مقالات

سقوط الطواغيت بين عزم الرجال ونعيق الرعاع | محمود حمانة

عندما إندلعت الأزمة في سوريا قبل سنتين,لم يكن احد يراهن على قدرات الشعب السوري الشقيق في التصدي لجبروت آل الأسد الذين تدعمهم إسرائيل ويدعمهم بالتالي المجتمع الدولي ومن والاهم من الطوغيت في هذا العالم وعلى رأسهم العملاء العرب بكل تأكيد.
عندما اتكلم عن العملاء ’لا اعنى اولائك الذين جاؤوا الى السلطة على ظهر دبابة ولكن عن جيوش من اشباه المفكرين والإعلاميين ودعاة الفتنة والإستئصال من اصحاب الأقلام المأجورة في خدمة الدكتاتوريات ليس على مستوى الوطن العربي فحسب بل على الصعيد الدولي والذين يشكلون الحديقة الخلفية والقوة الضاربة للإستبداد من خلال افكارهم المسمومة التى تطفح بها وسائل الإعلام على مدار الساعة.

عندما أقدم الشهيد بإذن الله تعالى محمد البوعزيزي في تونس على الأنتحار حرقا,إحتجاجا على الأوضاع المزرية التى كان يعيشها وغيره من التونسيين,إيذانا بإندلاع التغيير من خلال ما عرف بالربيع العربي,كانت اول ردود الفعل عندنا قبل ان يتفجر الشارع التونسي غضبا هادرا قضى على عهد بن على’في سابقة تاريخية كان لها كل الفظل فيما يجري حاليا من حراك سياسي في الوطن العربي ادى التى سقوط الأنظمة المتداعية:هل ما قام به هذا الشاب المغلوب على امره حلالا ام حرام ناسين او متناسين أنه شاب كغيره من الشباب يطمح هو الآخر في الحياة الهادئة وأنه لم يختر المصير الذي آل اليه بل دفع اليه دفعا من طرف أعداء اليوم من ما يسموا مجازا الحكام العرب.هذا الحكم بظاهر الأمور هو سمة شعبنا الذي يأبى أن يردى الحقيقة المجردة ويعمل على إسناد الوقائع الى غير محلها بحجج واهية ليخفي من ورائها عجزه وعدم رغبته في الغيير والتطلع الى المستقبل اسوة بجيرانه لأنه الف التعايش مع الذل وركن الى السلطان.

عندما إندلعت ثورة الياسمين في تونس,كان المواطن الجزائري موزعا بين معجب بها وهم قلة وبين متردد في تحديد موقفه منها بسب جهله بالأمور السياسية وعزوفه عن الخوض فيها كونها مضيعة للوقت وبين مناهض لها صراحة .

في وسط هذه الظروف التى إتسمت بالحذر والترقب من جهة وبين ألإنحياز المعلن لنظام الجنرالات في الجزائر لصف نظيرهم التونسي,بدأ الإعلام الموجه يشحذ سكاكينه للإنقضاض عليها وضرب مصداقيتها والتقليل من شأنها ومن تأثيراتها على الوضع السياسي في بلادنا خوفا من أن تصاب الأمة بعدوى البطولة والرجولة وأطلقت العنان لقريحتها التى جادت بكل ما هو غير معقول ومناف للأخلاق والأعراف الدولية وكأنه ليس هناك من خطر يتهدد الجزائر إلا من جهة جارنا بالأمس الذي طالما تغى الإعلام بتاريخنا المشترك وإختلاط دماء الشعبين ذات عام في مشوار نضالنا ضد فرنسا المحتلة عدوة الأمس وصديقة اليوم….فغلقت الحدود وشددت الرقابة على مختلف المعابر وصور الوضع بأنه متوتر للغاية وكأن القصد من وراء هذا التهويل حمل المواطن على الإعتقاد بأن ما يحدث في تونس جلب لنا المتاعب ويهدد امن البلاد وإستقرارها كون أن الباب اضحى مفتوحا على مصراعيه لولوج عناصر القاعدة…حتى يتوجس خيفة منها وينتهي به الأمر ليناصبها العداء.

