مقالات

الوجه الآخر للصراع الطبقي في الجزائر | محمود حمانة

الملاحظ أن الكثيرين لا يزالون يعقدون الآمال على النظام الحاكم في الجزائر,وبالتالي فهم يستمرون في مخاطبته ويستجدونه الحلول وسيقضون حياتهم كمن يركض وراء السراب.

محاولات إستعطاف النظام والتودد اليه لم تزده إلا تعنتا وغرورا وإحتقارالنا. خاطبه الكثير,فماذا كانت النتيجة أخيرا على سبيل المثال لا الحصر؟ إقراض صندوق النقد الدولي 5ملايير دولار في حين يتحجج بعدم وجود المال الكافي حينما يتعلق الأمر برفع معاشات المتقاعدين الذين إن تنازل وتكرم عليهم في نهاية الأمر وبعد جهد جهيد ومطالبة ومعاناة فب5دولارات بعد ان تكون صحافته المأجورة قد شهرت بنا وفضحتنا في كل مكان الى درجة أن التجار ضنوا أننا قد حضينا فعلا بزيادة معتبرة قي منحنا فلم يتوانوا برفع الأسعار..

رفعوا منح ابناء وارامل الشهداء والمجاهدين ككل مرة بشكل خرافي يوحي بأن هناك نية مبيتة لتكريس لصراع الطبقي بين ابناء الوطن الواحد.

عندما يتسنى لى مطالعة الصحف الصفراء للنظام (وهو ما لا افعله كل يوم ليقيني بأنها صحافة الكذب والدجل) وهي تتبجح بالرعاية التى يوليها لهذه الفئة,يخيل الي اننا غير واردين في سلم إهتماماتهم,وإلا لعاملونا بشكل اكثر إنسانية ولنلنا حقوقنا كما هو الحال في الدول المتحظرة التى تستمد قوتها من كرامة الفئات الهشة من خلال الرعاية المفرطة التى تحيطها بها .

لست ضد ابناء الشهداء ولا اراملهم لأنهم يستحقون اكثر من هذا ولكن اتسآل لماذا ولمصلحة من يعامل غيرهم بشكل مغائر تماما؟

الحقيقة أن هذا الكرم الحاتمي لايفرضه سواد عيون مستحقيه لأن للموضوع ابعادا اخرى لا علاقة لها بالجانب الإنساني الذي يمكن ان يتبادر الى ذهن المواطن البسيط فيضن بأن الدولة ساهرة على راحة مستضعفيها.

فهي من جهة تهدف الى ان تجعل من هذه الفئة الحديقة الخلفية لها تستنجد بها عند اللزوم فتوظفها لأغراضها السياسية باللعب على وتر الحس الوطنى ليقينها بأن النزعة الوطنية تغلب عليها فلا يمكن ان تتخلى عن دورها الوطنى حينما يخاطبها هذا الوطن فتنسى في غمرة تفاعلها مع شعورها النبيل بأن هذه القيم المسخرة من طرف النظام كلمة حق يراد بها باطلا لتصبح دون علم منها من اولياء الشيطان مناصرة للباطل ومناهظة للحق وبالتالي إمتدادا طبيعيا للطابور الخامس الذي يشكل القوة الظاربة التى تراهن عليها الدكتاتوريات في تمرير وتنفيذ مخططاتها.ولذلك كانت مساندتها للسلطة إبان المحنة الكبرى التى مر بها الشعب في التسعينيات من القرن الماضى تلقائية ولم تطرح لها أي إشكال لأنها تجسد في نظرها الوطن .

عندما إنفجرت الأزمة بين مصر والجزائر, وهما الشعبان اللذان لم تفرقهما السياسة وعفنها ودقت كرة القدم بينهما إسفينا, كشفت بعض المصادر المطلعة حقيقة مذهلة مفادها أن جمال عبد الناصر اوعز الى بومدين اثناء الثورة بضرورة رفع عدد الشهداء الى العدد المعروف “لأنكم ستحتاجون الى هذا في المستقبل “كما قال له.وهي النصيحة التى عمل بها بوخروبة على الفور لما وجد فيها من فوائد تخدم مصالح النظام الذي كان يعمل على قيامه في نهاية الخمسينات عندما كان بصدد تكوين الجيش الوطنى الشعبي بمنطقة غاردماو بتونس تمهيدا لإستلائه على السلطة.

