقة حينئد ينهض هذا الشعب من سباته انهم سموه المجاهد الاكبر و هو الذي لم يطلق و لو رصاصة واحدة ابان الثورة المجيدة , شعب منافق يشترى بزوج دورو شتان بين الشعب التونسي او المصري او الليبي او اليمني او السوري الذي يواجه الطائرات و الدبابات و كل شيعة العام و الله تمنيت لو كنت سوريا سنيا شعب الجزائري رضي بالهوان و الذل اصبح اختصاصي في الشيتة و التبندير لرئيس مغربي يحكم ارض المليون و النصف شهيد اريد ان ادفن راسي تحت الرمال