وبعدما التساير الخاطف للإحداث وسقوط الأنظمة تباعاوالتى لم يول جهدا في دعمها دبلوماسيا وعسكريا مثلما كان الحال مع ملك ملوك إفريقيا صاحبنا” القذافي” الذي لم يتورع عن وصف شعبه بالجرذان والقمل, وجد النظام الجزائري نفسه يكاد يكون معزولا وبدأ عجزه في التستر عن الأوضاع واضحا فلم يبق له غير رفيقه بشار الذي آل على نفسه ان يؤازره الى آخر لحظة لينظم الى جوق الرافضين لسقوطه لسبب بسيط هو انه زواله يعني بكل بساطة نهاية النفوذ والقضاء على آخر معاقل الشيوعية في الوطن العربي بالنسبة للبعض ونهاية الوجود السياسي بالنسبة للبعض الآخر الذين ظلوا يستمدون فرص البقاء من صمود النظام السوري الدموي الذي لم يستطع النيل من عزيمة الرجال رغم تواطؤ المجتمع الدولي ومختلف اشكال الدعم التى تقدم له لتأجيل سقوطه المحتوم الى حين…
لابد أن النظام المجرم في الجزائر بدأ يتحسس رقبته بعدما بات سقوط بشار في حكم الشيئ المقضي به والذي طالما دعمه على حساب ويلات الشعب السوري الشقيق, كما دعم غيره من الأنظمة المستبدة من قبل ,يعني بداية النهاية بالنسبة له. فكل طاغية يطاح به في هذا العالم كالزلزال تكون له هزاته الإرتدادية على الطواغيت في الجزائر ولا شك أن خبر محاصرة بشار حل عليهم كالصاعقة’خرست الألسنة وتغيرت المعطيات ووجد ت الصحف التى تسير في ركاب السلطة نفسها في حيرة حيث خانها التعبير ولم تسعفها فراستها في إيجاد المبررات لهذا التطور الغير وارد في حساباتها والذي يدحض اكاذيبها ويكشف عجزها عن الحيلولة دون إنهيار نظام دمشق الذي قيل عنه وعن بشاعته الكثير ولكن عزيمة السوريين كانت اقوى من كل الخيانات ومن كل عمالة وتواطؤ فقدمت الدليل على أن إرادة الشعوب لا تقهر مهما كانت موازين القوى غير متكافئة طالما ظلت العزائم قائمة والإيمان بعدالة القضية متوفر كأهم حافز مكن الجيش الحر من الصمود في وجه كل التيارات المناهظة لقضية السوريين الذين طالما عانوا من ظلم وجور النصيريين وجحود الأنظمة العربية وسكوت المجتمع الدولي حيال الفضاعات المرتكبة في حق امة لم تتطلع لغير العيش الكريم.

السوريون صبروا وثبتوا في مواقفهم وأنتصروا لأن تخطي حاجز الرعب من السلطة هو في حد ذاته إنتصارا بغض النظر عن كل الإعتبارات الإستراتيجية في الميدان والتى يسطر الجيش السوري فيها اعظم الملاحم كما فعلوا مع التتار والصليبيين من قبل ومع فرنسا في آخر مواجهة لهم للإتسعتمار في العصر الحديث.