عندما نعلم بأن العدد الحقيقي للشهداء هو 300 الف على اقصى تقدير,وهو الرقم الذي ثبته احد الحركي في برنامج الجزيرة”الإتجاه المعاكس”وهو العدد المنطقي,ندرك الأسباب الخفية للأهمية البالغة التى يوليها النظام لهذا الموضوع إذ أنه بعملية حسابية بسيطة بإمكاننا تحديد حجم الفوائد التى يجنيها من وراء تضخيم الرقم: 1500000-300000 تساوي 1200000, اى أن فائض الأموال المترتبة عن الفارق الناتج عن عملية الطرح يعود لصقور النظام بالإضافة الى الإمتيازات الكثيرة المترتبة عن ترسانة القوانين الخاصة بهذه الفئات.وهذا هو حجر الزاوية في كل الموضوع.

ومن هنا,ندرك دون عناء السر في كون أن الجزائر هي الدولة الوحيدة في العالم التى لا تزال وزارة المجاهدين موجودة بها والدولة الوحيدة كذلك التي يتزايد فيه عدد الشهداء كل عام بدل التناقص.
عندما يفتخر الأوروبي والغربي على وجه العموم,لا يقول بأنني مجاهد وأنه لولا أنا ما تحررت الجزائر وإنما يقول بأننى مواطن ادفع الضرائب ولا اتهرب من اداء واجباتي القومية. هذا هو المعيار الحقيقي للأمم الراقية التى لا تجعل من واجباتها المقدسة وسيلة إبتزاز وتميز على حساب الآخرين الذين قد يفوقوهم شرفا ورفعة وبطولة وتضحية وعلما وأخلاقا وإيباء.

. وهو تصور يعود بنا الى عهد الرومان حيث كانت الفروق قائمة بين الأشراف والعلماء والرعاع على خلفية النية المبيتة للسلطات الحاكمة في البلاد اليوم في تجزئة المجتمع الى فئات تغدق عليها من العطايا ليسهل عليها إستدراجها لتجعل منها قوات مساندة لها مع حرسها على تغذية الإنشقاقات بينها للحيلولة دون ان تتحول في يوم من الأيام الى قوة موحدة تهدد مستقبل النظام.
فلا غرابة اذا ان تطالعنا صحف الغد بأن المنتمين للفئات المذكورة اصبحوا يتقاضون مليار سنتيم شهريا!!الإزدواجية في المعايير لا تخفي وراءها الرغبة في الكسب الغير مشروع لأنه امر بديهي في الجزائر, بل تؤسس للصراع الطبقي على خلفية إستغلال من ضحوا من اجل الوطن بغية تمزيق الروابط الإجتماعية من جهة وحمل الناس على ان يكفروا بالثورة والثوار وهذا هو الأخطر فيما تذهب اليه القوة الخفية التى تتربص بالبلاد خدمة لمصالح عدو الأمس فرنسا عملا بنصائح الجنرال ديغول.

لقد فكرت طويلا فوجدت أنه ليس الثراء هو الذي يعنيهم-لو كان الأمر كذلك لتوقفوا عن تصرفاتهم الرعناء لأنهم جمعوا من المال ما يكفيهم واحفادهم واولادهم لخمسة اجيال قادمة على الأقل-ولكن المهم لديهم ان يضل المواطن محروما من خيرات الوطن التى يستفيد منها الآخرين خارج البلاد كي يظل مشغولا بمشاكله اليومية عما يدبر لهم ولهذا الوطن من مؤامرات.
اموال الشعب الجزائري حطت رحالها في حجر عاهرات امريكا بعد ان عرجت على فرنسا حيث مولت الحملات الإنتخابية المتتالية للحزب الإشتراكي هناك وسمحت قبل هذا للنظام بشراء ترسانات الأسلحة لمواجهة عدو لا نزال نجهله الى اليوم.ولكنه إتضح فيما بعد أن الأمر لايعدو كونه شكلا من اشكال إهدار المال العام من جهة وتنفيسا على القوى العظمى عن ضائقتها الإقتصاد ية طمعا في مساندتها مستقبلا.

