مقالات

نداء لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد | أحمد سيمزراق

يعجز اللسان عن وصف الأوضاع التي اَلت إليها الجزائر من جراء الحكم الفاسد الجاثم على صدر الشعب منذ نصف قرن,
يمكن تلخيص الوضع حاليا في انسداد سياسي و إفلاس اقتصادي و فساد اجتماعي وانحطاط أخلاقي و تخلف حضاري وتقهقر في التربية والتعليم والصناعة والزراعة إن لم نقل تعقن في جميع الميادين.
أما الماضي فحدث ولاحرج , بل نستحي أحيانا بذكره .
إنها ماسي بمعنى الكلمة تمثلت في قتل مئات الآلاف و قصف و تفجير مئات المنازل وتعذيب واختفاء عشرات الآلاف من الأبرياء واختلاس أموال طائلة وانتهاك حرمات ووو…
حدث هذا في الاستقلال وفي الوقت الذي نريد من فرنسا أن تطلب الإعتذار من الشعب الجزائري
بينما نحن الجزائريين لم يعتذر بعضنا لبعض نريد أن نحاكم فرنسا على أفعال ارتكبنا مثلها ولا زلنا نرتكبها ضد شعبنا وإخواننا.
يعذرني القارئ الكريم على التعبير بهذه الأبيات :
نحاكم فرنسا ونحن أولى نحاسبها التعذيب و نحن نُعذًب
حساب فرنسا إن كان واجب حساب الأقارب أولى وأوجب
ُيحاسب جلاد قد مضى دهره أما جلاد اليوم ليس يُحاسب
تعذيب المستعمر عرفنا أسبابه لكن تعذيب القوم ليس له سبب
نعيب على الأعداء مساوي قديمة ومساوئ القوم أسوأ وأقرب
أبناء فرنسا قالوا لأمهم من أجلك نحيا وإليكِ ننتسب
تعالي أهلا وسهلا ومرحبا بعودتكِ البلاد تُرحًب
نحبكِ أنتِ ولغتكِ وشعبك و البلد والى ثقافتك نرغب
ربتهم وقد رضعوا ثدييها سقتهم ومن كأسها شربوا
ِقبلتهم وساروا على نهجها و في الثكنات صغارا تدربوا
تراث الجزائر لايزال مهددا مادامت فرنسا بالوكالة تحارب
بالحديد والنار تقاد بلادنا وقنابل الذرة في الصحراء تجرب