إن اي تقدم يحرزه الجيش السوري الحر هو بمثابة إعلان لنا في الجزائر بأن التغيير قادم وأنه علينا ان ننتفظ نحن بدورنا للإنعتاق من الكابوس الذي لازمنا اكثر من نصف قرن,وفوزا ليس على نظام إقطاعي جثم على صدورهم اكثر من اربعين عاما ولكنه إنتصارا على إيران الساعية الى نشر الفكر الشيعي في المنطقة تحت مسمى دعم المقاومة الفلسطينية وروسيا التى تسابق الزمن من أجل الحفاظ على موطئ قدم لها في بلاد الشام كآخر معاقلها في الوطن العربي بعد إنكسار شوكها في أفغانستان وغرقها في المستنقع العراقي وتضاؤل وجودها هناك لصالح القوى الجديدة المتنامية والتي تسعى لكي لها هي الأخرى مناطق نفوذ بصفتها قوى لها وزنها الإقتصادي في العالم(الصين-اليابان-كوريا الخ….)
الشعب السوري في طريقه لتحقيق نصر مدوى ولكن الوضع في الجزائر ما زال يراوح مكانه وسيظل الطواغيت يستمدون قوتهم من ضعفنا طالما بقينا غير واعين بقدراتنا على تغيير الواقع المفروض علينا والذي لن يغيره احد سوانا وطالما ظلت الضحية تتبنى الدفاع عن الجلاد تحت مسمى حماية الوطن من التدخل الخارجي,وهو شعار إتضح أنه اكبر كذبة سوقها النظام لحد الآن وصدقها مع كل اسف من تعودوا القفز فوق الحقائق ليس من بين المستفيدين من ريع النظام فحسب ,فهذا امر طبيعي,بل من لدن السواد الأعظم من الناس الذين لا يفرقون بين الوطنية وموالاته للطاغوت بفعل التأثير السيئ للدعاية المغرضة التى إنتهجها النظام منذ فجر ما يسمى بالإستقلال.وهم في هذا يريدون ان يكونوا ملكيين اكثر من الملك بفعل الحرس المفرط الذي يتسمون به في محاولات مفضوحة لقلب الحقائق والإلتفاف عليها على حساب حرياتهم هم بالدرجة الأولى وعلى حساب مستقبل الأمة.

نشكرالجيش السوري الحر ونشد على ايدي رجاله وثقوا بأنكم لاتقاتلون من اجل تخليص سوريا من سرطانها ولكن بالنيابة عن كل المستضعفين في الأرض.نشكره بالذات لأنه كسر المنطق السائد في اوساط الجماهير والقاضي بإستحالة مقاومتها للدكتاتوريات ,وهي الفكرة التى عمل على تكريسها كأكبر العوائق في طريق التحرر إذ أن الإستعمار الجديد في ديار الإسلام تمكن لحد الآن من نقل القيود من الأطراف الى العقول وهو اخطر اشكال الإستعباد كونه يجعل الضحية اكثر إقتناعا بواقعها فتقبله دون نقاش وهي راضية به كل الرضا فتصد كل مبادرة حرة لا تتفق مع الطرح الرسمي الذي يصورها على اساس أنها اعمال تهدد الأمن القومي تقف وراءها قوى معادية تتربص بالبلاد.

نشكر السوريين ايضا لأنهم يخوضون حربا شرسة ضد العالم كله:يصارعون ازلام النظام القائم في الداخل ويتصدون لطيران السلطة الغاشمة الحاكمة في البلاد والساعية لهولوكست يشبه ذلك الذي تعرض له اليهود اثناء الحرب العالمية الثانية ولو جزئيا على الأقل طالما اصبحت تحوم الشكوك حول الهالة التى احي طبها هذا الموضوع بسبب الإفراط في تضخيم مأساة اليهود الذين تعرضوا للقتل شأنهم في هذا شأن اي شعب من الشعوب التى وقعت تحت رحمة الألمان . نشكر السوريين ايضا لإنهم اداروا المعارك بمهارة فائقة وذكاء وفطنة كبيريين وأستطاعوا بفظل خبراتهم العسكرية أن يحولوا مسار المعركة لصالحهم ولم يستسلموا لليأس ولا لما كانت تنقله وسائل الإعلام المناهظة للثورة من طرهات اثبتت التجارب أنها لم تكن سوى حرب نفسية القصد منها تثبيط عزائم السوريين للتخلي عن مقاتليهم وإدخال الإرتباك في صفوف هؤلاء كي يستسلموا للواقع الذي طالما سعت إسرائيل ومن يساندها من الغرب الصليبي لتكريسه كجزء من المعادلة الإستراتيجية في المنطقة حتى يبقى توازن القوى يخدم مصالحها ليس فقط وسط صمت عربي مريب ولكن بتواطؤ صريح ممن يدعون تحرير القدس وحماية المقدسات.