بالإمس كان الإدعاء قائما على مكافحة الإرهاب واليوم فقد إتجهت اصابع الإتهام الى القاعدة بعد أن إنكشف زيف هذا الإدعاء كي يزجوا بالبلاد في متاهات جديدة لا يعلم مداها الا الله تعالى على وقع السيناريو الجديد الذي اعد ته المخابرات الأمريكية منذ زمان والذي يجري الإعد اد لتنفيذه بمساعدة عملائهم في المنطقة وعلى رأسهم النظام الدموي الحاكم في الجزائر الذي وجد نفسه مورطا في صراع لم يعد يحبذه قياسا بالنتائج التى ستكون وخيمة عليه دون شك بحكم أنه سيفقد في هذه الحالة السيطرة على الجبهة الداخلية لصالح اطراف تتحين الفرصة للإنقلاب على النظام.وهو الدور الذي لا يمكنه الإمتناع عن ادائه تحت طائلة التهديدات بفتح الملفات القديمة المتعلقة بجرائمه حيال الشعب والتى تم التسنر عليها من اجل متطلبات المصلحة.وهما أمران أحلاهما مر.بعد ان كان من اشد المتحمسين لها ومن دعاة الحل الأمنى في هذه المنطقة الجد حساسة المتاخمة لحدودنا نتيجة سوء تقديره للأمور لأنه يبد و أنه قد نسي أنه ليس في مواجهة شعب تعود أن يعطيه الحلول وينقضه من ورطته وإنما امام وضع جديد لا قبل له به قد يكون سببا في زوالهفأصبح اليوم ينادي بتغليب الحل الدبلوماسي في محاولة يائسة لوقف الحرب التى باتت وشيكة وتالتى تقض مضاجع النظام وتشكل هاجسه الكبير .وهو ما اسميه غباء العبقرية.

الخطأ ليس خطأهم بل خطأنا نحن كشعب الذين أهملنا في حق انفسنا اولا وفي حق ديننا ثانيا وفي حق الوطن اخيرا لأن الشعب وحده كفيلا بصنع التغيير إذا كان على قدر كاف من الوعي بحيث يضع نصب عينيه أن للحرية ثمنها وللكرامة مهرها وأنه لا صوت يعلو فوق صوت الحق وأن الشعوب لا تهزم ابدا إلا من قبل نفسها حينما تشكك في قدراتها الذاتية وتعادي القيم وتتجرد من الضمير فتكون وجهتها محاباة السلطان ود يدنها النفاق وإتخاذ السخرية واللا مبالاة كآخر ملاذ لها.

حمانه محمود | موظف متقاعد-الجزائر

كلمات مفتاحية

9 تعليقاً

إضغط هنا للمشاركة بالتعليق

  • والله يا أخي جمانة العزيز ,إن القلب ليحزن و إن العين لتدمع من جراء قراءة مقالك المنير للحقيقة.و مايزيدني ألما هو لما أرى من بين هؤلاء المنتمين ل1200000 بعد عملية الطرح ,المدعو أحمد (زورا) يكتب عبثا ليل نهار من أجل تبييض صورة المجرمين القتلة الغاشمين على صدورنا.نعم أخي حمانة العزيز,إنه لمن السفاهة و الذل إستعطاف قتلة الصبيان و النساء و الشيوخ لان هذا زادهم إحتقارا لنا ككل,و لكن حان الوقت لكي يفهم من لم يفهم بعد بأن الحرية لها ثمن و ثمنها التضحيات الكبار.
    اللهم عليك بالعملاء و الخونة و الجنرالات الحركى,اللهم ارنا فيهم عجائب قدرتك.آمين آمين ىمين

  • اخ حمانة لقد وضعت يدك على الجرح. هدا ما يدمي القلب وكم من السنين و الناس تطالب بالعدالة . انها العنصرية والله. وان احتج شخص فهو خائن وعدو . هدت اهدار للمال العام. وحق للشعب كله . ومرة اخرى اقول . لقد احسو بدنو العاصفة فزادو في قيمة الرشوة لشراء دمة هده الفئة لقتال الفئة الثائرة تحت شعار الوطنية. حسبنا الله ونعم الوكيل

  • ست ضد ابناء الشهداء ولا اراملهم لأنهم يستحقون اكثر من هذ……لا اوافقك الراي بتاتا, فاولاد المجاهدين واراملهم الحقيقيين تجاهالتهم الحكومة منذ 1962
    اما من نراهم فهم اكلة السحت. فهذه دراهم الحرام لان مصدرها ياتي من عند المنافقين الذين يقسمون بينهم ريع البترول وبعد دراسة ملف المستفيد بدقة لانهم يعرفون اولاد احبابهم جيدا
    الا تخجل رجل شارف الاربعين والخمسين وهو يطلب رعاية من الدولة اظن الجدربالمساعدة هو المعاق واليتيم والمطلقة والبطال