إنهم أوقعوا البلاد في بؤرة من الفساد ليس من الممكن الخروج منها
بسهولة.
إذا تفحصنا التاريخ علمنا أن المعارك والثورات التي خاضها الشعب الجزائري وكذلك التضحيات الجسام التي قدمها , قد انطلقت كلها من مشاعر حبه للوطن وإيمانه بقضيته النبيلة ورغبته في بناء دولة مستقلة ذات السيادة يسود ها الحق والعدل والحرية قي إطار المبادئ الإسلامية.
لكن وللأسف مكائد الأعداء ما لبثت أن غيرت وجه الثورة وحرفت مسيرتها فانقلب الوضع رأسا على عقب وكانت النتيجة أن الاستعمار الفرنسي بعد انسحاب قواته العسكرية سنة 1962 ظل متواجدا سياسيا واقتصاديا وثقافيا بل استطاع أن يحقق في فترة قصيرة من الزمن ما لم يستطع تحقيقه طوال مائة وثلاثين سنة.
لذلك كان استقلال الجزائر مجرد شعار فارغ أو بالأحرى سراب يحسبه الضماَن ماءًا وعِوض قيام دولة الحق والعدل دولة الحرية والديمقراطية فوجئنا بحكم ديكتاتوري عسكري قي إ طار نظام علماني مخضرم يستمد جذوره و مناهجه من سلبيات العقائد والإيديولوجيات الغربية المفلسة البالية ابتداء من فرنسا مرورا بيوغسلافيا وألمانيا إلى الإتحاد السوفياتي والصين الشعبية.
ولقد أسفر هذا الوضع عن تدهور فاحش في شتى الميادين نتيجة الظلم والاستبداد والنهب والتبذير والفساد مما أدى إلى تجويع الأغلبية الساحقة من أبناء الأمة وإذلالها وتجريد بعض الفئات من كل القيم الإسلامية والنزعات الخيرية وها نحن نعاني إلى حد الاَن من تداعيات تلك الحقبة وما تلاها من فساد وظلم واستبداد فها نحن في وضع لا نحسد عليه و في بلد عار من القيم ليس فيه شيء يعجب لا حرية ولا إطعام من جوع ولا أمن أو ائتمان من خوف.
إن ما يجري الاَن في البلاد يوشك أن يفضي بنا إلى وضعية قد تكون أشد خطورة مما كنا عليه أثناء الاستعمار : أذكر على سبيل المثال لا الحصر نهب الثروات وتحطيم القيم , تفشي الرذيلة , الصحراء وما تحتويه من ثروات لم تعد للجزائر وحدها , صارت من الممتلكات المتنازع عليها , إعداد برامج تربوية لا تمت لحب الوطن ولا للإسلام بصلة , الخ
إن الوقت قد حان لإزالة الظلم وإقامة دولة الحق والعدل وإلا سنبقى في مؤخرة الأمم والشعوب إلى يوم يبعثون.
البلد على شفا حفرة من النار والانهيار والشعب تلاحقه الموت من كل مكان.
إذ ن ماالحل ؟
ألانتخابات ؟ ألانتخابات زوروها ولا يزالون مصرين على التزوير!
الحوار؟ الحوار مع من ؟ مع المافيا ؟ لقد رأينا كيف كانت المصالحة المزعومة التي قلًبت الحقائق واعتبرت المجرم ضحية والضحية مجرما ! المصالحة التي كرست الظلم وأهملت واجب الحقيقة والعدالة وفرضت الصمت وبث الرعب والتهديد ضد كل من يشكو أو يطلب حقه أو يتكلم عما يسمى بالماُساة الوطنية . أتعتبر هذه مصالحة ؟ ليست مصالحة بل مخادعة !
ألحل لايكون إلا بإسقاط النظام , الحل يكمن في الخروج إلى الشارع ولاشك أن كثيرا من عناصر الجيش والدرك والشرطة ينتظرون فرصة كهذه لينهضوا مع الشعب لأنهم أبناء الشعب ويعانون القمع والاضطهاد كما يعاني الشعب .
أين حب الوطن الذي كان يحرك الجماهير بالأمس القريب ؟ أصبح في خبر كان , ولا أتعجب في ذلك لأن حب الوطن من الإيمان والإيمان يكاد ينعدم هو الأخر.
لقد أصبح من السذاجة الاعتقاد بوجود دولة بمعنى الكلمة و لها حرية القرار.
يوجد جهاز قمع في الجزائر , توجد مافيا تحرس مصالح الغرب , الجزائر الاَن عبارة عن فريسة تكالبت عليها الوحوش من كل حدب وصوب , إنها ضحية نهب جماعي أفضى إلى غلاء المعيشة وإلا فكيف تصل الأسعار إلى هذه الدرجة من الغلاء في بلد ينتج البترول والغاز وثروات معدنية أخرى لا تقل أهمية في حين أن بلدانًا أخرى أقل إنتاجا وأكثر شعبا لم تصل فيها المعيشة ألى هذه الدرجة من الغلاء؟
لو حدث أقل من هذا في بلد غير المسلمين لثاروا وانتفضوا عدة مرات , فكيف يحدث هذا كله في بلد من وصفهم الله بخير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويؤمنون بالله ولم يحركوا ساكنا ؟
إن هذا لأمر عجيب !
يا شعب، يا أحفاد البواسل والأسياد، أين عهد الأجداد والشهداء الأمجاد؟ أين نخوة المروءة؟ أين روح الجهاد؟ أحيٌ أنت، أم ميّت، أم جماد؟ أفقدت السمع، أم البصر والفؤاد؟ ألم يكفِك الاستبداد؟ أم لك ضلع في الفساد؟ أم تنتظر يوم التناد؟! يوم الوقوف أمام ربّ العباد! طبعًا لا أتمنّى ذلك.

احمد سيمزراق
واقدوقو يوم الخميس 4 اكتوبر 2012
ahmed-simozrag-1