نشكر السوريين بالذاتكونهم لم يضيعوا اوقاتهم في البحث عن الذرائع للتغطية عن فشلهم في مقاومة الطاغوت وعدم رغبتهم في التضحية وإحجامهم عن مقارعة النظام في الشوارع والساحات والدخول ضده في سجال عسكري, بل إمتشقوا الحسام وخاضوا المعارك وأستبسلوا فيها مستمدين شجاعتهم وعزمهم من تجارب غيرهم التى لم يحاولوا تقزيمها والنيل منها ومن مصداقية اصحابها متوكلين على الله دون الإلتفات الى من يقف وراء النظام السوري ومن يدعمه في الداخل او الخارج,وهذا هو بالذات سر نجاحهم وتفوقهم…وبالتالي,سيكون إنتصارهم عدة إنتصارات في إنتصار واحد اهمها الإنتصار على أعداء الداخل الذين هم اخطر على الأمة الف مرة من العدو التقليدي وجهاده يتطلب جهودا مضاعفة ومضنية ومواجهة مواقف غاية في الحساسية كون أن اعداء اليوم من أبناء جلدتنا نتقاسم معهم الهوية ونختلف معهم فيما تبقى من القيم التى لا يؤمنون بها ويناهظونها دون ضمير ولا مراعاة للأخلاق ولا حتى للقيم الإنسانية…

وفقكم الله تعالى وسدد رميتكم والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

محمود حمانه,موظف متقاعد-الجزائر

كلمات مفتاحية

3 تعليقاً

إضغط هنا للمشاركة بالتعليق

  • سلام
    جزاك الله خيرا. اخي. حمانة . والله لقد قلت الحقيقة وما. بقاء هؤلاء العجائز المقعدون مسلطون فوق رؤوسنا. الا بدعم. العبيد والمرتزقة لطالما. قلت. انهم. اشد. خطرا. من العدو الخارجي لقد صدعت بالحق. وازيد اقول. للعبيد. اننا. في. سفينة. واحدة ربانها داهب. بها. الى. الهاوية وانتم تحولون دونهم وتمنعون من يحاول. اخد المبادرة لانقاد الجميع.. ادا الشعب. النائم. استيقد يوما فسيغرقكم مع من تحولو دونهم .. يا. عبيد. اتعضو . السعيد. من. تعض بغيره. والشقي من اتعض. بنفسه ..
    ان. اي. ثورة يكون. وقودها. الجياع. والفقراء وانتم تدافعو عن اربالكم للحفظ على مكتسباتكم فان. ناض. الجياع. لن. تبقى. لكم. قائمة لا. فيلات. ولا. محلات. ولا سيارات. انظرو. الى مدينة. حلب. كيف. كان. سكانها. في. رغد. من. عيش. طوال. سنة. ونصف. والشعب. السوري. يقتل واهلها.صامتون. صمت اهل الكهف .. اين. هم. الان. لاجئين يهيمون على وجوههم في البراري بيوتهم اصبحت. خراب اموازهم. نهبت. محلاتهم. هدمت. كان حلب لم. تكن. من قبل. عاصمة. المال. والاعمال…اهلها. دفعو. ثمن. تواطئهم مع. قاتل شعبهم.. اثرو. رغد. العيش. على. حرية. شعبهم. …خدوها. عبرة. يا. عبيد

  • الشهيد بإذن الله تعالى محمد البوعزيزي في تونس على الأنتحار حرقا ,,,, هذا فقه العوام و الغوغاء

    أقول لكم إستقيموا أنتم أولاً ثم أصلحوا كل من عليكم سلطة عليهم, بعد هذا الإصلاح الجذري يصلح لكم ولاة أموركم,
    التغيير الحقيقي من الأساس لا من الرأس

  • مشاء الله. عليك. لا. انت. مستقيم و خلاص. اشتريت. تدكرة. و ضمنت الجنة . ما انتم. زلفية العصر. الحديت كل من اطاع ولي امره دخل الجنة وكل من سمع خطبة لمفتي ال سلول. دخلوكل . من. لبس لباس بدو الحجاز يعني. صار من اهل الايمان. ودخل. الجنة ..
    يا لا غباوتكم انت. نتاج الجهل المطبق وانصحك ثقف نفسك شوي