    • سلام .اخ chmisou. اولا اقسم بالله عزو جل ما اقوله صحيح و لا انقص. امي العزيزة علي ابنة شهيد عمي شهيد اعمامي. مجاهدين ابي شارك في الثورة ولم ياخد يوم سنتيم واحد . خالي شهيد. يعني انا استفيد بطريقة من هده الاموال لكن الحق هو الحق اقوله ولو على قطع رقبتي . هده اموال الشعب. اي معطوب و فقير من هده الفئة يجب مساعدته اما توزيع المال العام عليهم كانها غنيمة . لا والله هدا تبدير. لو رجع جدي وخالي وعمي الشهداء ما رضوا بهده . اما قولي ان نظام يرشي هده الفئة . مازلت على قولي . ولتعلم والجميع يعلم ان الكثير من هؤلاء لم يشاركو في الكفاح يوما واحدا. . ولقد استغل النظام الكثير منهم في مرحلة التسعينات اما غصبا او طوعا لقتال الشعب ونعرف الكثير منهم من ارتكب جرائم ضد الانسانية يندى لها الجبين. الميليشيات فعلت الافاعيل . في منطقتي المئات اخدو من البيت ظلما و عدبو واعدموا . باسم هده الفئة . هدا نا اقصده.

  • انا معك يا اخ رزقي كون أن المجاهدين الحقيقيين وابناء الشهداء لم يستفيدوا من اي مساعدة من طرف الدولة,ولكنى استعملت عذا التعبير بصفة مطلقة كونها الفئة التى تحضى بالرعاية من طرف السلطة.
    انا اخي ايضا كان يعمل مسبلا في المنضمة المدنية بفرنسا وهو يعاني من اثار المهام الخطيرة التي كلف بها ومع هذا لم يستفد من اي منحة.قدمت له انا شخصيا ملفه الذي اودعته على مستوى مديرية المجاهذين سنة 1981 وضاع الملف في كل مرة.
    ولولا لطف الله وعمله كمغترب بفرنسا لكان مصيره الفقر.
    لدي اكثر من مثال يمكن ان اذكره ولكن لا يتسع المجال لذكرها

  • الشيء الذي لم أفهمه و لم أهضمه هو تعريف كلمة مجاهد و التي تعني الجهاد في سبيل الله أي أن المجاهد الحقيقي لا ينتظر مكافأة من الحكومة لأن مكافأته في الآخرة و ليس في الدنيا إلا إذا كان معطوب حرب و غير قادر على العمل فهنا يستحق منحة. ثم بحكم عملي في مدينة عنابة فقد وجدت أن كل حانات المدينة (bars) تنتمي إلى المجاهدين الذين أخذوها بالقوة من المعمرين إبان الإحتلال و قد ورثوها عنهم أبنائهم فكيف للمجاهد في سبيل الله و الوطن أن يفتح حانة تباع فيها الخمور. في الأخير أحي صاحب هذا المقال الجريء و الأكثر من رائع حمانة محمود.

  • ماورد في المقال فيه بعض التجني على فئة أبناء الشهداء خصيصا
    يشهد الله على ما أقول أني إبن شهيد وزوجتي هي الأخرى بنت شهيد وأمها سلبت من حركي قبل استشهاد زوجها الشهيد ولازالت لحد الآن كذلك لآنه لاأهل لهل..
    وضعيتي الحاليه ـ مدقعه ـ حيث أني متقاعد براتب شهري أستحي من ذكره…أنا الآن اسكن سكنا وضيفيا من15سنة ومهدد بين الحين والآخر بإ خراجي منه …في نفس الوقت أعرف شخصين اثنين من أبناء الحركى ـ مع احترامي لهما ـ استفادا من التنازل عن السكن الوظيفي…للتذكير لم أستفد من أي شيئ……………..ومع ذلك اسمع وأقرأ بين السطور ما يجعلني في حيرة من أمري
    يا أخي الكريم يكفيني وأمثالي “حقرة” الدوله
    أنا لاأدافع عن هذا النظام أبذا أبذا..ولكن خافوا الله فينا ولاتزيدونا هما آخر……
    هل تؤمن حقا بأن أبناء الشهداء سوف يستفيدون من كذا وكذا وكذا؟ أبدا ولن يتحقق ذلك على الإطلاق لأنها مجرد إشاعة من أجل أن يكرهنا عامة الشعب، ولعلمك يا أخي العزيز أن __ الحركي الذي قتل والدي موجود في الجزائر العاصمة وحسب علمي ـ والله أعلم ـ هو من تلك الفئة الضاله، الفئة التي لاتشبع ـ مجاهد مزيف ومعروف
    بعد هذا..نصنف ابن الشهيد في أي خانه…………مع احتراماتي الشديدة لك وللجميع